خطف المسلحون ابنتها في العراق ووجدت العلاج في أستراليا

Doha's daughter Nour

Doha's daughter Nour, who is receiving treatment in Australia. Source: Doha's family

تركت السيدة ضحى* خلفها في العراق تجربة أليمة وأتت إلى أستراليا لتجد العلاج لنفسها وعائلتها


تجلس السيدة ضحى مع ابنتها نور البالغة من العمر 8 أعوام في أحد جلسات العلاج في مؤسسة foundation house المختصة في التعامل مع الأشخاص الذين مروا بصدمات قاسية أو تعرضوا للتعذيب.

جلسات العلاج تلك ساعدت نور وأمها في التعافي من التجربة التي قلبت حياتهم رأسا على عقب في بلدهم الأم العراق: "نحن صراحة من المحظوظين لأننا وصلنا إلى أستراليا، بلد الأمان والخير التي تفتح يدها للكل، ونشعر الآن أننا فراشات تطير."

وصفت ضحى حياتها الجديدة في لقاء مع أس بي أس عربي24: "الحمد لله قطعنا أنا وابنتي ثلث رحلة العلاج."
لم تكن ضحى تتخيل ترك حياتها في العراق والمغادرة، فهي أم لطفلين، زوجها يعمل خارج المنزل، وهي تبقى داخله لرعاية الأسرة. لم تكتف بذلك بل فكرت في كيفية المساعدة في زيادة دخل العائلة: "فتحت مشروع خاص للحلويات من المنزل لأدعم زوجي به، حتى وقعت الحادثة لابنتي."

كان هذا في عام 2014، حيث تعرضت المنطقة التي تعيش فيها ضحى إلى تدهور سريع للوضع الأمني، لكنها لم تتخيل أن يطالها هي وابنتها.

وقالت "كان يوما عاديا، أخذت ابنتي لأوصلها إلى المدرسة مشيا على الأقدام، فوجئت بتوقف حافلة وسدت علينا الطريق وحاولوا اخذ ابنتي." بدأ صوت ضحى يتقطع بالبقاء وهي تتذكر أحداث اليوم: "حاولت أن اتمسك بها، لكن أحدهم ضربني بالسلاح على رأسي، واخذوا ابنتي ورحلوا."

وأضافت "أكثر شيء يؤلمني أنني لم استطع الحفاظ عليها في مثل هذا الظرف، كان هناك أشخاص شاهدين على الواقعة ولكن لا يستطيعون مساعدتي في مواجهة المسلحين."

ظلت ضحى في حالة تشبه الحلم لمدة أسبوع، وعندما استفاقت كانت غير قادرة على تجاوز لحظة فقدان ابنتها: "توقف لدي الزمن عند اليوم الذي أخذوا فيه ابنتي."

استمرت المعانة خمسة أسابيع كاملة في انتظار معرفة أي أخبار عن البنت: "خمسة أسابيع من الألم والمعاناة لا أتمناها لأي أم وأب، مرت كأنها خمسين عاما."
Nour with friends in Australia
Nour with friends in Australia Source: Doha
جاء الاتصال من الخاطفين طلبا للفدية، ولكن ذلك لم يهدئ خاطر السيدة ضحى بخصوص سلامة ابنتها، حيث شرحت قائلة: "كان الأمل ضعيفا لدي أني ساسترد ابنتي على قيد الحياة، فكثيرا ممكن كانوا يتعرضون للخطف، يُقتلون حتى بعد دفع الفدية."

كان لدى الأسرة تحد صعب لجمع المبلغ المطلوب وهو 100,000 دولار: "مع المفاوضات، وصلنا معهم إلى 50,000 دولار، وعندما قلنا لهم أننا لا نملك هذا المبلغ، قالوا لنا أن علينا رهن المنزل وهو ما فعلناه."

خرج الأب في الرابعة عصرا إلى المكان المتفق عليه، ولكن تم تغيير الاتفاق عدة مرات: "كنت في حالة هلع، فلم يعد زوجي حتى الواحدة صباحا، وخلال فترة الانتظار تلك اعتقدت أنه قُتل هو وابنتي."

عادت نور إلى أحضان عائلتها ولكنها كانت فاقدة للنطق، واستمر هذا الحال حوالي ثلاثة أشهر حتى بدأت تتكلم كالأطفال، كما تقول والدتها.

وقالت ""خضعنا لعلاج مكثف أنا وهي، لأنه كان مطلوب مني أن أكون أم قوية ولا أظهر ضعيفة أمامها حتى لا تشعر أنها ضعيفة." وأضافت "تم تشخيصها أنها تعاني من انهيار عصبي حاد."
خلال تلك الفترة بدأ الأب في البحث عن فرص للخروج من العراق: "الوضع كان يزداد سوء وبدأ يبحث عن فرص للدراسة لنستطيع الخروج من البلد، وتقديم مساعدة أفضل لابنتنا، وتحسين الحالة النفسية."

وصلت العائلة إلى أستراليا عام 2015، بعد أن حصل الأب على فرصة للدراسة، وبدأت الأم في الانتظام في دورات تعليم اللغة الإنجليزية المجانية للواصلين حديثا.

اما البنت نور، فبدأت الأسرة في البحث عن مدرسة داخل أستراليا تقبلها: "المعلمة التي كانت تدرس لنا الإنجليزية ساعدتنا، وأرسلتنا إلى مدرسة كاثوليكية وافقت على تبني حالة البنت والتكفل بدراستها."

وأضافت "كما عرفتنا على منظمة foundation house والتي تبنت علاج نور لمدة ثلاث سنوات."

ساعدت المنظمة الأسرة من خلال جلسات شاركت في الأم والبنت، وكانت تشمل الحديث عن المشاعر والتعبير بالرسم وغيرها من طرق علاج الصدمات.

تتذكر ضحى إحدى الجلسات التي أثرت فيها: "رسمت نور أنها في مكان وأنا في مكان تاني بعيد، وهي تمد يدها لتحاول الوصول لي." وقالت "كانت تلك أقوى جلسة بالنسبة لي، لأني كأم كنت أشعر بالخجل أنني لم استطع حمايتها، وفي نفس الوقت هي كانت تريد أن تكون بجواري."
الجلسة الأخرى التي ساعدت العائلة كثيرا، هي التي يُطلق عليها جلسة المواجهة: "تحدثنا عن مشاعرنا، وقلت لها أنا آسفة أنني لم استطع حمايتك، وهي عانقتني بقوة، وقالت لي إنه ليس خطأي."

تصف السيدة ضحى تلك الجلسة أنها كانت نقطة تحول بالنسبة لها ولأبنتها: "بدأنا نتحدث معا، وأي شيء أشهر به أخبرها، وأي شيء تشعر به، حتى لو كانت رأت كابوس فإنها تأتي لتخبرني."

الآن تأمل أسرة السيدة ضحى أن تستكمل علاج وإعادة تأهيل الأبنة وطي تلك الصفحة من حياتهم والمضي قدما في حياتهم الجديدة في أستراليا.

*لم يتم الكشف عن الأسم الكامل للسيدة ضحى من أجل حماية هويتها وأمنها

استمعوا إلى اللقاء كاملا مع السيدة ضحى في الرابط أعلاه


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand