احتفلت أستراليا أمس بيومها الوطني الذي يصادف في السادس والعشرين من كانون الثاني يناير من كل عام. وبما أن الجدل يشوب هذا اليوم كل عام نظراً لموقف السكان الأصليين الذين دأبوا على وصف هذا اليوم بـ "يوم الغزو"، أردنا أن نستطلع انطباع لاجئ وصل حديثاً وحضر الفعاليات الاحتفالية من جهة وكذلك تلك المطالبة بتغيير موعد الاحتفال نظراً للذكرى "المؤلمة" المرتبطة به بالنسبة للأبوريجينيين كونه يؤرخ وصول الكابتن آرثر فيليب على متن أول أسطول بريطاني إلى ميناء سيدني كوف في عام 1788.
وصل العراقي رغيد الكبارة لاجئاً إلى أستراليا منذ شهرين فقط، وبدا متفاجئاً على نحو ايجابي بالمظاهر الاحتفالية ليوم أستراليا والتي تختلف اختلافاً جذرياً عما ألفه من الاحتفالات الوطنية في الدول العربية سواءً بالعراق أو خلال المرحلة الانتقالية التي قضاها في لبنان قبل أن توافق السلطات الأسترالية على طلب لجوئه وتمنحه تأشيرة الحماية.
وبما أنه وصل حديثاً، لم يستطع رغيد سوى مقارنة الاحتفالات التي طغت على الشوارع والأماكن العامة في مدينة سيدني يوم أمس مع تلك التي تحدث في الدول العربية: "الفرق هائل جداً. الاحتفال في البلدان العربية يقتصر في كثير من الأحيان على عروض للأسلحة والعتاد الحربي. الجميل أن الشعب هنا يحتفل كل على طريقته. نزلت إلى الشارع ولم ألحظ أي شيء سلبي."
لم أجد شيئاً لأنتقده في أستراليا. كل شيء مثالي هنا. Image
ولم ينسَ رغيد استذكار السكان الأصليين وأهمية تاريخهم الذي يعود إلى 40 ألف عام حيث اعتبر أن احترام هذا المكون الأساسي في المجتمع جزءً لا يتجزأ من هذا العيد. ولعل هذا الانطباع يعكس نجاح المجلس الوطني ليوم أستراليا في ايصال الرسالة بنجاح حول احتفالات هذا العام والتي حملت شعار: تذكر، احترم واحتفل في إشارة إلى ضرورة استماع الأستراليين لقصص بعضهم البعض فلكل قصة خصوصية منحت أستراليا - الدولة التي تعد الأكثر تعددية ثقافية في العالم – تنوعاً قل نظيره. قصص السكان الأصليين وإرثهم الغني وقصص المهاجرين واسهاماتهم في نهضة أستراليا الحديثة وصولاً إلى ما حمله البريطانيون الأوائل إلى الجزيرة البعيدة رسمت معاً حالة فريدة من التعددية الثقافية تترك بصمة واضحة على الاحتفالات بالمناسبات الوطنية.
تجربة لقاء أشخاص من جنسيات مختلفة في بلد واحد، تركت انطباعاً ايجابياً لدى رغيد الذي شعر بالانتماء إلى أستراليا منذ اللحظة الأولى: " شعرت بأنني أنتمي إلى أستراليا منذ اليوم الذي قُبل فيه طلب اللجوء. استراليا تتعامل مع حملة الإقامة الدائمة بكونهم مواطنون وهذا ما أشعرني براحة كبيرة."
حسب إحصاء 2016 يوجد في أستراليا حوالي 67 ألف شخص ولدوا في العراق يعيش أكثر من نصفهم في نيو ساوث ويلز. حجم الجالية العراقية ساهم في تخفيف شعور الغربة لدى رغيد الذي لم يكن يتوقع أن يتلقى صدفة بأصدقاء عراقيين فرقتهم الحياة منذ سنوات بسبب ظروف الحرب: " الوضع بالعراق كان سيء جدا وجردنا من شعورنا الجميل تجاه الوطن ولكننا هنا بدأنا شيئاً فشيئاً نستذكر الأيام الحلوة."
استمعوا إلى رغيد الكبارة في التدوين الصوتي المرفق بصورته أعلاه.