طولها لا يتجاوز 100 سنتيمتراً ولكن مواهبها الاستعراضية والغنائية حجزت لها مكاناً في عالم النجومية وهي اليوم أحد أبرز نجوم عرض السيرك العالمي Cirque du Soleil. ولدت ريما حدشيتي في أستراليا لأبوين مهاجرين لبنانيين وتمكنت من تجاوز الصعوبات وتحدي المجتمع لتكسر الصورة النمطية عن قصار القامة والطريقة التي كانوا يظهرون بها في العروض الفنية.
تقول ريما إن ترددها في دخول مجال عروض السيرك كان بسبب الأدوار التي كانت تقتصر خيارات قصار القامة عليها، فشعرت أن في ذلك نوعاً من الاستغلال لهذه الفئة ولم ترغب لعب دور "المهرج" الذي يضحك الناس عليه ولا يهتمون بالفن الذي يقدمه. ولكن عندما اتصل بها القائمون على "سيرك دو سوليه"، قررت المشاركة في عروض الأداء واقتناص فرصة العمل في بيئة تحترم المواهب.

Hadchiti joined Cirque du Soleil in 2016. Source: Cirque du Soleil
قلبي يضحك فرحاً وأنا على المسرح.. أرقص وأغني منذ الطفولة
الطفولة والعودة إلى لبنان
"ولدت ووالداي لم يكونا يعلمان أنني سأعاني من أية مشاكل صحية" هكذا بدأت ريما بسرد ذكريات طفولتها في كنف عائلتها اللبنانية المهاجرة التي بدأ القلق يساورها عندما كانت ريما تتقدم في العمر ولكن حجمها وطولها لا يتغيران. وبعد عرضها على الأطباء أدركا أن ابنتهما تعاني من متلازمة نادرة لدرجة أنها سميت باسمها Rima Syndrome لأنها وأخيها هما الوحيدان المصابان بها في العالم وفيها يبقى حجم الشخص صغيراً ولكن بأبعاد متناسقة ودون مشاكل صحية.
وتروي ريما حجم الصعوبات التي واجهها والداها في سبيل التوصل إلى الطريقة الأمثل للتعامل مع حالتها فضلاً عن محاولة التأقلم مع ضغط مجتمع المهاجرين الذي كانت تنتمي إليه العائلة والذي يتعامل مع "المختلف" بشكل قاسٍ في بعض الأحيان أو متعاطف على نحو يزعج العائلة.
عندما بلغت ريما 10 سنوات، قررت العائلة التوجه إلى لبنان وقضت هناك عامين. عن تلك المرحلة تقول ريما: "كان هنالك الكثير من الأشياء المختلفة في لبنان. الثفافة مختلفة. كانوا يسألون عن الدين واذا كان الشخص مسلماً أو مسيحياً أما أستراليا فلم تكن كذلك. حتى المدرسة كانت مختلفة في لبنان وكانوا يستخدمون الضرب كعقاب للطلاب في حال ارتكبوا مخالفة."

Rima Hadchiti and her Imaan are the world's only known cases of Rima Syndrome. Source: Supplied
أكثر ما ضايق ريما في لبنان، كان طريقة تعاطي المجتمع مع حالتها وكيف كان كل من يراها يقول "حرام حرام" في إشارة إلى تعاطف لم يكن مرحباً به: "حرام من يقول حرام أيضاً. أعتقد أن كل شيء في هذه الحياة نسبي. نظن مخطئين أحياناً ان شخصاً ما ليس سعيداً لأنه لا يمتلك شيئاً ما ولكن قد يكون لديه ما ليس لديك وقد يكون سعيداً في حياته بالفعل."

Source: SBS
العودة إلى أستراليا وشبح العنصرية
لا تنكر ريما أنها تنفست الصعداء عندما علمت أنها ستعود إلى أستراليا وكان عمرها آنذاك 12 عاماً أي على أبواب المراهقة: "أحسست بأن أستراليا بيتي. شعرت بأنني مرتاحة بكلامي والكيفية التي أدير بها حياتي. في أستراليا هامش الحرية أكبر والأحكام المسبقة أقل."
ولكن التحدي الذي واجه ريما في ذلك الوقت كان من نوع آخر وبعيد كل البعد عن قصر قامتها حيث اضطرت كغيرها من أبناء الجاليات العربية في الغرب إلى التعايش مع تبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة. "أنت إرهابية. أنتم من فعلتم هكذا في العالم" أمثلة على ما كان يتردد على مسامعها وهي على لا تزال على مقاعد الدراسة في مدينة أديلايد.
ريما التي تبلغ من العمر 37 عاماً وهي في جولة حالياً مع السيرك في مختلف المدن الأسترالية، هي أم كذلك لطفل يبلغ من العمر تسع سنوات يدعى اوسايرس. وعلى الرغم من تحذير الأطباء لها من التبعات الصحية للحمل ومدى خطورته، قررت المضي قدماً بهذه التجربة التي تصفها "بالعجائبية" وولد طفلها قبل ثلاثة أشهر من موعده ولكنه اليوم بصحة جيدة ويعاني من طيف من أطياف التوحد: " لا يوجد كلام يصف ما يعنيه ابني لي. أصبح كبيراً وطويلاً ويساعدني بكل شيء.. كأنه ظلي."
استمعوا إلى المقابلة مع ريما حدشيتي في التدوين الصوتي المرفق بالصورة.