في عام 1925، طمأن رئيس الوزراء ستانلي بروس الشعب الاسترالي القلق بأن 98% من المكون الاجتماعي يتحدر من أصول بريطانية وأنه من غير المتوقع أن يتم تتغير هذه النسبة، وهذا ما يعرف بشكل غير رسمي بسياسة استراليا البيضاء.
شخصية استرالية كان لها بصمة كبيرة في تغيير سياسة الهجرة، وسياسة أستراليا البيضاء. إنه البرت جايم غراسبي والمعروف ب Al Grassby
هو سياسي أسترالي وُلد في 12 يوليو 1926 وتوفي في 23 أبريل 2005
كان وزيرا للهجرة في حكومة Whitlam العمالية. وقد أدخل اصلاحات في سياسة الهجرة وحقوق الانسان، ويعرف في مختلف الأوساط ب "أبو التعددية الثقافية".
وُلد في برزبن ـ كوينزلاند، لأبوين من أصل اسباني وايرلندي. عاشت أسرته في المملكة المتحدة خلال الثلاثينات والأربعينات.
قتل والده في غارة جوية المانية خلال الحرب العالمية الثانية.
بعدما أتم الثامنة عشرة من العمر التحق بالجيش البريطاني بين عامي 1945 و 1946.
بعد انتهاء الحرب، عاد غراسبي الى استراليا، وعمل كصحافي وموظف معلومات لمنظمة البحوث الصناعية والطبية للكومنولث CSIRO في نيو ساوث ويلز.
في عام 1965 انتخب عضوا في المجلس التشريعي لنيو ساوث ويلز لمقعد Murrumbidgee ممثلا عن حزب العمال الأسترالي.
وخدم كوزير للزراعة والمحافظة على البيئة من 1968 الى 1969 وقد شجعته شعبيته ومكانته في مجتمعه المحلي على الدخول الى المعترك السياسي الفدرالي.
فاز آل غراسبي بالانتخابات الفدرالية عام 1969 عن مقعد Riverina الريفي عن حزب العمال، المقعد الذي لم يشغله نائب عمالي لمدة 24 عاما حينها.
بعد فوز غوف ويتلم بالانتخابات في عام 1972 عُين غراسبي وزيرا للهجرة.
وأصبح واحدا من الأعضاء البارزين في الحكومة، وأصبح مشهورا بإدخاله مفهوم وسياسة التعددية الثقافية في أستراليا وإنهاء سياسة أستراليا البيضاء.
نذكر هنا أنه في العام 1966 وخلال حكم حزب الأحرار بقيادة هارولد هولت قامت حكومة هولت بتقديم قانون الهجرة لعام 66، والذي اعتبر لحظة تغيير حاسمة في سياسة الهجرة، والذي أدى بالفعل الى تفكيك سياسة استراليا البيضاء، ونتج عنه زيادة كبيرة في الهجرة "غير البيضاء" إلى أستراليا.
نذكر أيضا أن التغيير الأهم حصل في عهد حكومة فرايزر الأحرارية التي أجرت مراجعة على قانون الهجرة في عام 1978، حيث تم حذف أي شروط تتعلق بالبلد الأصلي لأي شخص يريد التقدم بطلب للهجرة الى أستراليا رسميا من قوانين الهجرة.
وإذا عدنا إلى شخصية اليوم، وهو آل غراسبي، فإنه كان الشخص الذي دفع باتجاه قبول مهاجرين من بلدان لا تتحدث الانجليزية، وقام أيضا بمنع التقليد الذي كان سائدا والذي كان يحظر (على أساس عنصري) بعض الفرق الرياضية من اللعب في استراليا، كما وأنه ألغى القانون الذي كان يفرض على السكان الأصليين الحصول على الموافقة قبل مغادرة استراليا الى الخارج.
ومع التخلي الرسمي عن سياسة استراليا البيضاء في عام 1963، أدت أفعال غراسبي الى تململ في بعض شرائح المجتمع الأسترالي، ومنها في مقعده Riverina وبين زملائه في حزب العمال، الذين اعتقدوا أن هذه الاصلاحات راديكالية جدا بالنسبة لتلك الفترة.
لكن غراسبي، كان يشير الى شعبيته الكبيرة داخل الفئات المتعددة الثقافات، وما تبع ذلك من دعم وتأييد لحزب العمال من قبل هذه الفئة في المجتمع كتعويض عن أي خسارة محتملة في دعم الفئات الشعبية من ذوي الأصول البيضاء.
وبالإضافة الى بروزه كمدافع عن التعددية الثقافية، استقطب غراسبي ايضا انتباها بسبب ذوقه الصارخ والمزخرف في اختياره للملابس، حيث عرف عنه اختياره للبدلات وربطات العنق الملونة التي ميزته عن زملائه الذين كانوا يرتدون بدلات وربطات عنق ذات ألوان داكنة.
ما قام به غراسبي فيما يتعلق بالهجرة، جذب انتقادات من المجموعات المناهضة للهجرة، بقيادة جمعية كانت تطلق على نفسها اسم Immigration Control Association (جمعية التحكم بالهجرة)ـ التي استهدفت مقعده الانتخابي بحملة مناهضة له في الانتخابات التي جرت في شهر ايار مايو عام 1974، وهذا ما أدى جزئيا إلى خسارة غراسبي لمقعده لصالح مرشح حزب الوطنيين، John Sullivan بفارق 792 صوت.
وقد اتهم غراسبي ومؤيدوه هذه المجموعات بتجييش حملة عنصرية لتشويه سمعته.
ميداليات شرف وتقدير:
وتقديرا لعمله الريادي في مجال الهجرة، عين غراسبي عضوا في لائحة الشرف Order of Australia عام 1985، كما وحصل على ميدالية الأمم المتحدة للسلام عام 1986
وفاته:
توفي غراسبي بعد يومين من تعرضه لنوبة قلبية، في 23 ابريل عام 2005، وكان يتعالج أيضا من مرض السرطان.
لكن بعد وفاته كشفت الصحافة عن علاقة مزعومة له مع بعض العصابات أو المافيا، وقيل إنه استخدم نفوذه لإفشال عمل الهيئة الوطنية لمحاربة الجريمة التي كانت تحقق بأعمال المافيات.
هذه المزاعم بعلاقاته بمجموعات خارجة عن القانون ظهرت في المسلسل التلفزيوني، Underbelly