بدأت القصة بخبر مسرّب مفاده أن وزراء يخططون لتسهيل تجسس الحكومة الأسترالية على مواطنيها. مصدر الخبر الذي نشرته صحف نيوز كورب هو وثيقة سرية مسرّبة. أما التداعيات فكثيرة.
أولى هذه التداعيات تحقيقٌ فتحته الشرطة الفدرالية لمعرفة كيف تسربت هذه الوثيقة إلى الإعلام. وهذه الوثيقة كناية عن رسالة ذكرت صحف نيوز كورب أن أمين سر دائرة شؤون الداخلية Mike Pezzullo كتبها في شهر شباط/فبراير الماضي إلى نظيره في دائرة الدفاع Greg Moriarty ليقول له إن دائرة الداخلية التي يتولى حقيبتها الوزير بيتر داتن تسعى إلى الحصول على دعم من دائرة الدفاع التي تتولى حقيبتها ماريز باين (Marise Payne) لمنح مديرية الإشارة المعروفة اختصاراً بـ ASD، صلاحيات أوسع للتجسس على الأستراليين.
ومن المعلومات التي ستتيحها الصلاحيات الإضافية المزعومة تمكن ASD من الاطلاع على البيانات المصرفية للأستراليين وتفاصيلهم الصحية وسجلاتهم الهاتفية دون الرجوع إلى الهيئات القضائية المختصة.
وعلى الرغم من نفي وزيرة الخارجية جولي بيشوب لصحة هذه التقاريرالتي تناقلتها وسائل الإعلام، بما فيها شبكة ABC، كشفت الرسالة أن كل ما تحتاج إليه ASD في ما لو مُنحت هذه الصلاحيات هو موافقة وزير الداخلية أو وزيرة الدفاع للحصول على المعلومات التي تريدها عن أيّ أسترالي.
والمعروف أن جهازيْ الشرطة الفدرالية والاستخبارات آزيو يستطيعان حاليا الحصول على مثل هذه المعلومات فقط وفقاً لشروط أمنية دقيقة، وبعد موافقة النائب العام الفيدرالي.
المعارضة العمالية أعربت عن قلقها من هذا التوجه، في ما لو صح، لأن من شأنه منح المزيد من الصلاحيات للوزير داتن، وهي صلاحيات واسعة أساساً، ومنح صلاحيات جديدة لم تكن في الحسبان لوزيرة الدفاع.
الناطق باسم شؤون الأمن القومي في المعارضة الفدرالية مايك درايفوس دعا الحكومة إلى الكشف عن مسرّبي الرسالة، وتوضيح ما تخطط له الحكومة على صعيد توسيع صلاحيات وزرائها عبر الأجهزة الأمنية. وتخشى المعارضة من استغلال السياسيين للأجهزة الأمنية لتحقيق مآربهم الخاصة.
تأتي هذه التطورات في عصر يبدو أن الخصوصية الفردية فيه قد سقطت أساساً وأن زمن السرية للمعلومات الشخصية قد ولّى إلى غير رجعة. يستند هذا الاستنتاج على أن التجسس على الناس لم يعد مقتصراً على الحكومة وأجهزتها الأمنية فحسب، بل أن هناك لاعبين كثراً في العالم الإلكتروني، منهم قراصنة المعلومات والشركات العملاقة وشركات التسويق، يتصرف بعضها كلصوص بلا ضوابط. وإذا كانت الحكومة تتقيد بأنظمة دقيقة يؤدي انتهاكها إلى إمكانية محاسبتها، فإن اللاعبين الآخرين ينتهكون الخصوصيات والقوانين بلا حسيب أو رقيب.