الخلل الذي وُصف بأنه أحد أكبر الأعطال منذ حادثة "كراودسترايك" العام الماضي التي شلّت مطارات ومستشفيات وبنوكًا، كشف مجددًا مدى هشاشة البنية التحتية الرقمية العالمية.
واستمرّ الانقطاع لأكثر من تسع ساعات متواصلة قبل أن تبدأ بعض الخدمات بالعودة تدريجيًّا، في حين أعلنت "أمازون" أنّ عدة أنظمة ما تزال متأثرة.
ووفقًا لموقع Downdetector، سجّل المستخدمون أكثر من تسعة آلاف بلاغ عن الأعطال في ذروتها.
وأوضحت الشركة أنّ المشكلة تعود إلى خلل داخلي في نظام مراقبة موازِني الأحمال الشبكية ضمن بنية "EC2" الخاصة بها، مضيفةً أنّ أعمال الاستعادة بدأت تُظهر "بوادر تقدّم" في عدد من مراكز البيانات.
خدمات كبرى خارج الخدمة
شملت الأعطال تطبيقات وخدمات منوعة:
- سناب شات سجّل أكثر من 22 ألف بلاغ في ذروة الانقطاع.
- Airbnb، Duolingo، Venmo واجهت مشاكل متقطعة طوال اليوم.
- منصات البث مثل Prime Video وDisney+ تعطّلت جزئياً.
- كما طالت التأثيرات خدمات مالية واتصالات في المملكة المتحدة، من بينها بنك لويدز، بنك أسكتلندا، فودافون، وBT، بالإضافة إلى موقع هيئة الضرائب البريطانية (HMRC).
أما في الولايات المتحدة، فقد تأثّرت شركات تقنية كبرى منها Perplexity AI وCoinbase وRobinhood، إضافةً إلى خدمات أمازون نفسها.
منشأ العطل وأسبابه
ذكرت الشركة في صفحتها الرسمية لمتابعة الحالة أنّ منشأ العطل كان في مركزها الرئيسي US-EAST-1 في ولاية فيرجينيا، وهو أقدم وأكبر مراكزها السحابية.
ويُعدّ هذا الموقع الافتراضي الافتراضي لكثير من خدمات AWS، وقد سبق أن تعرّض لأعطال مماثلة في عامَي 2020 و2021.
ورغم نفي وجود أيّ هجوم إلكتروني، فقد أثار حجم الانقطاع تكهّنات واسعة حول ضعف الاعتماد المفرط على مزوّد واحد للبنية التحتية الرقمية.
اعتماد عالمي على بنية “هشّة”
قال جيك مور، مستشار الأمن السيبراني في شركة ESET الأوروبية:
"هذا الانقطاع يذكّرنا مجدداً بمدى اعتماد العالم على بنى تحتية رقمية هشّة نسبياً."ويرى الباحث نيشانث ساستري من جامعة سري البريطانية أنّ السبب الجوهري هو "اعتماد الشركات الكبرى على خدمة واحدة فقط"، بينما أكّد الخبير الأمريكي راين غريفين أنّ "ساعات قليلة من التوقف في خدمات السحابة تعني خسائر بملايين الدولارات في الإنتاجية والإيرادات".
وتُقدّر شركة Ookla، المالكة لـDowndetector، أنّ أكثر من أربعة ملايين مستخدم تأثروا بهذا الانقطاع على مستوى العالم.
أزمة تذكّر بخطورة المركزية الرقمية
أظهر الحادث مرة أخرى أنّ الاعتماد المفرط على عدد محدود من مزوّدي الخدمات السحابية مثل أمازون، مايكروسوفت، وغوغل يجعل العالم الرقمي عرضة لهشاشة مفاجئة، حيث يمكن لأي خلل بسيط أن يشلّ قطاعات بأكملها من الاقتصاد العالمي.
ورغم عودة معظم الخدمات إلى العمل تدريجيًا، تبقى الأزمة الأخيرة إشارة تحذير واضحة حول مدى تداخل التكنولوجيا الحديثة واعتمادها على شبكات محدودة تتحكم في مفاصل الحياة اليومية.