ارتفعت العديد من الأصوات في الولايات المتحدة تطالب السلطات بالتعامل بجدية مع التهديد الذي بات يمثله "الإرهاب الأبيض" بعد حادثتي إطلاق نار داميتين في البلاد. واتهم الديموقراطيون الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتغذية هذه النزعات العنيفة بتصريحاته المثيرة للجدل.
مرشحو الانتخابات التمهيدية للفوز ببطاقة الترشح عن الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة لم يترددوا في توجيه اللوم للرئيس ترامب. وقال بيت بوتاجاج، أحد المرشحين "بات واضحا أن الأرواح التي أُزهقت في شارلستون وسان دييغو وبيتسبرغ، وعلى الأرجح أيضا في إل باسو، هي نتاج إرهاب قومي أبيض." وكان بوتاجاج يشير إلى الهجوم على كنيسة للأميركيين من أصول أفريقية في شارلستون وهجومين على معبدين يهوديين في سان دييغة وبيتسبرغ وأخيرا الهجوم الذي وقع بالأمس في مدينة إل باسو بولاية تكساس الأميركية.
وتقع مدينة إل باسو على الحدود مع المكسيك، ويشكل الناطقون بالاسبانية نحو 85% من سكانها. أما مطلق النار داخل أحد متاجر والمارت في المدينة، فهو شاب أبيض في الحادية والعشرين من العمر قاد سيارته لتسع ساعات من إحدى ضواحي مدينة دالاس في الولاية ليرتكب تلك المجزرة. وأطلق الشاب النار من بندقية هجومية ساعة الذروة ما أسفر عن مقتل 20 شخصا وأصابة 26 آخرين. وتشتبه الشرطة في وجود دوافع عنصرية لدى الشاب، وإيمانه بتفوق العرق الأبيض وكراهيته للمهاجرين.

Kendall Long (L) comforts Kianna Long (R) who was in the freezer section of a Walmart during a shooting incident, in El Paso, Texas, USA, 03 August 2019. Source: AAP
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي كلاما منسوبا للجاني يندد فيه ب"الاجتياح اللاتيني لتكساس"، ويثني على مجزرة كرايست تشيرش التي ارتكبها مهاجم عنصري يؤمن بتفوق العرق الأبيض في نيوزيلندا وأسفرت عن مقتل 51 شخصا.
وبعد 13 ساعة تقريبا على مجزرة إل باسو زرع مسلح الرعب في أحد أحياء مدينة دايتون في ولاية أوهايو، عندما أطلق النار على المارة ليقتل تسعة أشخاص في أقل من دقيقة. وأكد الشهود أنه رجل أبيض أيضا.
شيطاني
وقال المرشح الديموقراطي بيت بوتاجاج في تصريح لشبكة فوكس نيوز إن ما حدث يرجع إلى "ضعف سياسات ضبط سوق السلاح من جهة، وارتفاع وتيرة إرهاب محلي تحركه نوازع قومية بيضاء من جهة ثانية".
وتابع بوتاجاج الذي يترأس بلدية مدينة ساوث بند في ولاية إنديانا "لن نتمكن من حماية أميركا من هذا الخطر ما لم نكن مستعدين لتسميته مباشرة"، مضيفا "على الحكومة أن تتوقف عن اعتبار ما حصل مجرد صدفة وأنه لا يمكن القيام بأي شيء لمنعه".

Mourner Amanda Luke holds a sign at vigil following the mass shooting in Dayton, Ohio. Source: AAP
ووصف الرئيس ترامب مجزرة إل باسو بـ"العمل الجبان" دون أن يتطرق إلى الدوافع المحتملة للجاني. في حين عمد رئيس بلدية المدينة الجمهوري إلى التقليل من خطورة الاعتداء ووصف الجاني أنه "رجل مختل وشيطاني التوجه".
إلا أن هذا التفسير لا يرضي الكثيرين ولا حتى بعض الجمهوريين.
فقد غرد المسؤول الجمهوري في ولاية تكساس جورج ب. بوش، وهو شقيق الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش قائلا "إن مكافحة الإرهاب هي أصلا أولوية، لكنني أعتقد أنه بات من الواجب حاليا أن تتضمن أيضا الوقوف بحزم في وجه هذا الإرهاب الأبيض"، مضيفا "هذا تهديد فعلي علينا التنديد به والعمل على القضاء عليه".

Watu waomboleza mauaji nchini Marekani Source: The New York Times
"هوية بيضاء"
وتفيد أرقام قدمها مركز الأبحاث "نيو أميركا" أن أعمال العنف التي ارتكبها اليمين المتطرف أوقعت ضحايا أكثر من التي ارتكبها متشددون إسلاميون في الولايات المتحدة.
ويعتبر روبرت ماكنزي المسؤول في هذا المركز أن السلطات تأخرت في التحرك لمواجهة هذا الخطر. وكتب ماكنزي في مطلع السنة الحالية "حتى في عهد الديموقراطي باراك أوباما تجاهلت أجهزة الاستخبارات مرارا تهديدات مصدرها اليمين المتطرف لأسباب سياسية".
لكن ما تغير منذ انتخاب دونالد ترامب عام 2016 هو نوعية النقاش العام.
فالرئيس بات يتكلم بشكل مفتوح عن "اجتياح" المهاجرين، كما رفض إدانة تظاهرات اليمين المتطرف في شارلوتسفيل في آب/اغسطس 2017، ودعا أخيرا نوابا في المعارضة من الأقليات "إلى العودة إلى بلدانهم".
وذهبت إليزابيث وارن المرشحة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي إلى حد القول إن "الرئيس يحض شخصيا على العنصرية وعلى تفوق العرق الأبيض".
في حين ذهب المرشح الديموقراطي الثالث بيتو أوروركي الى أبعد من ذلك عندما اعتبر أن دونالد ترامب "لا يحض على الخطابات العنصرية فحسب، بل يحض على العنف الذي يليها أيضا".
لكنه تابع قائلا "هذا لا يأتي منه فحسب"، منددا بشبكة فوكس نيوز، وبالدعاية العنصرية التي تنتشر على الانترنت، "وبتزايد نسبة التسامح مع العنصرية" لدى الأميركيين.


