تقول "كيت" (اسم مستعار)، وهي فنانة مسرحية ومديرة صالات رياضية تعيش في نيويورك منذ سبع سنوات، إن حياتها هناك باتت "صعبة ومخيفة".
ورغم حصولها مؤخراً على الإقامة الدائمة بعد زواجها من مواطن أميركي، فإنها تشعر بأن التعامل مع الأجانب أصبح أكثر تشدداً.
وتروي كيت أنها خضعت خلال مقابلة الإقامة لاستجواب طويل بأسئلة لا تتعلق بزواجها، بل بتاريخ إقامتها السابق، مضيفةً:
"كنت خائفة من رفض طلبي، وحتى الآن ينتابني القلق كل مرة أغادر فيها البلاد أو أعود إليها خشية الترحيل."وتقول إن زوجها ينتظرها دائمًا خارج مكاتب الجمارك في المطار خوفاً من ألا يُسمح لها بالدخول مجدداً، فيما اضطر بعض أصدقائها من الأجانب إلى مغادرة البلاد فعلاً بسبب التوترات السياسية.

Advice on the Australian government's Smartraveller website advises that a valid visa does not guarantee entry to the US. Source: Getty / Alexander Spatari
حقائب طوارئ واستعداد للمجهول
تؤكد كيت أن الحديث عن "حقائب جاهزة للمغادرة" أصبح أمراً واقعياً بين أصدقائها، موضحة:
"لدينا نقاط لقاء محددة في حال انقطاع الاتصالات، ولدينا سيارات جاهزة للمغادرة السريعة… لا شيء مستبعد في ظل قرارات حكومية متسرّعة يمكن أن تغيّر حياتنا في لحظة."
تغيّرات مفاجئة تثير الذعر
يشير جوش بوغ، مؤسس منصة America Josh التي تدعم الجالية الأسترالية في الولايات المتحدة، إلى أن حالة القلق ارتفعت منذ بدء الولاية الثانية لترامب.
ويقول في حديثه لـ أس بي أس:
"يبدو أن الإدارة الحالية أصبحت أكثر سرعة في تنفيذ قراراتها، والتغيّرات تُطبَّق خلال أيام أو حتى ساعات دون إشعار مسبق."وكانت الإدارة الأميركية قد فرضت مؤخراً رسوماً قدرها مئة ألف دولار أميركي على تأشيرة العمل المتقدمة (H-1B)، ما أثار قلقاً واسعاً في أوساط العمالة الأجنبية، رغم تأكيد الحكومة أن الرسوم لن تشمل حاملي التأشيرات الحاليين.
ورغم أن معظم الأستراليين في الولايات المتحدة يعملون بموجب تأشيرة E-3 الخاصة باتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، فإن بوغ أشار إلى أن القلق امتد إليها أيضًا، قائلاً إن أكثر الأسئلة تكرارًا اليوم هو:
"هل ستطال التغييرات تأشيرة E-3 أيضًا؟"

Last month, US President Donald Trump's administration added a US$100,000 ($151,000) fee to the high-skilled worker visa known as the H-1B. Source: Getty / Alex Wong
التأشيرات لم تعد ضماناً للدخول
تقول ستيـسي تسوي، الخبيرة في شؤون الهجرة لدى شركة Vialto Partners في سيدني، إن الأستراليين يجب أن "يتوقعوا غير المتوقع"، رغم أن العلاقات الجيدة بين البلدين قد تُبقي برنامج تأشيرة E-3 بمنأى عن التغييرات.
وأضافت أن بعض التعليمات الجديدة تفرض على حاملي التأشيرات العودة إلى أستراليا كل عامين لتجديدها، ما يزيد من حالة التوتر.
وتنصح الحكومة الأسترالية عبر موقع Smartraveller مواطنيها بأن التأشيرة الصالحة لا تضمن دخول الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن السلطات الأميركية تملك صلاحيات واسعة لرفض دخول أي شخص.
خوف من الملاحقة وادخار "أموال الهروب"
تقول كارينا (اسم مستعار)، وهي أسترالية تعيش في نيويورك منذ أربع سنوات، إن التغييرات الأخيرة دفعتها وزوجتها إلى التفكير جدياً بالرحيل.
وتوضح أن زوجتها المتحوّلة جنسيًا باتت تواجه خطراً متزايداً مع تصاعد الخطاب العدائي ضد مجتمع الميم، وإصدار أوامر رئاسية تحدّ من الاعتراف بالهويات غير الثنائية.
وأضافت:
"كزوجتين من مجتمع الميم ومهاجرتين، أصبح من الصعب أن نشعر بأن هذا البلد يريدنا أن نبقى. نحن ندّخر المال تحسّباً لأي طارئ يجعلنا نغادر بسرعة."
من اختار الرحيل بالفعل
أما كلير (اسم مستعار، 36 عاماً)، فقد قررت مغادرة الولايات المتحدة ليلة الانتخابات الأخيرة، بعد أن خشيت من تغيّرات في سياسات التأشيرات قد تمنعها من العودة بسبب عملها في منظمة إنسانية.
وتقول:
"كنت أملك حياة مستقرة في واشنطن، وشريكاً أميركياً، وأصدقاء كثر، لكن لم أرغب أن يكون مستقبلي مرهوناً بقرار ضابط حدود."كلير تعيش اليوم في جنيف، بينما بقي شريكها في الولايات المتحدة. وتوضح أن مشاهد نشر الحرس الوطني في واشنطن في آب/ أغسطس الماضي أكدت لها صحة قرارها بالمغادرة، مضيفةً:
"تصاعد الخطاب العدائي وتعليق بعض الضوابط القانونية جعلا البقاء هناك خياراً صعباً بالنسبة لي."