نتائج مقلقة من دراسة ضخمة
فقد كشف معهد جورج للصحة العالمية، ومقرّه سيدني، عن تحليلٍ شمل أكثر من 28000 منتج غذائي ومشروب من كبرى سلاسل المتاجر في البلاد. وأظهرت النتائج أن أربعة منتجات فقط أعلنت صراحة احتواءها على زيوت مهدرجة جزئياً وهي المصدر الأساسي لهذه الدهون الصناعية في حين أدرجت واحدة من كل سبع منتجات زيوتاً نباتية غير محددة المصدر أو طريقة المعالجة.
ومن بين 561 منتجاً أبلغت عن نسب الدهون المتحولة فيها، تجاوزت 181 منتجاً الحدّ الموصى به من منظمة الصحة العالمية، وهو 2% من إجمالي محتوى الدهون.
وقال الدكتور داميان ماغانيا، الباحث الرئيسي في الدراسة، إنّ النتائج "تُظهر بوضوح أن هذه المكونات الخطيرة ما زالت تتسلّل إلى غذائنا دون علم المستهلكين"، مضيفاً أن القوانين الأسترالية الحالية لا تلزم الشركات بالإفصاح عن محتوى الدهون الصناعية بالكامل.
دهون سامّة بلا فائدة
وأوضح ماغانيا أن الدهون الصناعية المتحولة تُصنع بتحويل الزيوت النباتية السائلة إلى دهون صلبة عبر عملية "الهدرجة"، وتُستخدم عادةً في الأطعمة المقلية والرخيصة والمعالجة بشكلٍ مفرط، مثل المارغرين والفطائر والبوب كورن.
هذه الدهون لا تقدّم أي فائدة صحية، بل تسبب أضراراً فقط... إنها سامة بشكلٍ لا يُصدّقالدكتور داميان ماغانيا، الباحث الرئيسي في الدراسة
ويُقدّر أن الدهون الصناعية تتسبب في نحو نصف مليون وفاة سنوياً حول العالم نتيجة أمراض القلب، بحسب منظمة الصحة العالمية.
أما الدكتورة إيفانجلين مانتزيوريس من جامعة جنوب أستراليا، فأكدت أن هذه الدهون تمثّل خليطًا قاتلًا لأنها تأتي عادةً في أطعمة غنية أيضًا بالسكر والملح والدهون المشبعة، مشيرةً إلى أنها ترفع مستويات الكوليسترول الضار وتفاقم أمراض القلب.
دهون الترانس لا تحمل أي فائدة صحية. وجودها في النظام الغذائي خطرٌ خالصالدكتورة إيفانجلين مانتزيوريس من جامعة جنوب أستراليا
موجودة أيضاً في الطبيعة... ولكنها لا تقل ضرراً
من جهتها، أوضحت البروفيسورة هيلين تروبي من جامعتي كوينزلاند وموناش أن بعض الدهون المتحولة توجد طبيعياً في اللحوم ومنتجات الألبان، لكنها تُحدث التأثير الصحي ذاته بغضّ النظر عن مصدرها.
وقالت إن بعض عمليات الطهي مثل القلي المتكرر بزيوت الذرة أو البذور عند درجات حرارة عالية يمكن أن تُنتج أيضاً دهوناً متحولة ضارة.
دعوات لحظر وطني شامل
أستراليا تُعد من القلة من الدول الغنية التي لم تفرض بعد قيوداً إلزامية على استخدام الدهون الصناعية في الأغذية.
ويرى الباحثون أن هذا التراخي لم يعد مقبولًا، في ظلّ سعي منظمة الصحة العالمية إلى القضاء الكامل على الدهون المتحولة من سلاسل الغذاء العالمية.
وأشار ماغانيا إلى أن الولايات المتحدة حظرت الزيوت المهدرجة جزئياً منذ عام 2015، فيما فرض الاتحاد الأوروبي حدًا إلزاميًا بنسبة 2% من إجمالي الدهون في جميع المنتجات الغذائية منذ عام 2019٩.
وتدرس وزارة الصحة الأسترالية حالياً قيوداً محتملة على استخدام هذه الدهون في الأطعمة المصنعة، وقال متحدث باسمها إنّ النظام الغذائي المشترك بين أستراليا ونيوزيلندا يُجري تقييماً اقتصادياً وتحليلاً لعدد من المنتجات، على أن تُرفع التوصيات إلى وزراء الأغذية في عام 2026.
بدائل آمنة وصحية
ويؤكد الخبراء أن البدائل متوفّرة وسهلة التطبيق.
فبحسب ماغانيا، يمكن تصنيع منتجات مثل الفطائر واللحوم المحفوظة والمعجنات دون الحاجة إلى زيوت مهدرجة، كما كان الحال قبل إدخال هذه التقنية.
وتوصي تروبي باستخدام الزيوت الأحادية غير المشبعة مثل زيت الزيتون، أو الزيوت المتعددة غير المشبعة مثل عباد الشمس والكانولا وفول الصويا، في الطهو وإعداد السلطات.
أما مانتزيوريس فتشير إلى أنّ الأطعمة الكاملة كالأفوكادو والأسماك والمكسرات هي الخيار الأفضل لمن يسعى إلى تجنّب الدهون المتحولة.
كما نصحت بالتحقق من الملصقات الغذائية واختيار المنتجات التي تحتوي على أقل من 0.1 غرام من الدهون المتحولة في الحصّة الواحدة، مشيرةً إلى أن الاستهلاك اليومي يجب ألا يتجاوز 2.2 غرام، أي أقل من 1% من إجمالي السعرات اليومية.
شارك

