ميلاني وصفت لحظة تلقي الخبر بأنها "موجة من الخدر". ومع أن الأطباء عرضوا عليها العلاج الإشعاعي، فإنها ترددت في البداية خوفاً من أن تصبح "مشعّة"، أو أن تفقد شعرها وبشرتها، أو أن تعجز عن رعاية طفلها الصغير البالغ عامين آنذاك. لكن التجربة أثبتت العكس، فقد أنقذ العلاج حياتها من دون تلك الآثار التي كانت تخشاها.
تقول ميلاني: "كنت خائفة من أن أعرّض طفلي للخطر، لكن كل تلك المخاوف لم تكن واقعية. مررت بأعراض جانبية طفيفة فقط مثل السعال وانزعاج مؤقت عند البلع، لكنها سرعان ما زالت."
لماذا يُهمَل العلاج الإشعاعي؟
رغم كونه علاجاً فعالاً وآمناً، يكشف بحث حديث أن واحداً من كل خمسة مرضى سرطان مؤهلين في أستراليا لا يتلقون العلاج الإشعاعي.
الأستاذة ساندرا تورنر، استشارية الأورام الإشعاعية في مستشفى ويستميد، أوضحت أن كثيراً من المعلومات المتداولة عن العلاج قديمة أو مغلوطة: "نعرف أن أرواحاً تُفقد أحياناً لأن المرضى لا يحصلون على العلاج الإشعاعي حين يحتاجون إليه. يجب على جميع الأطباء أن يدركوا مدى أمان هذا العلاج ودقته."
كنت أتخيل أسوأ السيناريوهات، على الرغم من أنها كانت كلها افتراضية في تلك المرحلة.
وتشير تورنر إلى أن التطور التكنولوجي في العقود الأخيرة جعل العلاج أكثر دقة، بحيث يساهم اليوم في القضاء على نحو 40% من حالات السرطان.
أما البروفيسور جاراد مارتن، الباحث في مجال علاج الأورام بالإشعاع، فيؤكد أن العلاج الإشعاعي يكون أكثر فاعلية عند دمجه مع الجراحة أو العلاج الكيميائي، تبعًا لطبيعة الورم وخطة العلاج.
تجارب مرضى آخرين
الستيني كولديب دُوهان، الذي شُخِّص بسرطان البروستاتا، خضع للعلاج الإشعاعي بدلاً من الجراحة. ويقول: "العلاج كان سلسًا جدًا. لم أشعر بأي شيء أثناء الجلسات، وكنت أذهب إلى عملي في اليوم نفسه. على عكس الجراحة التي كانت ستُبعدني عن العمل لشهر كامل."
تفنيد المخاوف
من أبرز المخاوف الشائعة لدى المرضى هو الاعتقاد بأن العلاج يجعلهم "مشعّين"، ما قد يعرّض أسرهم للخطر. لكن تورنر شددت على أن ذلك غير صحيح، فالعلاج يركز بدقة على الجزء المستهدف من الجسم، ولا يسبب الأعراض العامة المصاحبة للعلاج الكيميائي مثل الغثيان والقيء في معظم الحالات.
أفق جديد وتوعية عالمية
مارتن أشار إلى أن الأبحاث الحالية تدرس حتى إمكان استخدام جرعات منخفضة من الإشعاع لعلاج بعض الأمراض الالتهابية المزمنة مثل التهاب اللفافة الأخمصية.
أما تورنر، التي تشارك في رئاسة لجنة اليوم العالمي للتوعية بالعلاج الإشعاعي، فأكدت أن الحملة تسعى لرفع مستوى الوعي بأهمية هذا العلاج عالمياً، خصوصاً أن نحو مئتي مليون شخص يعيشون في دول لا تتوافر فيها مرافق للعلاج الإشعاعي.

Radiation therapy machines have advanced significantly over the past few decades, according to oncologists. Source: Supplied / St George Cancer Care Centre
بين الخوف والواقع
اليوم، وبعد أن أنهت ميلاني علاجها بنجاح، تنظر إلى تجربتها بنظرة مختلفة: "مررت بالخوف، لكنني أدركت لاحقاً أن كثيراً مما قرأته على الإنترنت لم يكن صحيحاً. العلاج الإشعاعي كان سببًا في إنقاذ حياتي."