أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم مرتفعة على طلبات تأشيرة H-1B—التي تمنح سنويًا لـ 85 ألف عامل ماهر جدلاً واسعًا داخل قطاع التكنولوجيا العالمي.
فالرسوم الجديدة البالغة 100 ألف دولار أميركي (151 ألف دولار أسترالي تقريبًا) ستحد بشكل كبير من قدرة الشركات الأميركية مثل أمازون وميتا وغوغل على استقطاب الكفاءات الأجنبية، وهو ما قد يدفع آلاف المتقدمين للبحث عن وجهات بديلة.
في المقابل، تتزايد الأصوات داخل أستراليا المطالبة باستثمار هذا الظرف.
إذ تواجه البلاد منذ سنوات نقصًا ملحوظًا في العمالة الماهرة، خصوصًا في قطاعات الأمن السيبراني، والهندسة، والذكاء الاصطناعي.
وتقدّر الحكومة الأسترالية حاجتها إلى أكثر من 500 ألف وظيفة تقنية جديدة بحلول 2030 لتحقيق هدفها المعلن بخلق 1.2 مليون وظيفة مرتبطة بالتكنولوجيا.
يقول أبو العز رِزفي، المسؤول السابق في وزارة الهجرة، إن الخطوة الأميركية تمثل "فرصة هائلة" لأستراليا، شرط أن تبادر الشركات المحلية بتوظيف هؤلاء الكفاءات وتوفير مسارات واضحة نحو الإقامة الدائمة والجنسية. لكنه يلفت إلى أنّ الأمر يتوقف على رغبة القطاع الخاص الأسترالي في استقطاب هذه الفئة بشكل فعّال.
من جانبها، ترى إيما سيمور، المديرة المالية لشركة البرمجيات الأسترالية Deputy، أنّ أستراليا قد تتحول إلى خيار أول للعمالة الماهرة إذا تبنّت إصلاحات ملموسة، مثل الإسراع في معالجة طلبات التأشيرات، والاعتراف بالمؤهلات، ومنح حقوق عمل للشركاء، إلى جانب توفير مسار شفاف للإقامة الدائمة.
لدينا موقع جغرافي مميز بين أميركا وآسيا، وجامعات عالمية، وبيئة تنظيمية موثوقة. إذا جمعنا ذلك مع سياسة هجرة مستهدفة، يمكننا بناء شركات عالمية تنافسية من هنا.إيما سيمور
لكن على الجانب الآخر، تشكك خبيرة سياسات الهجرة بجامعة سيدني، آنا بوتشر، في قدرة أستراليا على التحول إلى "وادي سيليكون جديد". فهي ترى أن ضعف البنية التحتية ونقص برامج التأشيرات المتخصصة للتكنولوجيا قد يقلل من جاذبية البلاد، رغم عوامل مثل المناخ الجيد وتكلفة المعيشة المقبولة والديمقراطية المستقرة.
التحدي الأكبر، بحسب محللين، يكمن في قدرة أستراليا على دمج هذه الكفاءات ضمن سوق العمل. إذ تكشف دراسات أن أكثر من 500 ألف مهاجر يعيشون بالفعل في البلاد يعملون في وظائف أدنى من مؤهلاتهم، ما يحرم الاقتصاد من عوائد قد تصل إلى 9 مليارات دولار سنويًا.
ومع ذلك، يظل التفاؤل حاضرًا بين قادة قطاع التكنولوجيا، الذين يرون في خطوة ترامب بابًا قد يغير قواعد اللعبة، إذا ما تحركت الحكومة الأسترالية والقطاع الخاص بسرعة لاقتناص الفرصة.