فيما تسعى أستراليا إلى القضاء على التهديد الصحي العام الذي يمثله التهاب الكبد الفيروسي بحلول نهاية العقد، تحذر منظمات صحية من أن المجتمعات المهاجرة تتحمّل العبء الأكبر في هذه المعركة الصامتة.
بحسب تقرير جديد من منظمة "هيباتايتس أستراليا"، يعيش قرابة 300 ألف شخص في أستراليا مع التهاب الكبد B أو C، وكثيرون منهم لا يعلمون بإصابتهم نظراً لغياب الأعراض في المراحل الأولى من المرض.
تُظهر البيانات أن نحو 300 ألف شخص في أستراليا يعيشون مع التهاب الكبد من النوع B أو C، وغالبًا دون ظهور أي أعراض تُنذر بالخطر، ما يزيد من صعوبة الاكتشاف المبكر.
وتوضح السيدة ماي ماك، وهي أم عاملة من خلفية مهاجرة، كيف أدى غياب الأعراض إلى تأجيل اهتمامها بالتشخيص. تقول إنها علمت بإصابتها بالفيروس قبل الزواج، لكن دون أن تظهر عليها أي علامات مرضية. ولم تتخذ إجراءات جادة حتى كشف فحص روتيني عن ارتفاع حاد في معدل الفيروس، ما استدعى إحالتها إلى المستشفى.
القاتل الصامت
يصف البروفيسور غريغوري دور من معهد كيربي التهاب الكبد بأنه "القاتل الصامت"، ويؤكد أن المرض يمكن أن يسبب ضررًا بالكبد على مدى سنوات طويلة دون أن يشعر المصاب بأي أعراض. ويضيف:
"لهذا السبب يعتبر الفحص الدوري أمرًا بالغ الأهمية، لأن الكثيرين لا يدركون إصابتهم، بينما تكون أعضاؤهم الحيوية، وخصوصًا الكبد، قد بدأت بالتضرر."
من جانبها، أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة "هيباتايتس أستراليا"، لوسي كلاينز، أن نصف المصابين في البلاد إما لم يتم تشخيصهم بعد أو لم يُربطوا بمسارات العلاج والرعاية اللازمة، رغم أن التهاب الكبد يُعد المسبب الأول لوفيات السرطان في أستراليا.
"علينا أن نضمن إيصال المصابين إلى الرعاية الطبية المناسبة بشكل عاجل، وإلا فلن نتمكن من تحقيق هدف القضاء على المرض بحلول عام 2030"، تقول كلاينز.
من هم المصابون؟
يسلط التقرير الضوء على التوزيع التقريبي للمصابين، مشيرًا إلى أنه من بين كل 100 شخص مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي، 69 منهم يعانون من التهاب الكبد B، وقرابة ربعهم مصابون بالتهاب الكبد C، مع وجود نسبة أصغر تعاني من العدوى بكلا الفيروسين.
ويختلف نوعا المرض من حيث العلاج؛ فالتهاب الكبد C يمكن الشفاء منه باستخدام الأدوية المتوفرة حاليًا، بينما لا يوجد علاج شافٍ لالتهاب الكبد B، وإن توفرت لقاحات فعالة للوقاية منه.
المجتمعات المهاجرة الأكثر تضررًا
أحد أبرز ما كشفه التقرير هو النسبة المرتفعة من المصابين بالتهاب الكبد B ممن وُلدوا خارج أستراليا، حيث تشير الأرقام إلى أن 70% من الحالات تعود لأشخاص من أصول مهاجرة، وخصوصًا من دول جنوب شرق آسيا، حيث تنتشر العدوى عبر انتقالها من الأم إلى الطفل. كما أن 56% من المصابين يتحدثون لغة غير الإنجليزية في منازلهم، ما يؤكد أهمية توفير التوعية الصحية بلغات متعددة وبأساليب تراعي الخصوصية الثقافية.
مع تسجيل ما يقرب من ألف وفاة سنويًا في أستراليا بسبب التهابات الكبد الفيروسية، تتزايد الضغوط على السلطات الصحية لتكثيف جهود التوعية، وتوسيع نطاق الفحوصات، وضمان وصول المجتمعات المتأثرة إلى الرعاية والدعم في الوقت المناسب.