كشفت دراسة حديثة عن التأثير العميق للعوامل البيئية مثل طول النهار، الفصول، والموقع الجغرافي على أنماط النوم لدى البشر.
وقالت الباحثة الرئيسية، هانا سكوت، من جامعة فلندرز: "النوم ليس مجرد عادة شخصية، بل يتأثر إلى حد كبير بالبيئة المحيطة بنا"، مشيرة إلى أن "عوامل مثل ساعات النهار، درجات الحرارة، وروتين الأسبوع تؤثر بشكل مفاجئ وقوي على جودة النوم وصحة الإنسان".
وأظهرت النتائج أن مدة النوم تختلف باختلاف المواسم، إذ ينام الناس في المتوسط أقل بنحو 15 إلى 20 دقيقة خلال الصيف، بينما ينامون أكثر بنحو 20 إلى 35 دقيقة في الشتاء. كما يتأخر وقت النوم في عطلات نهاية الأسبوع بحوالي نصف ساعة.
ووجدت الدراسة أيضًا أن فترة الأعياد بين ديسمبر ويناير ترتبط بأنماط نوم أكثر اضطرابًا، في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي على حد سواء، وهو ما قد ينعكس سلبًا على الأداء العقلي والجسدي، حسبما يحذر الباحثون.
بيانات ضخمة من 73 مليون ليلة نوم
استندت الدراسة إلى تحليل بيانات 73 مليون ليلة نوم، جُمعت من نحو 116 ألف شخص بالغ حول العالم بين كانون الثاني/يناير 2020 وأيلول/سبتمبر 2023، باستخدام أجهزة استشعار ذكية توضع تحت المراتب.
وأوضح الباحثون أن العينة تركزت على الأشخاص الملمّين بالتكنولوجيا الذين يستخدمون أجهزة تتبع النوم بانتظام، دون أخذ شركاء النوم أو وجود أطفال أو حيوانات أليفة بعين الاعتبار.
وقال الباحث المشارك داني إيكرت: "رغم هذه القيود، تمثل هذه الدراسة خطوة مهمة لفهم تأثير العوامل البيئية على النوم البشري"، مضيفًا: "هي تذكير لنا بأن الوقت والتقويم والفصول يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار عند السعي للحصول على نوم كافٍ".
تأثير الموقع والالتزامات اليومية
ولم تقتصر النتائج على تأثير الفصول والموقع الجغرافي، بل أظهرت أن المسؤوليات الأسرية، الالتزامات المهنية، الحياة الاجتماعية، تأجيل موعد النوم، والعوامل البيولوجية تلعب جميعها دورًا في اضطراب النوم.
كما تبين أن الاختلافات الموسمية في النوم تصبح أوضح كلما ابتعد الشخص عن خط الاستواء، ما يعني أن سكان مدن مثل ملبورن وهوبارت يتأثرون أكثر من أولئك في كوينزلاند أو الإقليم الشمالي.
ورصد الباحثون أيضًا انخفاضًا تدريجيًا في متوسط عدد ساعات النوم منذ بداية الدراسة، حيث قلّت مدة النوم بحوالي دقيقتين ونصف يوميًا بين عامي 2020 و2023، وهو ما يرجّح ارتباطه بتداعيات جائحة كوفيد-19.
واختتم إيكرت بالقول: "عدم انتظام النوم لا يتعلق فقط بالشعور بالإرهاق، بل قد تكون له آثار خطيرة على الصحة. وفهم دور البيئة والعادات اليومية في هذا السياق يمثل خطوة ضرورية نحو تحسين جودة النوم".