في قصة تسلط الضوء على تصاعد عمليات الاحتيال المالي في أستراليا، خسرت هارييت سبرينغ مبلغ 1.6 مليون دولار من إرث عائلتها بعد أن وقعت ضحية لمكالمة هاتفية واحدة، كانت كفيلة بتغيير مصيرها ومصير شقيقاتها الأربع.
"لا ألوم نفسي. ما حدث نتيجة لفشل نظامي، وليس لخطأ فردي"، تقول هارييت، التي أصبحت اليوم من أبرز المطالبين بمساءلة البنوك وحماية المستهلكين من الاحتيال الرقمي.
مأساة بدأت بعد وفاة الوالدين
توفي والد هارييت عام 2019 عن عمر ناهز التسعين، وسرعان ما تدهورت صحة والدتها التي عانت من جلطات دماغية ونوبة قلبية. وبحلول نهاية عام 2022، اضطرت الأسرة إلى نقل والدتها إلى دار رعاية صحية متخصصة، لتبدأ رحلة تصفية أملاك العائلة.
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، تم بيع منزل العائلة الذي حمل ذكريات خمسة أجيال. وبعد سداد قرض الرهن وتكاليف رعاية الأم، تبقى نحو مليوني دولار. خصصت هارييت 400 ألف دولار لاحتياجات والدتها المستقبلية، وقررت استثمار 1.6 مليون دولار في وديعة مصرفية ثابتة.

Harriet's late parents. Source: Supplied
عرض مغرٍ وخدعة محكمة
بعد أيام من بيع المنزل، تلقت هارييت اتصالًا من رجل ادّعى أنه موظف في البنك الذي تتعامل معه. بدا المتصل محترفًا، ملمًّا بكافة التفاصيل، وأعاد الاتصال بها لاحقًا ليعرض وديعة بفائدة جيدة. أرسل لها مستندات رسمية تحمل شعار البنك، وقرأ لها الشروط القانونية، ما عزز من مصداقيته.
"لم تكن لدي خبرة سابقة في الودائع، وكل ما فعله أعطاني انطباعًا بأني أتعامل مع البنك مباشرة"، تقول هارييت.
قامت بإبلاغ بنك والدتها بنيتها تحويل الأموال إلى حساب باسمها لفتح وديعة. ورغم استغرابهم من كون الحساب في بنك مختلف، لم يطرح الموظفون مزيدًا من الأسئلة، وتمت عملية التحويل.
الصدمة: الأموال اختفت
بعد أسبوعين، وخلال محاولة لتحويل مبلغ إضافي، اكتشفت هارييت أن الحساب الذي أرسلت إليه الأموال لم يكن باسمها، بل كان حسابًا يستخدمه مجرمون لغسل الأموال.
في اليوم التالي للتحويل، تم تفكيك المبلغ إلى عشرة حسابات مصرفية داخل أستراليا، ثم تم تحويله إلى الخارج. وبحسب الشرطة، لم يتبقَّ من المبلغ سوى 232 دولارًا.
نظام مصرفي عاجز وضحايا بلا حماية
"بعد الواقعة قالت هارييت: "لقد شعرت بالخيبة، ليس فقط من الخسارة، بل من الشعور بالخيانة من نظام يفترض به أن يحمينا". وترى أن التعامل مع الضحايا في مثل هذه الحالات يفتقر للتعاطف والدعم.
فرغم إلقاء القبض على بعض المتورطين، إلا أن هيئة الشكاوى المالية الأسترالية أفادتها بعدم قدرتها على المساعدة لأن المبلغ يتجاوز سقف التعويض. وتوضح: "أدير مشاريع بملايين الدولارات في عملي، وأنا شخص دقيق ومنهجي. ومع ذلك، وقعت في هذا الفخ. وهذا يؤكد لي أن المشكلة ليست فيّ، بل في نظام مصرفي رقمي غير محمي بما فيه الكفاية".
من الضحية إلى موعد رفع الصوت للتغيير
لم تقف هارييت مكتوفة الأيدي. فقد أسست، بالتعاون مع ضحايا آخرين، منظمة غير ربحية تحت اسم تحالف ضحايا الاحتيال، تسعى للضغط من أجل إصلاحات قانونية، ومساءلة البنوك، ومنح الضحايا الحق في الوصول إلى الأدلة والمعلومات.
"نريد الشفافية. نريد حق الجلوس على طاولة اتخاذ القرار. لا يمكن أن يُلقى باللوم على الضحايا بينما تفلت المؤسسات من المحاسبة".
ورغم أن الأموال لم تُسترد، ترى هارييت أن استعادة صوتها أهم: "هذه ليست قصة خسارة فردية، بل مأساة تتكرر مع آلاف الأستراليين كل عام. ومع تطور الذكاء الاصطناعي، ستزداد الأمور سوءًا إذا لم نتحرك الآن."
إذا كنت أنت أو أي شخص آخر في خطر داهم، اتصل بالرقم 000.
إذا تمت سرقة معلوماتك الشخصية أو المالية، فاتصل على الفور بالمصرف أو مزود بطاقة الائتمان واطلب منهم إيقاف أي معاملات. يمكنك الإبلاغ عن عمليات الاحتيال إلى Scamwatch أو ReportCyber.