أفاد الدفاع المدني عن مقتل ما لا يقل عن 85 شخصا بنيران إسرائيلية في مختلف أنحاء القطاع منذ فجر الثلاثاء، مع تكثيف إسرائيل منذ أيام القصف على مدينة غزة.
وتمضي الدولة العبرية في خطة السيطرة على أكبر مدن القطاع، رغم تزايد الضغوط الدولية والداخلية التي تدعوها لإنهاء الحرب في غزة حيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة الشهر الماضي.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نحو 40 ألف جندي احتياط تم استدعاؤهم ضمن الدفعة الأولى من التعبئة.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن القوات النظامية ستقود المرحلة المقبلة من العمليات وليس الاحتياط.
والثلاثاء، قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، متوجها لجنود الاحتياط "سنقوم بزيادة وتعزيز وتيرة الضربات في عمليتنا، ولهذا استدعيناكم. جيش الدفاع الإسرائيلي لا يقبل بأقل من النصر الحاسم. لن نوقف الحرب حتى نهزم هذا العدو".
في تل أبيب، نظّمت مجموعة من رافضي الخدمة العسكرية تطلق على نفسها اسم "جنود من أجل المختطفين" فعالية دعت فيها جنود الاحتياط والجنود النظاميين إلى عدم الالتحاق بالخدمة.
وقال جندي الاحتياط ماكس كريش "بصفتنا جنودا خدموا في هذه الحرب ويهتمون بمستقبل بلدنا، من واجبنا الوطني أن نرفض المشاركة في هذه الحرب".
وأضاف "أي عمل يضفي شرعية على استمرار الأعمال القتالية على حساب صفقة تعيد الرهائن هو خيانة لهم وخيانة للشعب الإسرائيلي".
وفي فعالية منفصلة في تل أبيب، نظمها منتدى عائلات الرهائن أمام فرع السفارة الأميركية في المدينة، دعا المتحدثون الرئيس الأميركي إلى "صناعة التاريخ عبر ضمان الاتفاق المدعوم من الولايات المتحدة لإعادة الرهائن إلى الوطن وإنهاء الحرب".
وقالت داليا كوشنر، شقيقة الرهينة إيتان هورن "لا تدع هذه الفرصة تفلت. استغل نفوذك، أجرِ الاتصالات، وأبقِ الجميع في الغرفة حتى توقّع الصفقة".
"ما ذنب هؤلاء الأطفال"؟
وفي حصيلة جديدة، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إنه تم "نقل 85 شهيدا في قطاع غزة في قصف الاحتلال منذ الفجر".
وأضاف لفرانس برس أن من بينهم 13 قتلوا في "استهداف طائرات الاحتلال الطابق الأخير من عمارة تعود لعائلة العشي... غرب حي تل الهوى" في جنوب غرب مدينة غزة.
وقال بصل إنه تم "انتشال 11 شهيدا من تحت الركام بينهم 3 أطفال وسيدتان ... في مجزرة جديدة في حي الدرج" شرق مدينة غزة.

A Palestinian girl walks past a heavily damaged building in the Rimal neighborhood, in Gaza City, Sunday, Aug. 31, 2025, a day after it was hit by an Israeli military strike that killed several people. (AP Photo/Jehad Alshrafi) Source: AP / Jehad Alshrafi/AP
وقالت سناء الدريملي وهي من سكان الحي "كنا نائمين في بيوتنا آمنين، صحونا على صوت القصف والدمار لنجد كل جيراننا مستشهدين ومصابين".
وأضافت "كلهم جثث هامدة، ما ذنب هؤلاء الأطفال، ماذا فعلنا لنتعرض لكل هذا".
وخارج مجمع الشفاء الطبي، تجمع سكان لإلقاء نظرة الوداع على ضحايا الضربات الإسرائيلية الذين ملأت جثامينهم ثلاجة الموتى وأرضية المشرحة.
وفي معرض رده على طلب فرانس برس التعليق، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في تقارير عن مقتل أربعة أشخاص بنيرانه قرب مركز لتوزيع المساعدات في وسط القطاع.
ولا يمكن لفرانس برس التثبت بصورة مستقلة من معلومات الجيش الإسرائيلي أو الدفاع المدني الفلسطيني في ظل القيود على عمل الصحافيين في غزة وصعوبة بلوغ المواقع المستهدفة.
اندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حركة حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
ومن بين 251 شخصا احتجزوا رهائن ونقلوا إلى غزة في الهجوم ما زال في القطاع 47، قال الجيش إن 25 منهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 63633 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبر الأمم المتحدة معطياتها موثوقة.
"ننتظر الموت"
الأسبوع الماضي، أعلن الجيش مدينة غزة "منطقة قتال خطيرة" وأكد أن لا بد من إخلائها.
واعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إخلاء المدينة "مستحيلا"، وخطط الإجلاء "غير قابلة للتنفيذ".
اضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع الذين يزيد تعدادهم على مليوني نسمة، للنزوح عدة مرات خلال الحرب.
وفي مقطع فيديو نشره الثلاثاء قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "أيها الجنود الأعزاء، من الجنود النظاميين وجنود الاحتياط، لقد اتخذنا طوال هذه الحرب قرارات صعبة للغاية (...) لكنّنا نفّذناها لأنكم منحتمونا، لي وللبلاد، القوة لدفع إسرائيل إلى الأمام نحو نصر ساحق" ضدّ حماس.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس الثلاثاء إن الجيش يقوم بـ"استعدادات لوجستية وعملياتية تمهيدا لتوسيع نطاق القتال وتجنيد واسع لقوات الاحتياط"، مضيفا أن منطقة المواصي ستقدم خدمات صحية ومياه وغذاء.
وكان المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ثمين الخيطان قال الشهر الماضي إن الفلسطينيين في المواصي "لديهم القليل أو لا شيء على الإطلاق من الخدمات الأساسية والإمدادات، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والخيام".
وهذا الأمر يؤرق آمال عبد العال (60 عاما) التي تقول إنها لا تملك القوة ولا القدرة المالية للنزوح. وتضيف السيدة التي نزحت مؤخرا من شرق مدينة غزة إلى خيمة في غربها "تعبنا جسديا ونفسيا من النزوح ومن الحرب".
وتقول "لا يمكننا المشي للنزوح للجنوب ولا نمتلك ألف دولار لندفع لسيارة لتنقلنا هناك، نحتاج سيارتين على الأقل لنقلنا ونقل الخيمة وأغراضنا، لا مكان نذهب إليه ولا وسيلة لذلك".
أما خليل المدهون (37 عاما) الذي يسكن في شقة مدمرة غرب مدينة غزة فيقول "أشعر بالعجر واليأس، الوضع يزداد سوءا في غزة كل يوم، ذهبت مرتين للجنوب للبحث عن مكان لنصب خيمة لكني لم أجد، الوسط والجنوب مكتظان تماما".
وأضاف "نتابع الأخبار وننتظر أن تحدث معجزة ويتم إعلان هدنة بدل احتلال غزة، الجميع يشعر بالخوف، كأننا ننتظر اللحظة الصفر للموت".
وتقدّر الأمم المتحدة أنّ عدد سكّان محافظة غزة ومدينتها يصل إلى نحو مليون نسمة، علما أن آلاف السكان نزحوا من المدينة.
بلجيكا ستعترف بدولة فلسطين
دفعت الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة دولا غربية، بعضها حليف وثيق لإسرائيل، إلى تغيير لهجتها بعد نحو 23 شهرا على اندلاع الحرب.
وبينما تزايدت الدعوات لوضع حد للقتال، أعلنت بلدان عدة عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في وقت لاحق من أيلول/سبتمبر.
وانضمت بلجيكا إلى هذه الدول، مع إعلان وزير خارجيتها ماكسيم بريفو أن بلاده "ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة! وهناك عقوبات صارمة على الحكومة الإسرائيلية".