قتل شخص وأصيب سبعة آخرون بجروح في سلسلة غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه الخميس، وفق وزارة الصحة، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف بنى تحتية تابعة لحزب الله وجمعية قال إن تنظيم حزب الله استخدمها "غطاء" لإعادة إعمار مواقعه.
ودان الرئيس اللبناني جوزاف عون الغارات التي طالت "منشآت مدنية"، معتبرا أنّ "العدوان الاسرائيلي المتكرر يأتي ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تدمير البنى الإنتاجية وعرقلة التعافي الاقتصادي واستهداف الاستقرار الوطني تحت ذرائع أمنية زائفة".
ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ أشهر، تواصل إسرائيل شنّ غارات تقول إنها تستهدف عناصر من الحزب وبنى عسكرية تابعة له، خصوصا في الجنوب.
وأفادت الوكالة الوطنية عن "سلسلة غارات للطيران المعادي بين عدلون وأنصار" في جنوب لبنان، موضحة أنّ بعضها استهدف منشآت لشركة صناعة إسمنت.
وقالت الوكالة إن صدى الغارات تردّد في مناطق واسعة في جنوب لبنان وأحدث بعضها "وميضا غير مسبوق".
وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها للغارات الاسرائيلية ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من صحتها، وهجا ناريا قويا يشتعل من موقع إحدى الغارات.
وأفادت الوكالة الوطنية عن غارات اسرائيلية أخرى في وقت سابق على عدة مناطق في جنوب لبنان وغارة في البقاع شرقا.
وأعلنت وزارة الصحة من جهتها مقتل شخص في الغارة الاسرائيلية على شرق لبنان وإصابة 7 آخرين بجروح في الغارات على الجنوب. وكانت الوزارة أفادت في حصيلة سابقة بإصابة ستة أشخاص بجروح.
"غطاء مدني"
وقال الجيش الاسرائيلي في بيان إنه قصف "بنى تحتية ارهابية لحزب الله في منطقة مزرعة سيناي في جنوب لبنان" حيث تم استهداف "مقلع استخدمه حزب الله لانتاج الإسمنت بهدف اعادة بناء وإعمار منشات وبنى تحتية ارهابية" دمّرت خلال الحرب الأخيرة.
وأعلن عن استهداف "جمعية أخضر بلا حدود"، مضيفا أن الحزب استخدم هذه الجمعية "لإخفاء أعمال إرهابية تهدف لاعادة اعمار بنى تحتية للتنظيم في جنوب لبنان تحت غطاء مدني مزعوم".
وأضاف أنه "سبق أن كشف النقاب في العام 2018 أن جمعية أخضر بلا حدود تعمل بغطاء مدني لإخفاء وجود حزب الله الإرهابي في منطقة السياج مع إسرائيل".
وتخضع هذه الجمعية منذ العام 2023 لعقوبات أميركية بتهمة "دعم وتغطية نشاطات حزب الله" في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل.
ويسري منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر اتفاق لوقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية، ينصّ على تراجع حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية فيها، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية.
وإضافة إلى الغارات، أبقت إسرائيل على قواتها في خمس تلال في جنوب لبنان، بعكس ما نصّ عليه الاتفاق.
وعلى وقع ضغوط أميركية، قررت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس تجريد حزب الله من سلاحه.
ووضع الجيش اللبناني خطة من خمس مراحل لسحب السلاح، في خطوة سارع الحزب المدعوم من طهران الى رفضها، واصفا القرار بأنه "خطيئة".
وأعلنت القيادة الوسطى الأميركية في بيان الخميس أعقب اجتماعا في الناقورة في جنوب لبنان لآلية مراقبة وقف إطلاق النار أن الجيش اللبناني "نجح... في إزالة ما يقرب من 10 آلاف صاروخ، وقرابة 400 قذيفة، وأكثر من 205,000 قطعة من مخلّفات الذخائر غير المنفجرة خلال العام الماضي".
حماس تؤكد "التزامها" اتفاق وقف إطلاق النار
أكّدت حماس الخميس "التزامها" اتفاق وقف إطلاق النار في غزة و"حرصها" على تسليم إسرائيل سائر جثامين الرهائن المتبقية في القطاع المدمّر.
وقالت الحركة في بيان إنّ "إعادة جثامين الأسرى الإسرائيليّين قد تستغرق بعض الوقت، فبعضها دُفن في أنفاق دمّرها الاحتلال، وأخرى ما زالت تحت أنقاض المباني التي قصفها وهدمها"، مشدّدة على أنّها "تؤكّد التزامها بالاتفاق وحرصها على تطبيقه وعلى تسليم كل الجثامين الباقية".
وأضافت حماس في بيانها أنّ جثامين الرهائن الإسرائيليين "التي تمكّنت من الوصول إليها جرى تسليمها مباشرة، فيما يتطلب استخراج باقي الجثامين معدات وأجهزة لرفع الأنقاض، وهي غير متوفرة حاليا بسبب منع الاحتلال دخولها".
وحذّرت الحركة من أنّ "أيّ تأخير في تسليم الجثامين تتحمل مسؤوليته الكاملة حكومة نتانياهو التي تعرقل وتمنع توفير الإمكانيات اللازمة لذلك".
وأتى بيان حماس بعدما اتّمتها إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على إعادة كلّ الرهائن، الأحياء والأموات، في غضون 72 ساعة من بدء سريانه، أي ظهر الإثنين.
وأطلقت حماس سراح الرهائن الأحياء البالغ عددهم 20 مقابل إطلاق إسرائيل سراح حوالى ألفَي سجين ومعتقل فلسطيني، لكنّ الحركة لم تسلّم سوى تسعة جثامين لرهائن من أصل 28.
وأعلنت تركيا الخميس أنّها أرسلت فريقا من الاختصاصيين للمساعدة في البحث عن جثث الرهائن في قطاع غزة.
والخميس، طالب منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الحكومة الإسرائيلية بتأخير تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق الذي أبرم مع حماس إن لم تسلّم جثث الرهائن الـ19 المتبقية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس هدّد الأربعاء باستئناف الهجوم على قطاع غزة إن لم تلتزم حماس بالاتفاق.
وقال في بيان "إن رفضت حماس الالتزام بالاتفاق، فإنّ إسرائيل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ستستأنف القتال وستعمل على إلحاق الهزيمة الكاملة بحماس، وتغيير الواقع في غزة، وتحقيق كل أهداف الحرب".
وجاء بيان كاتس بعد أن أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، أنّها سلّمت كل جثامين الرهائن التي تمكّنت من الوصول إليها، وأنّها ستحتاج إلى معدات خاصة لانتشال جثث بقية الرهائن.

فلسطينيون يتفقدون منزلًا مدمرًا بعد غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة في 19 آذار/مارس 2025. المصدر: AAP / Haitham Imad/EPA
أكّد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الأربعاء أن دمشق تريد إعادة تعريف العلاقات مع موسكو، وذلك خلال أول لقاء له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ الإطاحة في كانون الأول/ديسمبر بالحليف السابق للكرملين بشار الأسد.
وحظي الشرع بترحيب حار من فلاديمير بوتين أمام عدسات الكاميرا، في حين أفاد مصدر حكومي سوري فرانس برس بأن الرئيس الانتقالي سيطلب من موسكو خلال زيارته تسليم بشار الأسد الذي لجأ مع عائلته إلى روسيا بعيد فراره من سوريا في 2024.
وأعلن فلاديمير بوتين خلال استقباله الشرع في تصريحات بثّها التلفزيون الروسي الحكومي "على مدى كل هذه العقود، كان يحرّكنا أمر واحد فقط: مصالح الشعب السوري"، مضيفا "لدينا بالفعل علاقات عميقة جدا مع الشعب السوري".
وقال إن أكثر من أربعة آلاف طالب سوري يدرسون حاليا في روسيا، مؤكدا أنه يأمل بأن يسهموا في مستقبل "الدولة السورية". وتابع بوتين "نحن سعداء جدا لرؤيتكم، أهلا وسهلا بكم في روسيا".
وقال الشرع من جهته "نحاول أن نعيد ونعرِّف بشكل جديد طبيعة هذه العلاقات، على أن يكون هناك استقلال للحالة السورية والسيادة السورية وأيضا سلامة ووحدة الأراضي واستقرارها الأمني".

epa12455416 Russian President Vladimir Putin (R) and Syrian interim President Ahmad al-Sharaa talk during their meeting at the Grand Kremlin Palace in Moscow, Russia, 15 October 2025. EPA/ALEXANDER ZEMLIANICHENKO / POOL Credit: ALEXANDER ZEMLIANICHENKO / POOL/EPA
وأوضح أن "جزءا من الغذاء السوري معتمد على الإنتاج الروسي وكثير من محطات الطاقة معتمدة على الخبرات الروسية".
تسليم الأسد
وبعد الاجتماع الذي استمر بحسب وسائل إعلام روسية لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، قالت موسكو إنها على استعداد لمواصلة دورها في إنتاج النفط الخام السوري.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية تاس عن نائب رئيس الوزراء الكسندر نوفاك قوله إن "شركات روسية تعمل في حقول النفط السورية منذ مدة طويلة" مضيفا أن هناك حقولا جديدة "موسكو مستعدة للمشاركة فيها".
وأعلنت روسيا التي تدخلت عسكريا بدءا من 2015 وخصوصا بضرب مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة في سوريا، عن رغبتها في الإسهام في إعادة إعمار البلد المدمر جراء الحرب.
وقال نوفاك "شركاتنا مهتمة بتطوير البنى التحتية للنقل وإعادة تشغيل أنظمة الطاقة" في سوريا.
وقبيل بدء الزيارة، أفاد مصدر حكومي سوري فرانس برس بأن الشرع سيطلب من موسكو تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقال المصدر مفضلا عدم الكشف عن هويته، "الرئيس الشرع سوف يطلب من الرئيس الروسي تسليم كل من ارتكب جرائم حرب وموجود في روسيا وعلى رأسهم بشار الأسد".
لكن أيا منهما لم يأت علنا على ذكر الأسد ولا القواعد الروسية.
وقال الشرع قبل الاجتماع "نحن نحترم كل ما مضى من اتفاقيات" من دون الادلاء بمزيد من التفاصيل.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد الاثنين أن موسكو قدّمت لبشار الأسد وعائلته حق اللجوء "لأسباب إنسانية بحتة"، وأنهم يقطنون "في العاصمة الروسية".
ويرافق الرئيس الانتقالي السوري وزير الخارجية أسعد الشيباني ومسؤولون عسكريون واقتصاديون.
وأفاد المصدر الحكومي السوري الثلاثاء بأن الطرفين سيبحثان أيضا "ملفات اقتصادية تتعلق بالاستثمار ووضع القاعدتين الروسيتين في سوريا، بالإضافة إلى موضوع إعادة تسليح الجيش الجديد".
وتسعى روسيا لضمان مستقبل قاعدتيها البحرية في طرطوس والجوية في حميميم، وهما الموقعان العسكريان الوحيدان لها خارج نطاق الاتحاد السوفياتي السابق، في ظل السلطات الجديدة.
وشكّلت موسكو داعما رئيسيا لبشار الأسد على امتداد حكمه الذي استمر ربع قرن. وبعدما قدّمت له دعما دبلوماسيا في مجلس الأمن الدولي إثر اندلاع النزاع عام 2011، تدخّلت روسيا عسكريا لصالحه بدءا من العام 2015، وساهمت، خصوصا عبر الغارات الجوية، في قلب الدفة لصالحه على جبهات عدة في الميدان.
ومنذ تدخّلها عسكريا في سوريا، وفّرت روسيا الغطاء الجوي لهجمات القوات الحكومية السابقة على مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة، بينها إدلب التي شكلت معقل الفصائل التي قاد الشرع أبرزها وأكثرها نفوذا.
وخلال هجوم شنّه الحكم السابق على إدلب في نهاية 2019 لاستعادة السيطرة على أجزاء من المحافظة، نفّذت موسكو مئات الغارات التي أوقعت قتلى وخلّفت دمارا واسعا طال عددا من المدارس والأسواق والمستشفيات والأحياء السكنية.
ورعت موسكو اتفاقات تسوية بين القوات الحكومية والفصائل المعارضة في مناطق عدة، انتهت بإجلاء عشرات الآلاف من السكان، من مدنيين ومقاتلين، الى إدلب.
وعلى الرغم من الدعم الذي قدّمته روسيا للأسد، إلا أن السلطات الانتقالية برئاسة أحمد الشرع اعتمدت نبرة تصالحية تجاهها منذ البداية.
وزار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو في أواخر تموز/يوليو.
وبعد الإطاحة بالأسد، زار وفد روسي ضم نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، دمشق في 28 كانون الثاني/يناير.