جرت تظاهرات محدودة بعد ظهر الجمعة ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عدد من المناطق، فيما تجمع آلاف من أنصاره في شرق القاهرة في تحرك مضاد على وقع دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإسقاطه.
ومنذ ساعات الصباح الأولى أغلقت الشرطة الطرق المؤدية الى ميدان التحرير، رمز ثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك، أمام حركة السيارات. وانتشرت القوى الأمنية بشكل كثيف في كل ميادين العاصمة والمدن المصرية الرئيسية.
وفي جزيرة الوراق الواقعة في وسط نهر النيل جنوب غرب القاهرة، فرقت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع تظاهرات شارك فيها مئات ضد السيسي.

epa07873614 The closed Tahrir square in Cairo, Egypt, 27 September 2019. Source: EPA
وقال الشاهد طالبا عدم كشف هويته إن مئات الاشخاص "تظاهروا عقب صلاة الجمعة وأطلقت عليهم الشرطة الغاز المسيّل للدموع". وهتف المتظاهرون "ارحل يا سيسي".
ويظهر في مقطع فيديو، يتم تداوله على الانترنت، عدد من أهالي الجزيرة يهرعون هربا من دخان الغاز المسيّل للدموع.
في المقابل، كانت معظم شوارع وسط القاهرة شبه خالية في يوم العطلة الأسبوعي وسجل فيها انتشار أمني كثيف.
في محافظة قنا بجنوب مصر (590 كيلومتر جنوب القاهرة)، قال شهود إن عشرات شاركوا في تظاهرة رفعت الشعار ذاته في مدينة قوص "وقاموا بتمزيق لافتات تحمل صورا للسيسي". وأضافوا أن "الأمن سيطر على الأوضاع بعد ذلك".
وانتشرت مقاطع فيديو قليلة على شبكات التواصل الاجتماعي لتظاهرات في محافظات أخرى مثل الأقصر وأسوان. ولم نتمكن من التحقق من مصدرها.
من جهته، دعا المقاول المصري محمد علي المقيم في إسبانيا والذي لم يسبق له العمل بالسياسة، هذا الأسبوع، الى التظاهر بكثافة ليوم الجمعة الثاني على التوالي. وتناقل العديد من المصريين الدعوة على حساباتهم مستخدمين وسوما عديدة بينها #ارحل_يا_سيسي، و#سيسي_مش_رئيسي و#جمعة الخلاص.

Source: EPA
محمد رمضان يحشد أنصار السيسي
في المقابل، وعبر حسابه على "تويتر" وتحت وسم #جمعة مباركة#، دعا الممثل المصري محمد رمضان جمهوره الى الانضمام اليه في احتفال في مدينة نصر في شرق العاصمة تأييدا للسيسي.
وبالفعل، تجمع الآلاف في باحة واسعة بمنطقة مدينة نصر رافعين الأعلام المصرية ولافتات تحمل شعارات مؤيدة للسيسي، وما زالوا في انتظار وصول رمضان.
ومثله قدم الفنان محمد فؤاد أغنية يقول مطلعها: "مصر جاية جاية فهنصبر شوية".
وقال ابراهيم رأفت (55 عاما) أحد المشاركين في الاحتفال "جئت من المنصورة لدعم الرئيس ليواصل إنجازاته (..) هناك قوى أجنبية مثل قطر وتركيا تدعم الإخوان المسلمين وتريد أن تخلق فوضى" في مصر.
كما صرح أحمد عبد الغني (65 عاما)، وهو من سكان الجيزة في غرب العاصمة "أنا هنا لمساندة الرئيس في مواجهة الإخوان المسلمين الذين يحاولون إشاعة الفوضى في مصر بدعم قطري تركي".
وتتهم وسائل إعلامية موالية للسيسي الإخوان المسلمين بالوقوف وراء الدعوات الى التظاهر.
وصنفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تشكل المعارضة الأقوى في مصر لعقود، "تنظيما إرهابيا" بنهاية 2013 بعد إطاحة الجيش بقيادة السيسي الرئيس الإسلامي آنذاك محمد مرسي. وتمّ اعتقال الآلاف من أعضائها وقياداتها ما أضعفها كثيرا.
وقال الرئيس المصري لصحافيين صباح الجمعة فور وصوله الى القاهرة عائدا من نيويورك حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "لا داعي للقلق" من الدعوات الى التظاهر ضده.
وأكد في تصريحات بثتها محطات التلفزة المحلية "لا يمكن خداع المواطنين ولا داعي للقلق. مصر بلد قوي بالمصريين".
ويعتبر السيسي الذي انتخب في 2014 أحد الرؤساء الأكثر تسلطا في الشرق الأوسط، بعد أن قضى على كل شكل من أشكال المعارضة في البلاد.
وجدد محمد علي في فيديو جديد بثه بعد ظهر الجمعة الدعوة للتظاهر، مشيرا الى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يدعم السيسي، يواجه مشكلات داخلية واحتمال "عزله".
وحصلت تظاهرات محدودة ومفاجئة ونادرة الجمعة الماضي في القاهرة ومدن أخرى، طالبت برحيل السيسي. وكانت التظاهرات الأولى من نوعها منذ قرابة أربع سنوات.
توقيف أكثر من 2000 شخص
وتم توقيف أكثر من ألفي شخص منذ تظاهرات الجمعة الماضي، بينهم أكاديميون وناشطون.
وصباح الجمعة، أكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة حقوقية ترصد عمليات التوقيف، "ارتفاع عدد من تم القبض عليهم" إلى 2076 خلال الأيام السبعة الماضية.
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أن السلطات أوقفت "قرابة ألفي شخص" بعد تظاهرات الأسبوع الماضي وحجبت "مواقع إنترنت سياسية وإعلامية، كما عطلت خدمات إنترنت أخرى يستخدمها المتظاهرون للتواصل".
وبين الذين تم توقيفهم أخيرا الصحافي في صحيفة "الأهرام" خالد داود، وهو قيادي في حزب "الدستور"، وأستاذا العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني وحسن نافعة.
ودعت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه السلطات المصرية الجمعة الى "تغيير جذري" في أسلوب تعاملها مع التظاهرات، مطالبة بالافراج "فورا" عن المعتقلين الذين مارسوا حقهم في التظاهر.
سيناء
عسكريا، أعلن الجيش المصري في بيان أمس مقتل 118 "فرداً تكفيريّاً" في وسط سيناء وشمالها، حيث يتركّز الفرع المصري لتنظيم داعش.
وجاء في بيان نشره المتحدّث باسم الجيش على صفحته الرسميّة على فيسبوك أنّ "جهود القوّات المسلّحة والشرطة لمكافحة الإرهاب (..) أسفرت عن القضاء على عدد 118 فرداً تكفيريّاً عثِر بحوزتهم على عدد من البنادق المختلفة الأعيرة وعبوات ناسفة معدّة للتفجير بشمال ووسط سيناء".
وأضاف البيان "نتيجةً للأعمال القتاليّة الباسلة لقوّاتنا المسلّحة بمناطق العمليّات، تمّ استشهاد وإصابة ضابط و9 جنود"، من دون توضيح التفاصيل.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تويتر "أودّ أن أؤكّد أنّ معركتنا مع الإرهاب لم ولن تنتهي بدون إرادة شعبيّة عازمة على القضاء عليه بشتّى أنواعه".
وتُنفّذ السلطات منذ شباط/فبراير 2018، عمليّةً واسعة "لمكافحة الإرهاب"، خصوصاً في شمال سيناء التي شهدت نشاطاً مكثّفاً لمجموعات متطرّفة ومسلّحة على مدار السّنوات الستّ الماضية بعد إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي الراحل محمّد مرسي في عام 2013، عقب تظاهرات حاشده ضدّ حكمه.