يُعد سرطان الرئة خامس أكثر أنواع السرطان تشخيصًا في أستراليا، ولكنه يسبب أكبر عدد من الوفيات لأنه غالبًا ما يتم تشخيصه بعد فوات الأوان.
رغم خطورة هذا المرض، لكن الأمل عاد ليطلّ برأسه هذا الأسبوع، مع إطلاق برنامج وطني جديد للكشف المبكر عن سرطان الرئة، يستهدف الفئات الأكثر عرضة، من بينها السكان الأصليون والمهاجرون في أستراليا. هذا البرنامج، هو الأول من نوعه منذ 20 عامًا، قد يشكل نقطة تحول في معركة أستراليا ضد واحد من أخطر أنواع السرطان.
برنامج مجاني للفئات الأكثر عرضة
الفحوصات الدقيقة للكشف عن مشاكل الرئة، قد تُكلف مئات الدولارات، أصبحت الآن مجانية تمامًا للفئات المصنفة عالية الخطورة، ضمن هذا البرنامج المدعوم من الحكومة الفيدرالية.
وقالت دوروثي كيفي، الرئيسة التنفيذية لشركة Cancer Australia: «اعتدنا أن نرى عددًا كبيرًا من الأشخاص في منتصف العمر إلى أواخر منتصف العمر يعانون من مشاكل في التنفس أو سعال الدم أو فقدان الوزن، وتم تشخيصهم بسرطان الرئة».
قالت أنيتا ديساي، رئيسة لجنة الصحة العامة في مجلس السرطان، إن وفيات سرطان الرئة تمثل مشكلة خاصة في بعض مجتمعات المهاجرين وبالتأكيد بالنسبة للأستراليين الأصليين، الذين ترتفع معدلات تشخيصهم.
وزير الصحة الأسترالي، مارك بتلر، أوضح أن هذا البرنامج يتيح لهؤلاء الأشخاص إجراء فحص بالأشعة المقطعية (CT Scan) كل عامين، وهو فحص منخفض الإشعاع تم تصميمه خصيصًا لاكتشاف العلامات المبكرة لسرطان الرئة، مما يعزز فرص العلاج الناجح قبل فوات الأوان.
ويشمل البرنامج:
- الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و70 عامًا.
- لا يعانون من أعراض حالية لسرطان الرئة.
- لديهم تاريخ تدخين يعادل 30 علبة سنويًا أو أكثر، أو لا يزالون يدخنون، أو توقفوا عن التدخين خلال السنوات العشر الماضية.
كما سيتم توسيع البرنامج ليشمل المناطق الريفية والنائية عبر عربات طبية متنقلة مزودة بتقنيات تصوير بالأشعة المقطعية، ما يضمن وصول هذه الخدمات للذين يعيشون خارج المدن الكبرى.
تحدٍ قاتل، ولكن هناك بصيص أمل
دوروثي كيف، المديرة التنفيذية لمؤسسة "كانسر أستراليا"، استحضرت من خبرتها الطويلة مشاهد لا تُنسى لمرضى يدخلون في مراحل متأخرة، يعانون من ضيق التنفس أو يسعلون دماً أو يفقدون وزنهم، ليتبين في النهاية أنهم مصابون بسرطان الرئة، بلا أمل في الشفاء.
وتقول:
إن هذه الذكريات المؤلمة تدفع اليوم بالقطاع الصحي نحو تغيير حقيقي، هدفه تقليص عدد تلك اللحظات الصعبة، وإنقاذ الأرواح قبل أن تُفجع الأسر.
مجتمعات تعاني بصمت
شددت أنيتا ديسايكس، رئيسة لجنة الصحة العامة في مجلس السرطان، على أن بعض المجتمعات تعاني من نتائج صحية أسوأ بشكل ملحوظ، وتشمل:
- السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس.
- المهاجرين الذين لا يتحدثون الإنجليزية كلغة أولى.
- سكان المناطق الريفية والنائية.
وتوضح ديسايكس: "أن هذه الفئات تواجه صعوبات في الوصول إلى الفحص والتشخيص المبكر، وهو ما يؤدي إلى نتائج صحية أكثر مأساوية مقارنة بباقي السكان."

A view of a close up of a lung x-ray of a cigarette smoker in an undated photo. (Photo Courtesy of the American Cancer Society via Getty Images) Source: Getty / Getty Images
نتائج واعدة عالميًا وأمل أسترالي
التجارب الدولية تشير إلى أن الفحص بالأشعة المقطعية منخفضة الجرعة يمكنه اكتشاف ما يصل إلى 70% من حالات سرطان الرئة في مراحله المبكرة، ويقلل من الوفيات بنسبة تصل إلى 20%، فيما أعرب مارك بروك، المدير التنفيذي لمؤسسة "لونغ فاونديشن أستراليا"، عن تفاؤله الكبير قائلًا:
"نحن من أوائل الدول في العالم التي تطلق برنامجًا وطنيًا للكشف عن سرطان الرئة، وقد تم تصميمه بالشراكة مع المجتمعات الأصلية ليتناسب مع احتياجاتهم، بعد أن تم تجاهلهم طويلًا."
هذا البرنامج لا يمنح فقط فرصة للحياة، بل يؤسس أيضًا لنموذج صحي أكثر عدالة وشمولية. فهل يكون بداية النهاية لسرطان الرئة كقاتل صامت في أستراليا؟ الأيام كفيلة بالإجابة، لكن الخطوة الأولى تبدو واعدة بالفعل.