وجّه البابا ليو الثالث عشر انتقادًا واضحًا للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، خلال عظته بمناسبة عيد الميلاد، في موقف لافت جاء خلال قداس روحي يُعدّ من أبرز المناسبات الدينية التي يحتفل بها المسيحيون حول العالم.
وقال البابا، وهو أول بابا من الولايات المتحدة، إن قصة ميلاد السيد المسيح في المذود تذكّر بأن الله «نصب خيمته الهشّة بين البشر»، متسائلًا:
«كيف يمكننا ألّا نفكّر بالخيام في غزة، التي تتعرض منذ أسابيع للبرد والمطر والرياح؟».
ويُعرف البابا ليو بأسلوبه الهادئ والدبلوماسي، إذ يتجنب عادة الخوض في السياسة المباشرة، إلا أن خطابه هذا العام حمل نبرة إنسانية واضحة، خاصة وأنه أول عيد ميلاد له منذ انتخابه في أيار/مايو الماضي خلفًا للبابا الراحل فرنسيس.
وفي دعاء لاحق، أعرب البابا عن أسفه لأوضاع المهاجرين واللاجئين، ولا سيما أولئك الذين «يجوبون القارة الأميركية»، مجددًا تأكيده أن رعاية المهاجرين تشكّل أحد المحاور الأساسية في حبريته.
ورغم أنه لم يذكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاسم، فإن البابا سبق أن انتقد سياساته المتعلقة بالهجرة، مؤكّدًا في عظته أن «رفض مساعدة الفقراء والغرباء هو في جوهره رفض لله نفسه».
غزة والحرب ومعاناة المدنيين
وأعرب البابا عن أسفه لما وصفه بـ«الخراب والجراح المفتوحة» التي خلّفتها الحروب، مشيرًا بشكل خاص إلى الوضع في غزة، حيث جدّد تأكيده أن الحل الوحيد للنزاع المستمر منذ عقود يجب أن يقوم على إقامة دولة فلسطينية.
وكان قد تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول/أكتوبر، بعد عامين من القصف المكثف والعمليات العسكرية التي أعقبت الهجوم الذي شنته فصائل فلسطينية على مستوطنات إسرائيلية عام 2023. إلا أن منظمات إنسانية تؤكد أن المساعدات التي تصل إلى غزة لا تزال محدودة للغاية، فيما يعيش معظم السكان دون مأوى.

Displaced Palestinians living in makeshift tents amid the rubble in the al Maghazi refugee camp in central Gaza. Source: Anadolu, Getty / Moiz Salhi
«أجساد الشعوب العاجزة عن الدفاع عن نفسها هشة، وقد أنهكتها الحروب، سواء تلك المستمرة أو التي انتهت، تاركة وراءها دمارًا وجراحًا عميقة».
وأضاف: «كما أن عقول وحياة الشباب الذين يُجبرون على حمل السلاح تصبح هشّة، وهم يشعرون على الجبهات بعبثية ما يُطلب منهم، وبزيف الخطابات التي ترسلهم إلى الموت».
دعوة عالمية لإنهاء النزاعات
وفي رسالته التقليدية «أوربي إت أوربي» التي تُلقى في عيدي الميلاد والفصح، دعا البابا ليو إلى وقف الحروب في مختلف أنحاء العالم.
ومن شرفة كاتدرائية القديس بطرس، أعرب عن قلقه إزاء النزاعات في أوكرانيا والسودان ومالي وميانمار وتايلاند وكمبوديا، وغيرها من المناطق، مشيرًا إلى أن الشعب الأوكراني «يعاني ويدفع ثمن العنف».
وختم بالقول: «ليتوقف صوت السلاح، ولتتحلَّ الأطراف المعنية بالشجاعة للانخراط في حوار صادق، بدعمٍ من المجتمع الدولي، بحثًا عن سلام حقيقي ودائم».
شارك

