المرض الذي يُعرف بتأثيره على قشرة البطاطس ولُبّها دون أن يشكل خطراً على صحة الإنسان، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الإنتاجية وتراجع جودة المحاصيل، الأمر الذي يهدد مكانة تاسمانيا كأكبر منطقة منتجة للبطاطس في أستراليا.
أول ظهور للفيروس في أستراليا
تم رصد الفيروس في تموز/ يوليو الماضي في إحدى المزارع شمال غرب تاسمانيا، ليكون ذلك أول اكتشاف له داخل أستراليا. ونتيجة للفحوصات الواسعة التي أُجريت قبل موسم الزراعة، تم إتلاف أكثر من 1,700 طن من بذور البطاطس المصابة، فيما دعا المزارعون الحكومة الفيدرالية إلى توفير حزمة دعم طارئة لتعويض الخسائر.
وقال المزارع المخضرم ستيوارت آبلبي، الذي يزرع البطاطس في المنطقة منذ عقود، إن اكتشاف الفيروس كان “صادماً ومقلقاً”، لكنه أشار إلى أن دراسة تجارب دول أخرى مثل نيوزيلندا “منحته بعض الطمأنينة”.

Potato mop top virus affects the skin and flesh of potatoes and impacts crop yields. Source: Supplied / Tasmanian Government
إخفاق في منظومة الأمن الحيوي
من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي لاتحاد المزارعين في تاسمانيا ناثان كالمان انتشار الفيروس بأنه “فشل مزدوج” في منظومتي الأمن الحيوي الوطني والمحلي، موضحاً أن هذه الحادثة تكشف ثغرات في الرقابة على انتقال الآفات النباتية.
ورغم ذلك، أكد متحدث باسم وزارة الزراعة ومصايد الأسماك والغابات أن الحكومة خصصت ملياري دولار إضافية لدعم منظومة الأمن الحيوي الوطني، واصفاً النظام الأسترالي بأنه “من الأفضل في العالم” لما يمثله من أهمية للاقتصاد والبيئة والحياة اليومية في البلاد.
تحقيقات لتحديد مصدر العدوى
تشير التحقيقات الأولية إلى أن الفيروس قد يكون موجوداً في تاسمانيا منذ عامين دون اكتشافه. وأوضحت كبيرة مسؤولي حماية النباتات في أستراليا، غابرييل فيفيان-سميث، أنه “لم يُعرف بعد المسار الذي دخل عبره الفيروس إلى البلاد”، مشيرة إلى أن “الاحتمالات متعددة”.

Stuart with his dog Ziggy in a field where he will plant his potatoes. Source: SBS
وقد فرضت كل من نيو ساوث ويلز، وجنوب أستراليا، وفيكتوريا قيوداً على نقل البطاطس الخام والمعدات الزراعية من تاسمانيا إلى ولاياتها، في محاولة لاحتواء انتشار العدوى.
الفيروس "غير قابل للاستئصال"
قررت المجموعة الوطنية لإدارة الأمراض النباتية الشهر الماضي أن فيروس موب توب لا يمكن استئصاله بالكامل من تاسمانيا، وهو ما شكّل خيبة أمل للقطاع الزراعي. وقالت زرين حسن، مديرة الأمن الحيوي في منظمة AUSVEG، إن استمرار وجود الفيروس لعامين يعني أنه “ربما انتشر إلى مناطق أخرى في البرّ الرئيسي دون علمنا”.
دروس من نيوزيلندا
وتتجه أستراليا الآن للاستفادة من تجربة نيوزيلندا، التي واجهت الفيروس منذ عام 2018. ووفقاً لـ كيت تروفِت، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة بطاطس نيوزيلندا، فإن بلادها نجحت في إدارة المرض دون خسائر كبيرة في المحصول، لكنها حذّرت من أنه “مرض نائم” قد يُحدث أضراراً مستقبلية إن لم تُتخذ إجراءات وقائية مستمرة.
وتشمل هذه الإجراءات غسل وتعقيم المعدات الزراعية بين المزارع، وتناوب المحاصيل، وتحسين صحة التربة، إلى جانب العمل على تطوير أصناف من البطاطس مقاومة للفيروس.
السبب الخفي: داء القشرة
ويُعتقد أن مرض "القشرة المسحوقة" (Powdery Scab)، وهو مرض فطري يصيب البطاطس، أو ما يسمى بالجرب المسحوقي وهو الناقل الرئيسي لفيروس موب توب، إذ يسمح له بالانتشار داخل التربة والمحاصيل.
وأعلنت حكومة تاسمانيا عن تخصيص 200 ألف دولار لتمويل برنامج بحثي يهدف إلى دراسة العلاقة بين القشرة المسحوقة والفيروس، وتطوير اختبارات تربة دقيقة للكشف المبكر عنهما.
لكن اختبارات التربة هذه لن تكون جاهزة لموسم الزراعة الحالي، وفق المسؤولين، على أن تُعتمد في الموسم القادم.
موسم الزراعة يبدأ رغم المخاوف
رغم التهديدات البيئية والقيود المفروضة، يستمر المزارعون في تسمانيا بزراعة البطاطس، وإن كانت الأمطار الغزيرة تُعيق بعضهم. يقول آبلبي: "لا يوجد شعور أفضل من زراعة محصول عالي الجودة، سواء كان بطاطس أو جزر أو بازلاء".
لكن مع بداية موسم الزراعة، يبقى السؤال الأهم: هل تنجح تسمانيا في احتواء الفيروس قبل أن يُهدد مستقبل البطاطس في أستراليا؟