يملك كل طالب في سنغافورة مقياس حرارة خاص به، حتى قبل تفشي وباء كورونا حول العالم بوقت طويل. يوه مي ليو خبيرة التعليم في سنغافورة تقول "الترمومتر هو جزء من أدوات المدرسة، يمكنك شراؤها من المكتبات."
مي ليو هي أم لطفلين في عمر الدراسة وتدير شركة ناشئة لتقنيات التعليم، كما أنها مدرسة سابقة وأحد الأشخاص الذين وضعوا مناهج الرياضيات في سنغافورة.
مي ليو قالت إن مدارس سنغافورة تستعد لمواجهة تفشي وبائي منذ قرابة عقدين من الزمان. ففي عام 2003 تفشي وباء السارس الشهير، ومن بعدها بدأت السلطات في تزويد المدارس بالمعدات والإجراءات التي تجعلها مستعدة لمواجهة وباء مماثل، بما في ذلك أن يملك كل طالب في البلاد جهاز قياس الحرارة الخاص به.
وتجري كل مدرسة في البلاد تدريب موسع مرتين في كل ترم دراسي، لتعليم الطلاب كيفية استخدام الترمومتر لقياس الحرارة. بالإضافة إلى ذلك فإن الطلاب يبقون في المنزل مرتين في السنة للتدريب على كيفية التصرف عند وقوع شئ يمنعهم من الحضور إلى الصفوف الدراسية.

Yeuh Mei Liu says she trusts the government have put adequate protections for students at school. Source: Dateline
وقالت مي ليو "الفكرة أن الجميع يعرف كيف يمكن "التعلم عن بعد" من المنزل في حال تم فرض إغلاق للمدينة في أي وقت."
الآن ومع تفشي الوباء فعلا فإن الطلاب يمارسون ما تدربوا عليه نحو 17 عاما: "الطلاب يقيسون حرارتهم مرتين في اليوم وفي حال كان هناك حاجة لإغلاق المدارس فإن وزارة التعليم مستعدة لتوفير التعليم عن بعد للأطفال في المنازل."
سكوت موريسون ونموذج سنغافورة
على عكس سنغافورة فإن أستراليا لم تواجه أي تفشي وبائي قبل كوفيد-١٩.
ومنذ تسارع وتيرة الإصابات في البلاد فإن النقاش حول إغلاق المدارس تصدر النقاشات في أستراليا، حيث يصر رئيس الوزراء سكوت موريسون على أنه من الأفضل لجهود مكافحة الوباء أن تبقى المدارس مفتوحة.
يستشهد موريسون بنموذج سنغافورة والتي يصفها بأنها "أحد أنجح الدول في مواجهة الوباء" باعتبارها واحدة من الدول القليلة التي لم تعلق الدراسة بعد ظهور الفيروس على أراضيها.

Australian Prime Minister Scott Morrison has announced tighter restrictions in Australia Source: AAP
ونقلت وسائل الإعلام الأسترالية أن موريسون تدخل شخصيا لوقف إغلاق المدارس الكاثوليكية في أستراليا ثاني أكبر مقدم لخدمات التعليم بعد المدارس العامة التي تلتزم بسياسة الحكومة الفيدرالية.
ورغم تشديد موريسون على أن جميع رؤساء الولايات والمقاطعات والمسؤولين يدعمون خطوة إبقاء المدارس مفتوحة، إلا أن عدد من المدارس الخاصة أغلقت أبوابها وبدأت التعليم عن بعد، بينما اختار الكثير من الآباء في المدارس المفتوحة عدم إرسال أبنائهم حتى نهاية الترم الحالي.
موريسون قال إن إغلاق المدارس الآن سيعني الإبقاء عليها مغلقة لمدة ستة أشهر ما يعني "فقدان عشرات الآلاف من الوظائف." وأضاف "سيكون لهذا تأثير على قدرة العاملين في القطاع الصحي على الحضور لعملهم، تأثير بنسبة ثلاثين في المائة."
الجدير بالاهتمام أن مدارس سنغافورة أغلقت عند تفشي وباء السارس والذي كان أول وباء يواجهه البلد الصغير، لكنها ظلت مفتوحة في الوباء الحالي.
وقال وزير التعليم في سنغافورة أونغ يس كونغ إن الوزارة اتخذت سلسلة من الإجراءات بين الوبائين "حرصنا على أن يكون لكل طفل ترمومترا خاصا به، وكل مدرسة بها فحوصات للحرارة وكل البروتوكولات الخاصة بالمدارس في مكانها الصحيح."
ما هي الإجراءات المطبقة؟
جانيس شواه مؤسسة ومديرة Concept Math في سنغافورة ومتخصصة في وضع المناهج الدراسية. تقوم شركتها بتقديم التعليم لنحو 1000 طالب من عمر السابعة وحتى الثانية عشر.
ولأنها مسجلة كمركز تعليمي لدى وزارة التعليم، فبالتالي يجب عليها اتباع تعليمات الحكومة بشأن التعامل مع الوباء. وقالت شواه "في سنغافورة لا يوجد خطط لإغلاق المدارس حتى الآن."
المركز التعليم يقوم بتطهير وتعقيم الأسطح بعد كل صف دراسي ولا يشجع الآباء على دخول المركز، كما يجب على الطلاب ملء استمارة تشبه استمارة الوصول في المطارات قبل دخول الصف الدراسي.

A young girl holds a box of N95 masks at a shopping mall in Singapore. Source: AAP
ويوجد جهاز لقياس درجة الحرارة في كل فصل يعمل بالأنفرا ريد، وهو الجهاز الشهير الذي يستخدم في كل دول العالم للكشف المبدئي عن الإصابات، حيث يشبه المسدس ويتم تصويبه على الجبهة لالتقاط الحرارة.
وقالت شواه "قبل كل صف، يأخذ المدرسين الجهاز ويمروا على جميع الطلاب لقياس درجة الحرارة، للتأكد من أن الجميع لا تتجاوز درجة حرارتهم 38 درجة."
وأضافت "في حال رصد ارتفاع في درجة الحرارة فإن الطالب يتم إعادته إلى المنزل على الفور."
لكن مدى فاعلية كشف الحرارة لرصد تفشي العدوى ما زال أمرا جدليا، حيث قال كبير المسؤولين الصحيين في أستراليا إن قياس درجات الحرارة في المطارات لن يتم إعادة فرضه لأنه خلال تفشي وباء أنفلونزا الخنازير عام 2009 ثبت عدم فاعليته.
لكن البروفيسور ستيوارت تانجي رئيس قسم علم المناعة ونقص المناعة في معهد جارفان للأبحاث الطبية قال لأس بي أس إن الحرارة المرتفعة أحد الأعراض الرئيسية لمرض كوفيد-١٩وبالتالي فإن قياس درجات الحرارة وسيلة فعالة لتقليل الضرر في المدارس.
وقال تانجي "على الأقل سيتم رصد الأطفال الذين لديهم حرارة مرتفعة والأكثر احتمالا أن يكونوا مصابين بالفيروس."
العمل يسير كالمعتاد
في بداية تفشي الوباء قالت جانيس إن الحضور لمركزها التعلمي قل، ولكن مع الوقت توافرت المعلومات وأصبحت خطة الحكومة لمواجهة المرض واضحة.
وقالت جانيس "بعد أن شاهدوا الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها، أصبحوا متأكدين من أننا نوفر مكانا آمنا لدراسة الأطفال. لذا ففي الأسبوع الماضي، عادت دورة العمل للإيقاع المعتاد تقريبا، حيث الحضور شبه كامل في جميع الصفوف الدراسية."
وقال تقرير عن المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض ومنعها إن إغلاق المدارس على المدى القصير لن يكون فعالا في وقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وقال التقرير "في البلدان الأخرى، فإن الأماكن التي أغلقت المدارس مثل هونغ كونغ لم تكن أكثر نجاحا في مكافحة تفشي الوفاء من الأماكن التي لم تغلق المدارس مثل سنغافورة."
وأعربت كل من مي ليو وجانيس عن ثقتهما في الخطوات التي اتخذتها الحكومة في سنغافورة لمواجهة الوباء حتى الآن. وأكدتا على الثقة في قرار الحكومة بإبقاء المدارس مفتوحة، مشددين على إعجابهما بالمعلومات الواضحة والشفافية التي تدير بها الحكومة الأزمة.