بينما يُعتبر دفع الضرائب أمراً لا مفرّ منه لمعظم الأستراليين، تُسلّط هذه الأرقام الضوء على مدى قدرة بعض الأثرياء على تجنّب الضرائب باستخدام ثغرات قانونية، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول عدالة النظام الضريبي.
أسباب "قانونية" لكن مثيرة للجدل
يقول الخبير الاقتصادي المستقل سول إسلاك إن هناك أسباباً "مشروعة" لعدم دفع بعض أصحاب الدخل العالي لأيّ ضرائب، من بينها:
- الدخل الأجنبي: أستراليا لديها اتفاقيات ضريبية مع معظم الدول لتجنّب الازدواج الضريبي. بعض هؤلاء الأفراد دفعوا الضرائب في دول أخرى على مداخيلهم الخارجية، التي بلغ مجموعها 14.8 مليون دولار على الأقل.
- أرباح اليانصيب: غير خاضعة للضريبة في أستراليا، رغم أنها تمثّل دخلاً فعلياً.
- عوائد التقاعد: لا تُفرض ضرائب على أرباح صناديق التقاعد في مرحلة السحب أو التقاعد، وهو ما وصفه الأمين العام السابق للخزانة كين هنري بـ"الغباء الضريبي".
ظلم بين الأُجراء وأصحاب الأعمال
ترى الباحثة في المحاسبة بجامعة نيو ساوث ويلز، آن كايس-كومار، أنّ النظام الحالي يمنح أفضلية واضحة لأصحاب الشركات والمشاريع الخاصة مقارنةً بالمواطنين الذين يتقاضون رواتب أو أجوراً.
فالموظف لا يستطيع خصم نفقات مثل الملابس أو التنقل بسهولة، بينما يتمكن أصحاب المشاريع من اعتبار العديد من المصاريف حتى الروتينية منها كنفقات تجارية قابلة للخصم.
ويقول الخبير غريغ جيريكو من "معهد أستراليا" إن النظام مصمم ليستفيد منه من لديه هيكل تجاري، مشيراً إلى أن "من يكسب دخله من العمل الحر أو من الشركات لديه أدوات وخصومات لا تتاح للموظف العادي".

Business owners are able to claim tax deductions easier than wage and salary earners. Source: Getty / Krisanapong Detraphiphat
الأغنياء يدفعون مقابل تجنّب الضرائب
بلغت النفقات التي تكبّدها 91 شخصاً من المجموعة التي لم تدفع ضرائب ما يقارب 51 ألف دولار للفرد الواحد لإدارة شؤونهم الضريبية، بما يشمل أتعاب المحاسبين والمحامين.
وبينما بلغت دخولهم الإجمالية 461.8 مليون دولار، وصلت الخصومات التي أعلنوا عنها إلى 390.3 مليون دولار. أحدهم فقط قدّم خصومات على أرباح الأسهم بقيمة ثمانية ملايين دولار.
نقطة تحوّل: خصم الفوائد المتأخرة لن يعود ممكنًا
في تغيير تشريعي مهم، أعلنت حكومة ألبانيزي أن فوائد التأخير والغرامات المفروضة من ATO لن تكون قابلة للخصم الضريبي اعتبارًا من 1 تموز/ يوليو 2024. وهو ما رآه الخبراء، كإسلاك، خطوة صحيحة لتقليص الفجوة بين دافعي الضرائب الملتزمين والمتهربين.
صغار الأعمال... أكبر المتهمين
على الرغم من التركيز الإعلامي على الأثرياء، يشير إسلاك إلى أن أكبر فجوة ضريبية تأتي من قطاع الأعمال الصغيرة، التي تمثل نحو 40% من العجز الضريبي الكلي، أي ما يعادل 17.7 مليار دولار من أصل 44.5 مليار دولار في عام 2021-2022.
اختلالات هيكلية في النظام الضريبي
- مصادر الدخل: معظم دخل أصحاب الشرائح الضريبية المنخفضة يأتي من الأجور، بينما ينخفض هذا المعدل إلى 58% فقط لدى أصحاب الدخول الأعلى، والذين يعتمدون على الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم والعوائد من الصناديق والتوزيعات.
- تمييز عمري: من تجاوزوا سن الـ 65، والذين غالبًا ما يعتمدون على الاستثمارات بدلاً من الرواتب، يدفعون ضرائب أقل على نفس المستوى من الدخل، وهو ما اعتبره إسلاك "ظلماً بين الفقراء والأغنياء، وكذلك بين الشباب وكبار السن".

Salary and wages make up a small portion of the $52.4 million in income reported by 91 individuals who paid no tax in 2022-23. Source: SBS
نقاش عام حول الإصلاح الضريبي
تدعو كايس-كومار إلى نقاش أوسع حول العدالة الضريبية قائلة: "لدينا اعتماد مفرط على ضريبة الدخل الشخصي... يجب إعادة التفكير في كيفية استخدام الضرائب لتقليص فجوة الثروة".
وتشمل المقترحات إصلاحات في:
- خصومات إدارة الضرائب (اقتراح وضع سقف بـ 3000 دولار)
- تخفيض إعفاءات الأرباح الرأسمالية
- تغيير نظام الضرائب على الصناديق الاستئمانية
- فرض ضرائب موحّدة على رأس المال والدخل الاستثماري بنسبة 25 إلى 30%

Some of the tax deductions claimed by 91 individuals in Australia who paid no tax in 2022-23. Source: SBS
النظام بحاجة إلى إصلاح شامل
رغم أن معظم أصحاب الملايين في أستراليا يدفعون ضرائب، فإن الاستثناءات البارزة تطرح تساؤلات حول كفاءة وعدالة النظام. ومع تزايد الوعي العام، يجد صانعو السياسات أنفسهم أمام ضرورة إعادة تصميم النظام الضريبي بما يُحقق التوازن بين التشجيع على الاستثمار وضمان المساواة بين المواطنين.