من نتفليكس إلى سبوتيفاي: هل أصبح إلغاء الاشتراكات شبه مستحيل؟

يشهد المشهد الرقمي في أستراليا تحولًا لافتًا؛ فبينما تتراجع ساعات المشاهدة والاستخدام، تستمر فاتورة الاشتراكات بالارتفاع. يكشف تقرير جديد عن زيادة بنسبة 24% في متوسط الإنفاق الشهري على خدمات مثل نتفليكس وسبوتيفاي، في وقت يجد فيه المستخدمون صعوبة في إلغاء اشتراكاتهم فيما يعرف بـ"تأثير فندق كاليفورنيا"، حيث يمكن التسجيل بسهولة لكن المغادرة شبه مستحيلة. ومع تراجع التفاعل مع الشاشات وعودة الاهتمام بالأنشطة الواقعية، يبدو أن الأستراليين باتوا يعيدون التفكير في علاقتهم مع الاقتصاد الرقمي الذي يستنزف جيوبهم أكثر مما يرفّه عنهم.

A combination image of a person holding a remote on the left and a woman holding up a phone with Netflix logo showing on the right.

According to a new report, average monthly spending on subscriptions has increased to a record number. Source: SBS, Getty / Supplied / Djavan Rodriguez

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

الاشتراكات تلتهم الميزانيات

يبدو أن الأستراليين يدفعون اليوم أكثر من أي وقت مضى مقابل خدماتهم الرقمية لكن ليس لأنهم يشاهدون أو يستمعون أكثر.

فعلى غرار الكثيرين، كانت رويا رعد، البالغة من العمر 29 عاماً من ملبورن، تنفق عشرات الدولارات شهرياً على اشتراكات الأفلام والموسيقى، قبل أن تقرر مؤخراً إعادة النظر في مصروفاتها الرقمية.
قررنا التوقف مؤقتاً عن بعض الاشتراكات مثل نتفليكس لتوفير بعض المال، لأننا شعرنا أننا لا نستفيد بما يكفي مقابل ما ندفعه
رويا رعد
الآن، لا تحتفظ رعد وزوجها سوى باشتراكين فقط، ويقومان كل شهر بمراجعة ما يدفعانه، وإلغاء أي خدمة يشعران أن تكلفتها باتت أعلى من قيمتها.
A woman sitting on a sofa holds up a phone, which shows the Netflix logo
Roya Raad only keeps the streaming subscriptions that she uses regularly. Source: SBS / Supplied

ارتفاع قياسي في الإنفاق على الاشتراكات

بحسب تقرير جديد لشركة ديلويت (Deloitte)، ارتفع متوسط الإنفاق الشهري على الاشتراكات في أستراليا بنسبة 24% ليصل إلى 78 دولاراً في عام 2025، مقارنة بـ63 دولاراً في العام الماضي.

ويملك كل منزل أسترالي في المتوسط 3.7 اشتراكات في خدمات بث أو موسيقى أو رياضة.

وأظهر التقرير، الذي شمل 2000 مشاركاً من مختلف الأجيال، أن 36% من الأستراليين تجاوزوا ميزانيتهم الشهرية المخصصة للاشتراكات، بينما عبّر 78% عن قلقهم من ارتفاع التكاليف المستمرة.
نعيش اليوم في عالم لا نملك فيه الأشياء، بل نشترك في كل شيء. لذلك من الطبيعي أن ترتفع الأرقام بهذا الشكل”تأثير فندق كاليفورنيا": صعب الدخول.. مستحيل الخروج
شاندني غوبتا، نائبة الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث سياسات المستهلك (CPRC)
يصف الخبراء ظاهرة زيادة الإنفاق بأنها نتيجة لتغيرات في السوق وسلوك المستهلكين معاً، خصوصاً بعد الزيادات المتكررة في أسعار خدمات مثل نتفليكس وسبوتيفاي.

لكن المشكلة الأكبر تكمن في ما يسمى بـ "فخ الاشتراك" أو Subscription Trap، حيث يجد المستخدمون صعوبة في إلغاء اشتراكاتهم رغم رغبتهم بذلك.

وكشفت دراسة لـ CPRC عام 2024 أن نحو نصف الأستراليين يقضون وقتاً أطول من المتوقع لمحاولة إلغاء اشتراكاتهم، بينما 10% منهم يتراجعون تماماً عن الإلغاء بسبب صعوبة العملية.

تقول غوبتا: "لقد صُممت هذه الأنظمة لتحقيق الربح لا راحة المستخدم، وهذا يعني أنك تبقى مشتركاً لفترة أطول مما تريد."

وأضافت: "نطلق عليه تأثير فندق كاليفورنيا يمكنك تسجيل الخروج في أي وقت، لكنك لا تستطيع المغادرة أبداً."

أقل استهلاك.. وميل أكبر للحياة خارج الشاشات

المثير أن هذا الارتفاع في الإنفاق لا يعكس زيادة في الاستخدام.

فوفقاً لتقرير ديلويت، أمضى الأستراليون ساعتين ونصف أقل في استهلاك المحتوى الإعلامي والترفيهي مقارنة بعام 2024، ليبلغ المتوسط الأسبوعي 42 ساعة و45 دقيقة فقط.

كما تراجع الوقت المخصص لبث الفيديوهات، بينما قال بيتر كوربيت، الشريك التنفيذي في ديلويت أستراليا، إن: "الوقت الذي يقضيه الأستراليون في استهلاك المحتوى انخفض للسنة الثانية على التوالي، مع اتجاه متزايد نحو الأنشطة الواقعية أو كما نقول: بدأ الأستراليون يتعلمون لمس العشب أي إعادة التوازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية."

وأشار كوربيت إلى أن السبب ربما يعود إلى تشبّع المستهلكين من الشاشات بعد جائحة كوفيد-19، واتجاههم نحو الأنشطة الاجتماعية والترفيه الواقعي.

تراجع في التصفح.. واهتمام متزايد بالإبداع

لم يقتصر الانخفاض على خدمات البث، بل شمل أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي، إذ انخفض الوقت الأسبوعي الذي يقضيه الأستراليون على هذه المنصات إلى خمس ساعات و20 دقيقة فقط أي انخفاض بنسبة 16% مقارنة بعام 2024.

وسجل جيل الطفرة السكانية (Boomers) أكبر تراجع بنسبة 27%، بينما قلّ استخدام جيل زد (Gen Z) والجيل الألفي (Millennials) بنسبة 14%.

ورغم ذلك، ازداد الإقبال على صناعة المحتوى الرقمي، حيث أظهر التقرير أن واحداً من كل خمسة أستراليين يفكر في أن يصبح منشئ محتوى، بدوافع تتعلق بالدخل والتعبير الإبداعي وبناء المجتمع.

أما بين جيل زد، فارتفعت النسبة إلى 39%.

اشتراكات أكثر.. استخدام أقل

يبدو أن الأستراليين يدفعون اليوم ثمناً متزايداً لعالم رقمي يشتركون فيه أكثر مما يمتلكون.

ومع صعوبة الانفصال عن هذه الخدمات وارتفاع الأسعار، يتجلى ما يسميه الخبراء "تأثير فندق كاليفورنيا"عالم يمكنك دخوله بسهولة، لكن الخروج منه ليس بنفس البساطة.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

نشر في:

By Niv Sadrolodabaee
تقديم: George Gharam
المصدر: SBS

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand