تفتتح الدورة الثمانون للجمعية العامة للأمم المتحدة أعمالها في نيويورك، حيث ستتصدّر ملفات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المناخ، المساواة بين الجنسين، تمويل التنمية، وإصلاح الأمم المتحدة جدول المناقشات.
ورغم ان اجندة هذه الدورة متخمة بالملفات لكن حدث هذا العام يجتذب اهتماما كبيرا لأن العديد من القادة أعلنوا عزمهم الاعتراف بفلسطين كدولة خلال اجراءات التصويت المرتقب.
رئيسة الجمعية العامة للامم المتحدة أنالينا بيربوك، أكدت أن المنظمة بعد ثمانية عقود على تأسيسها عام 1945 مطالبة بأن تنظر إلى المستقبل، وقالت "إنها سنة للتأقلم والتطور وبناء الأمم المتحدة التي نحتاجها للثمانين عاماً المقبلة، لأعمار أطفالنا. إنها لحظة لنُظهر لثمانية مليارات إنسان حول العالم لماذا ما زالت هذه المنظمة مهمة."
كيف تعمل الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
في كل عام، يجتمع قادة العالم في نيويورك لإلقاء كلماتهم ومناقشة القضايا الدولية والتصويت على مشاريع القرارات.
وبحسب التقاليد، تكون البرازيل أول المتحدثين، تقديراً لمبادرتها في سنوات المنظمة الأولى حين ترددت دول أخرى، فيما تحل الولايات المتحدة ثانياً باعتبارها الدولة المضيفة لمقر الأمم المتحدة ، وبعد ذلك يُحدد ترتيب الخطابات وفق الأسبقية والاعتبارات البروتوكولية.
وقالت مديرة مركز القانون الدولي العام بالجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا إيموجين ساوندرز لـــSBS News إن للجمعية العامة وظائف متعددة ، ابرزها "انتخاب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين وقضاة محكمة العدل الدولية وإحالة طلبات الرأي الاستشاري إلى محكمة العدل الدولية، وهو دور يتعاظم في السنوات الأخيرة ، فضلا عن أنها منبر للنقاش وإصدار القرارات"
تحركات دولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية
وبعد أن بدأت الجمعية العامة وبعضويتها 51 دولة فقط ، فأنها تضم اليوم 193 دولة، إضافة إلى الفاتيكان وفلسطين بصفة مراقب.
وسيلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة عبر الفيديو بعد أن رفضت الولايات المتحدة منحه تأشيرة دخول إلى نيويورك.
وتأتي كلمته في وقت تسعى فيه دول عديدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، بينها أستراليا وكندا وبريطانيا وفرنسا.
وفي هذا السياق، وصل رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي إلى نيويورك يوم الأحد للمشاركة في أعمال الجمعية العامة، في أول زيارة له لهذا المحفل الدولي، وتأتي مشاركته وسط صراعات عالمية مثيرة للانقسام في أوكرانيا وغزة.
وكان ألبانيزي قد أعلن في وقت سابق أن أستراليا ستؤكد اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال هذه الدورة، إلى جانب دول أخرى منها المملكة المتحدة، فرنسا، كندا وبلجيكا ، والتي تعهدت باتخاذ موقف مماثل .
وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أوضح أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية "استناداً إلى الالتزامات التي تلقتها من السلطة الفلسطينية"، مبينا ان "حل الدولتين هو الأمل الأفضل للبشرية لكسر دائرة العنف في الشرق الأوسط، وإنهاء الصراع والمعاناة والمجاعة في غزة."
ونقلت ABC News عن وزير الطاقة الأسترالي كريس بوين، المرافق لرئيس الوزراء في نيويورك القول أنه "بينما يحق للجميع التعبير عن آرائهم، سنحدد السياسة الخارجية الأسترالية نحن، لا أي طرف آخر... نحن الآن نرى أن الاعتراف بفلسطين خطوة نحو حل الدولتين."
وكرر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الموقف ذاته قائلا انه "مع تزايد التهديد لهذا الحل (حل الدولتين)، فإن اللحظة قد حانت للتحرك."
ألبانيزي ولقاء مرتقب مع ترامب .. و AUKUS في صدارة الملفات
ويتعرض ألبانيزي لضغوط لعقد لقاء مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن فشل اجتماع مرتقب بينهما على هامش قمة مجموعة السبع في يونيو الماضي. ومن المتوقع أن يحضر أيضاً حفل استقبال يستضيفه ترامب يوم الثلاثاء، ما قد يفتح الباب لأول لقاء وجهاً لوجه بينهما، حيث من المرجح أن تهيمن على المحادثات قضايا مثل الشراكة الدفاعية AUKUS والصين.
وأكد ألبانيزي أن القمة تمثل فرصة مهمة للدفع باتجاه عمل مناخي عالمي، بعد إعلان أستراليا هذا الأسبوع أهداف خفض الانبعاثات لعام 2035. وقال في تصريح صحفي " أنا فخور جداً بتمثيل أستراليا في الأمم المتحدة هذا الأسبوع. هذه هي المرة الأولى لي هنا كرئيس للوزراء. إنها فرصة لتعزيز الأمن الاقتصادي والقومي لأستراليا، وبالطبع مصالحنا البيئية، بالنظر إلى أن تغيّر المناخ سيكون في صدارة الجمعية العامة هذا الأسبوع."
وكانت أستراليا قد أعلنت في أغسطس/آب أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة "للمساهمة في الزخم الدولي نحو حل الدولتين، ووقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن".
وكجزء من رحلته الدولية، سيزور ألبانيزي أيضاً المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
بوصلة أخلاقية وثقل معنوي كبير لقرارات الجمعية
وأشارت ساوندرز إلى أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة قانونياً، بل تحمل طابع التوصية والتعاون، وهذا يعني ، والحديث لساوندرز ، بشكل أساسي أنه لا يمكن إجبار الدول الأعضاء على اتباع مسارات عمل معينة ، لكنها ، أي الجمعية، قادرة على ترسيخ أعراف ومعايير ملزمة في القانون الدولي إذا تراكمت بمرور الوقت.
وقالت ساوندرز "رغم أنها ليست ملزمة بحد ذاتها، إلا أن القرارات المتكررة قد تسهم في تطوير قواعد القانون الدولي."
كما أن للجمعية نفوذاً واسعاً عبر وكالات الأمم المتحدة المختلفة، وهي الهيئة الوحيدة التي تتيح لكل دولة عضوة حقاً متساوياً في التصويت.
واضافت ساوندرز "حين يصدر قرار بالإجماع أو شبه الإجماع، فإنه يمثل استفتاءً عالمياً فعلياً، ويحمل وزناً أخلاقياً كبيراً."
مواعيد وأجواء
رغم أن الجلسة العامة الأولى للدورة الـ80 انعقدت في التاسع من سبتمبر، إلا أن الاجتماعات رفيعة المستوى والقمم لن تبدأ إلا في 22 سبتمبر.
وبينما يترقب العالم مداولات قادة الدول، تبقى العيون مسلّطة على ما إذا كانت هذه الدورة ستفتح صفحة جديدة في تاريخ الأمم المتحدة، وهي تدخل عقدها التاسع محمّلة بآمال ثمانية مليارات إنسان.