رغم اقتراب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله من إتمام عامه الأول، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تصعيداً متزايداً، مع تكثيف تل أبيب ضرباتها الجوية، لا سيّما في جنوب لبنان والبقاع. وتقول إسرائيل إنها تستهدف مواقع عسكرية وعناصر في حزب الله تتهمهم بنقل أسلحة أو محاولة إعادة بناء قدراته العسكرية.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية سقوط عدد من القتلى في سلسلة غارات إسرائيلية متزامنة. ففي بلدة الناقورة الساحلية قُتل شخص جراء استهداف سيارة، فيما أدت غارة أخرى على بلدة النبي شيت في قضاء بعلبك شرق البلاد إلى مقتل شخص آخر.
وفي وقت لاحق، أعلنت الوزارة مقتل مواطن سوري وإصابة آخر من الجنسية نفسها في غارة على بلدة الحفير في منطقة بعلبك. وبذلك ترتفع حصيلة القتلى منذ الخميس إلى أحد عشر شخصاً في مختلف المناطق المستهدفة.
إسرائيل تتحدث عن استهداف "مهربي أسلحة"
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل في البقاع علي حسين الموسوي، واصفاً إياه بأنه "مهرب أسلحة في حزب الله" و"عنصر محوري في إعادة تسليح الحزب ونقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان".
وأضاف أن غارة أخرى في الناقورة أسفرت عن مقتل عبد محمود السيد، الذي قال إنه "مندوب محلي لحزب الله ومسؤول عن التنسيق الاقتصادي والعسكري بين الحزب وسكان المنطقة"، متهماً إياه بالمشاركة في "محاولات إعادة بناء القدرات العسكرية للحزب".
الأمم المتحدة: انتهاك جديد للسيادة اللبنانية
في تطور آخر، أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أن طائرة مسيّرة إسرائيلية ألقت قنبلة قرب دورية تابعة لها في محيط بلدة كفركلا، أعقبها إطلاق نار من دبابة إسرائيلية باتجاه القوة الدولية.
وأكدت اليونيفيل في بيان أن الحادث لم يسفر عن إصابات، لكنها وصفت ما جرى بأنه "انتهاك لقرار مجلس الأمن 1701 ولسيادة لبنان"، داعية إلى "ضبط النفس وتفادي أي تصعيد قد يهدد الاستقرار الهش في الجنوب".
سلسلة غارات متواصلة وتصاعد في وتيرة العنف
خلال الأيام الماضية، صعّدت إسرائيل من وتيرة غاراتها في لبنان. فقد قُتل شخصان السبت جراء استهداف سيارة ودراجة نارية في الجنوب، وقال الجيش الإسرائيلي إن بين القتلى قيادياً في "الوحدة المضادة للدروع" وأحد عناصر "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله.
كما قُتل شخصان الجمعة في غارتين منفصلتين، استهدفت الأولى مسؤولاً لوجستياً في قيادة جبهة الجنوب، فيما طالت الثانية عنصراً اتُّهم بمحاولة إعادة بناء مواقع عسكرية.
أما يوم الخميس الماضي، فشهد موجة من الغارات على الجنوب والبقاع أودت بحياة أربعة أشخاص بينهم سيدة مسنّة، وفق وزارة الصحة، بينما قالت إسرائيل إنها قصفت "مستودعات أسلحة ومعسكراً تدريبياً وبنى تحتية عسكرية".
هدنة هشة واتفاق مهدّد
وكان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بوساطة أميركية وفرنسية، قد أنهى حرباً مدمّرة استمرت أكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله. ونصّ الاتفاق على انسحاب مقاتلي الحزب من جنوب نهر الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية هناك، على أن يُحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
لكن إسرائيل أبقت قواتها في خمس تلال استراتيجية جنوب لبنان، في مخالفة صريحة لبنود الاتفاق، فيما يواصل سلاح الجو الإسرائيلي تنفيذ غارات محدودة بذريعة "الردّ على التهديدات".
انقسام داخلي وضغوط دولية
تحت ضغط أميركي متزايد، أعلنت الحكومة اللبنانية في آب/ أغسطس الماضي قرارها بنزع سلاح حزب الله، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في البلاد. ووضعت قيادة الجيش خطة من خمس مراحل لتنفيذ القرار، غير أن الحزب سارع إلى رفضه واعتبره "خطيئة وطنية"، مؤكداً أن سلاحه "جزء من معادلة الردع وحماية لبنان".
ومع استمرار التصعيد الميداني، يحذر مراقبون من أن الهدنة المترنّحة قد تنهار في أي لحظة، ما لم تُتخذ خطوات حقيقية لضبط النفس على جانبي الحدود، وتفعيل دور الأمم المتحدة في مراقبة تنفيذ الاتفاقات الأمنية.


