حين تصبح الابتسامة عبئاً: لماذا لا يستطيع الجميع الوصول إلى علاج الأسنان؟

قد لا يدرك كثيرون مدى أهمية الأسنان واللثة في حياتنا اليومية، إلا عندما تتعرض صحتها للضرر. فالفم السليم لا يقتصر دوره على المضغ أو التذوق أو الكلام فحسب، بل يؤثر أيضاً في الثقة بالنفس، والتواصل الاجتماعي، وحتى في نوعية التغذية والصحة العامة.

Two female dentists with dental instruments in their hands, looking down. They are wearing glasses and masks.

Oral health care remains inaccessible and unaffordable for many Australians. Source: Getty / Peter Cade

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

لكن بالنسبة لمن يعانون من فقدان الأسنان أو أمراض اللثة أو تسوّس مزمن، فإن الأمر يتجاوز الجوانب الجمالية إلى معاناة حقيقية تشمل الألم، وصعوبة النوم، واضطرابات في النطق أو تناول الطعام، فضلاً عن الوصمة الاجتماعية التي ترافق هذه الحالات.

وصمة اجتماعية متجذّرة

تُعدّ صحة الفم في المجتمعات الحديثة مؤشراً ضمنيّاً على المكانة الاجتماعية والاقتصادية. فقد ربطت دراسات عديدة بين مظهر الأسنان وبين تصورات الناس عن الذكاء والجاذبية والمكانة.

في دراسة بريطانية أُجريت عام 2010، عرض الباحثون صوراً لأشخاص تم تعديلها رقمياً لإظهار مستويات مختلفة من تسوّس الأسنان. والنتيجة كانت واضحة: كلّما زادت علامات التلف في الصورة، قلّت تقييمات المشاركين للشخص من حيث الثقة بالنفس والسعادة والقدرات الاجتماعية.
وفي أستراليا، أظهرت دراسة حديثة شملت 4476 طفلاً أن فقدان الأسنان بسبب التسوّس أو الإصابات شائع نسبياً، ويؤثر على طفل من بين كلّ عشرة، كما يزيد احتمال تعرّضه للتنمّر بنسبة 42%؜.
هذه التجارب المبكرة تترك آثاراً نفسية عميقة، قد تجعل الطفل أو البالغ لاحقاً أكثر خجلاً أو عزلة، وأقلّ إقبالاً على طلب العلاج خوفاً من الإحراج أو اللوم.

الرعاية السنية… رفاهية لا يقدر عليها الجميع

رغم أن أمراض الفم مثل التسوس والتهاب اللثة شائعة في أستراليا، إلا أن الوصول إلى الرعاية السنية لا يزال محدوداً. فبرنامج "Child Dental Benefits" الحكومي يغطي فقط الأطفال دون سن 17 عاماً من الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي، بينما يعاني كبار السن من قوائم انتظار طويلة في النظام العام.

هذا الواقع يجعل الرعاية السنية غير متاحة أو غير ميسورة التكلفة للكثيرين، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية والنفسية المرتبطة بها.

انعكاسات تتجاوز الألم الجسدي

تؤكد الأبحاث أن تدهور صحة الفم لا يهدد فقط القلب أو الأوعية الدموية، بل يؤثر كذلك على نمط الحياة بأكمله. فالألم الناتج عن التسوّس أو الالتهابات يجعل المرضى أكثر عرضة للتغيب عن العمل أو المدرسة، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية وتعليمية طويلة المدى.
وفي حالات كثيرة، يضطر الأهالي إلى ترك وظائفهم مؤقتاً لمرافقة أبنائهم إلى طبيب الأسنان، بينما تتراكم الضغوط المالية بسبب كلفة العلاج الباهظة.

وقد دفعت هذه الأزمة بعض الأستراليين إلى سحب أموال من صناديق التقاعد الخاصة بهم لتغطية نفقات علاج الأسنان، في مشهد يعكس عمق المشكلة الاجتماعية والاقتصادية.
A dentist wearing blue disposable gloves and white scrubs looks down from above while holding a dental instrument.
Research shows when people are in pain from tooth decay they are more likely to take days off work and school. Source: Getty / ArtistGNDphotography

ما الحل؟

أظهرت دراسة أجريت هذا العام أن 96% من البالغين في أستراليا يعتبرون الرعاية السنية جزءاَ أساسياً من الرعاية الصحية. ومع ذلك، تظلّ العوائق المالية حجر عثرة أمام كثيرين، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

يرى الباحثون أن الحل لا يقتصر على خفض كلفة العلاج، بل يجب أن يمتد إلى معالجة الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى تدهور صحة الفم، مثل الفقر، وسوء التغذية، والإجهاد المزمن، والاستهلاك المرتفع للسكريات والكحول والتبغ.

فما لم تُعالج جذور هذه العوامل، ستبقى أمراض الفم وأسنان الفقراء وصمةً تعكس التفاوت الاجتماعي أكثر مما تعبّر عن الإهمال الفردي.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

نشر في:

By Ankur Singh
تقديم: George Gharam
المصدر: The Conversation

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand