أعلنت السلطات السورية الأربعاء بدء انسحاب قواتها من السويداء التي شهدت أعمال عنف دامية، وذلك بعد دعوة أميركية لخروج القوات الحكومية من المحافظة.
وجاء إعلان بدء الانسحاب بعدما أشارت وزارة الداخلية مساء الأربعاء إلى التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، يضمّ 14 بندا، ينصّ أبرزها على إيقاف كل العمليات العسكرية بشكل فوري وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة السورية وشيوخ دروز للإشراف على عملية التنفيذ.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التوصّل إلى توافق على "خطوات محدّدة من شأنها أن تضع حدّا الليلة للوضع المضطرب والمرعب"، مضيفا أنه يتوقّع أن "يفي جميع الأطراف بالتزاماتهم".
وقصفت إسرائيل مجدّدا أهدافا للسلطات السورية وهدّدت بتكثيف ضرباتها إذا لم تخرج القوات السورية من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية حيث أوقعت أعمال العنف منذ الأحد أكثر من 300 قتيل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزيا واعقبتها عمليات خطف متبادلة.
ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
ومساء الأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع السورية "بدء انسحاب قوات الجيش العربي السوري من مدينة السويداء تطبيقا لبنود الاتفاق المبرم، وبعد الانتهاء من تمشيط المدينة من المجموعات الخارجة عن القانون"، من دون أيّ ذكر لانسحاب قوات حكومية أخرى منتشرة في المدينة.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية حضّت القوات الحكومية السورية على مغادرة منطقة النزاع في جنوب سوريا لخفض التوترات.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس في تصريح لصحافيين "ندعو الحكومة السورية، في الواقع، إلى سحب قواتها العسكرية لتمكين جميع الأطراف من احتواء التصعيد وإيجاد سبيل للمضي قدما"، بدون تحديد المنطقة التي دعت واشنطن سلطات دمشق إلى سحب قواتها منها.
ودان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء الضربات الإسرائيلية في سوريا، داعيا إلى إنهاء "العدوان السافر" للجيش الإسرائيلي.
وحضّ الاتحاد الأوروبي "إسرائيل على أن توقف فورا ضرباتها" في سوريا.
من جهته، أمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون الأربعاء بـ"تهدئة حقيقية" في محافظة السويداء، وحضّ إسرائيل على "الوقف الفوري لجميع الانتهاكات لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، والامتناع عن أيّ إجراءات أحادية الجانب تؤدي لتفاقم الصراع".

Druze people from Golan and Galilee gather at the ceasefire line, trying to cross the buffer zone to enter Syria, near the Village of Majdal Shams, in the Golan Heights. Source: AAP / Atef Safadi / EPA
والأربعاء، شنّ الجيش الإسرائيلي ضربات على مقر رئاسة الأركان في دمشق وعلى "هدف عسكري" في محيط القصر الرئاسي، وأفادت السلطات السورية بسقوط ثلاثة قتلى.
وقال مصدر عسكري في وزارة الداخلية السورية لفرانس برس إن القصف طاول "محيط مطار المزة" حيث هناك "بعض مستودعات الذخيرة".
وخلال جولة تفقدية له في هضبة الجولان المحتلة، قال رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير "يعمل القادة والجنود بحسّ من المسؤولية وضبط النفس".
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس حذّر في بيان الأربعاء من أنه "يجب على النظام السوري أن يترك الدروز في السويداء وشأنهم، وأن يسحب قواته" منها.
وقال إنّ الجيش الإسرائيلي "سيواصل مهاجمة قوات النظام حتى انسحابها من المنطقة وسيرفع قريبا مستوى الردّ ضدّ النظام إذا لم يتمّ استيعاب الرسالة".
وتقول إسرائيل التي تحتلّ جزءا من الجولان السوري، إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنّها لن تسمح بوجود عسكري في جنوب سوريا قرب حدودها.
وشاهد مراسل لفرانس برس داخل المدينة نحو ثلاثين جثة، يعود بعضها لعناصر من السلطة وأخرى لمقاتلين بلباس مدني مع جعب عسكرية فيما كان الدخان يتصاعد من بعض أحياء المدينة على وقع دوي القصف المتقطع.

Civil defence workers inspect the Syrian defence ministry building after it was heavily damaged by Israeli airstrikes. Source: AAP / AP / Ghaith Alsayed
وأحصى المرصد السوري منذ اندلاع الاشتباكات الأحد، مقتل 64 مسلحا درزيا إضافة الى 28 مدنيا، 21 منهم قتلوا "بإعدامات ميدانية برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية"، مقابل 138 قتيلا من عناصر الجيش والأمن العام و18 مسلّحا من البدو.
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد في محافظة السويداء خصوصا.
وأعادت الاشتباكات الى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات الانتقالية بقيادة أحمد الشرع منذ وصولها إلى الحكم بعد إطاحة بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر بعد حرب استمرت 14 عاما.