منذ وفاة آية الله روح الله الخميني عام 1989، يتولى آية الله علي خامنئي منصب المرشد الأعلى في إيران، وهو أعلى سلطة سياسية ودينية في البلاد.
ورغم بداياته التي وصفها البعض بـ"الضعيفة"، رسّخ خامنئي خلال العقود الثلاثة التالية سلطته المطلقة على مؤسسات الدولة الإيرانية، العسكرية منها والمدنية، ليتحول إلى الشخصية الأكثر نفوذاً في الجمهورية الإسلامية.
لكن ومع اقترابه من عقده التاسع، يواجه خامنئي أخطر التحديات في مسيرته، عقب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع داخل إيران، وأودت بحياة شخصيات أمنية رفيعة، من بينها قائد الجيش ورئيس الحرس الثوري.
يشير محللون إلى أنّ هذه التطورات قد تعجّل بنهاية مرحلة حكم خامنئي. يقول الباحث أرش عزيزي من جامعة بوسطن إن "غروب حكمه تسارع مع هذه الهجمات"، معتبرًا أن الصراع مع إسرائيل يمثل تحولاً حادًا في سياسة خامنئي التي طالما اتسمت بالحذر وتجنّب الصدام المباشر.

Ayatollah Ali Khamenei has served as Iran's supreme leader for over three decades. Source: Anadolu / Getty images
خامنئي، الذي تعرّض لمحاولة اغتيال في الثمانينات أدّت إلى شلل في ذراعه اليمنى، لا يتمتع بالكاريزما الدينية التي ميّزت الخميني، لكنه عوّض عن ذلك ببناء جهاز أمني معقّد يعتمد على الحرس الثوري وقوات الباسيج. ويُعد هذا التحالف الأمني-العقائدي الأداة الرئيسة في قمع الاحتجاجات، كما حصل بعد انتخابات 2009، وأيضًا عقب وفاة مهسا أميني عام 2022، والتي أشعلت احتجاجات نسائية واسعة النطاق.
على الصعيد الاقتصادي، يدير خامنئي إمبراطورية مالية ضخمة تُعرف بـ"ستاد"، تقدّر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات، وتمنحه نفوذًا مباشرًا في مفاصل الدولة. كما أنّ علاقته بالحرس الثوري تجاوزت الجوانب الأمنية لتشمل تمويل الميليشيات المتحالفة مع طهران في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
لكن رغم هذه القبضة المحكمة، فإن الضربات الإسرائيلية الأخيرة كشفت هشاشة المعادلة. بحسب جيسون برودسكي، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، فإن خامنئي كان يفاخر طويلاً بإبعاد الحرب عن أراضي بلاده، إلا أن هذا التوازن يبدو أنه قد اختل.
من جهتها، ترى الباحثة هولي داغرس أن الشارع الإيراني بات أكثر انقسامًا، فبينما يرغب كثيرون في نهاية نظام الجمهورية الإسلامية، إلا أن غالبيتهم لا يريدون أن يكون ذلك عبر حرب مدمرة.
وبينما يتراجع نفوذ طهران الإقليمي بعد الضربات الإسرائيلية لحلفائها من حماس في غزة إلى حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، تتساءل الأوساط السياسية في الداخل والخارج: هل اقتربت إيران من مرحلة ما بعد خامنئي؟