في علم السياسة محظورات كثيرة أبرزها: النزيف الداخلي والفوز غير المقنع. بحسب التطورات المتسارعة التي توالت على المشهد السياسي الأسترالي اليوم، يبدو أن رئيس الوزراء مالكوم تورنبول وقع في هذين المحظورين.
صحيح أن تورنبول تمكن من إلحاق الهزيمة بمنافسه وزير الأمن الداخلي بيتر داتن، لكنّ المنازلة كشفت أن النزيف داخل حزب الأحرار، الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم، أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وأن تورنبول الضعيف أساساً في مجلس النواب حيث لحكومته الائتلافية أغلبية ضئيلة، أصبح أكثر ضعفاً داخل حزبه.
برأي المحللين، نجح تورنبول في اقتناص فرصة اجتماع برلمانيي حزبه صباح اليوم ليسدد ضربته الوقائية إلى داتن الذي تحوّل فجأة غريماً سياسياً له، وذلك قبل أن يتمكن الأخير من جمع الأصوات اللازمة لمنازلته. فاز تورنبول على داتن بـ 48 صوتاً مقابل 35.
هذه النتيجة تكشف حقيقة خطيرة عن حزب الأحرار وهو أنه منقسم على نفسه بشكل أكبر مما كان يُعتقد. فقد كانت أوساط تورنبول تقول إن عدد خصوم رئيس الوزراء لا يتعدى عدد أصابع اليدين، منهم سلفه توني أبوت وبعض المحيطين به. لكنّ الأصوات التي حصل عليها داتن أثبتت عكس ذلك.
لقد انتصر تورنبول اليوم، لكنّه جُرح وإصابته قاتلة! وخرج داتن من الحكومة وأضوائها لينكفئ إلى الصفوف الخلفية وظلماتها، لكنّ عودته القوية واردة! حتى أن أوساطه لا تستبعد تحدي زعامة تورنبول مرة أخرى خلال أسبوع! حتى ولو لم يصح ذلك، مجرد التفكير بذلك يؤكد أن حزب الأحرار، ومعه الائتلاف الحاكم، وقع في المحظور الأكبر، النزيف الطويل المدى.
وعلى الهامش، يبدو الناخبون متفرجين، لكنّ ذاكرتهم لا تنسى بسهولة. وسبق للناخبين أن عاقبوا الحكومات التي طعن فيها الرفاق بعضهم بعضاً.
لا شك أن زعيم المعارضة بيل شورتن منشرح لهذا المشهد. قد يكون الآن في صدد عدّ الأيام متمنياً أن تأتي الانتخابات الفدرالية اليوم قبل الغد.
المزيد عن هذا الموضوع مع رئيس تحرير صحيفة التلغراف الصادرة في أستراليا أنطوان القزي.