تُعد حماس إحدى الحركات الفلسطينية الرئيسية التي نشأت في فترة الثمانينات، وعبر السنين أصبح تأثيرها كبيراً على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
يعود تأسيس الحركة إلى عام 1987 بمبادرة من الشيخ أحمد ياسين وعدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الناشطين على الساحة الفلسطينية. أما اسمها "حماس" فهو اختصار للاسم الكامل وهو "حركة المقاومة الإسلامية".
تعتبر حماس نفسها امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928، وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي".
تعبّر حماس عن أفكارها وتوجهاتها من خلال ميثاقها التأسيسي الذي صاغته في عام 1988، والذي يُظهر الهوية والأهداف والتطلعات والمواقف التي تؤمن بها.
New Palestinian Prime Minister Ismail Haniyeh, of the Islamic group Hamas, center, conducts his first cabinet meeting in Gaza City, Wednesday, April 5, 2006. The Palestinian Authority's coffers are empty and the new government is struggling to find money to pay tens of thousands of its employees, Haniyeh told his Hamas-led Cabinet at its first meeting Wednesday. On the wall are portraits of late Palestinian leader Yasser Arafat, right, and Palestinian Authority President Mahmoud Abbas, right. (AP Photo/Khalil Hamra) Source: AP / KHALIL HAMRA/AP
لم تبدأ حماس عملياتها ضد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلا بعد عامين تقريبًا من تأسيسها، حيث نفذت أولى عملياتها التي استهدفت عسكريين إسرائيليين، وهو ما أدى إلى تصنيفها كجماعة إرهابية من قبل إسرائيل، وتصاعُد المواجهات بين الجانبين.
رفضت حركة حماس في العام 1996، المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية في مناطق السلطة الفلسطينية، مُبررة ذلك بأن السلطة التي شكلت بموجب اتفاقية أوسلو كانت تعمل تحت إشراف وقيود تلك الاتفاقية.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر من العام 2000، انضمت حماس بقوة إلى المواجهات وشاركت في تنفيذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية.
وفي عام 2001 نجحت في إطلاق أول صاروخ محلي الصنع بمدى يصل إلى أربع كيلومترات.
في العام 2005 قررت إسرائيل الانسحاب من قطاع غزة بموجب خطة أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك أرييل شارون. خلال تلك العملية، تم سحب القوات الإسرائيلية بشكل أحادي الجانب من القطاع، وأُخليت المستوطنات التي كانت مقامة داخله.
في العام التالي، أجريت انتخابات تشريعية في القطاع وفازت حركة حماس بالأغلبية، مما مكَّنها من السيطرة على المجلس التشريعي بنسبة وصلت إلى 57 بالمئة وتشكيل حكومة برئاسة إسماعيل هنية.
هذا الفوز أثار ردود فعل متباينة، حيث رفضت الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية مواصلة التعامل مع حكومة تديرها حماس، وطالبتاها بالتخلي عن المقاومة والاعتراف بإسرائيل.
في أعقاب سيطرة حماس على السلطة في غزة، فرضت إسرائيل حصاراً مشدداً على القطاع، وقامت بإغلاق المعابر التجارية وتقييد تداول السلع والأشخاص وحتى السفر إلى الخارج. هذا الحصار أسفر عن تدهور الوضع الصحي في غزة ووفاة العديد من الأشخاص بسبب الظروف القاسية التي فرضتها هذه الإجراءات.
داخلياً، توترت العلاقات بين حماس وحركة فتح، وتصاعدت المواجهات بينهما، الأمر الذي أدى في النهاية إلى انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية وانفرادها بالسيطرة على قطاع غزة عام 2007.
نجحت حركة حماس في تطوير جهازها العسكري المعروف باسم "كتائب القسام"، الذي اتخذ اسمه تيمناً بعز الدين القسام، وهم سوري الأصل نشط منذ عام 1911 في عدة مناطق تشهد حركات مقاومة، حيث شارك في المقاومة ضد احتلال إيطاليا لمدينة طرابلس وفي المقاومة ضد الانتداب الفرنسي في سوريا.
Fighters of Ezz al-Din Al-Qassam brigades, the military wing of Hamas, march to greet Al Qassam commander Basim Issa in Gaza City. Gazans tried to piece back their lives after a devastating 11-day conflict with Israel that killed more than 200 people and made thousands homeless in the impoverished Palestinian enclave. (Photo by Ahmed Zakot / SOPA Images/Sipa USA) Credit: SOPA Images/Sipa USA
قادت حركة حماس جهودًا هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية
وأبرز تلك الجهود تطوير شبكة متشعبة من الأنفاق الداخلية، وتحقيق تقدم في مجال الصناعات الصاروخية، حيث بلغ مدى الصواريخ التي أنتجتها حماس 160 كيلومتراً.
في عام 2008، شنت إسرائيل هجومًا موسعًا على قطاع غزة بقيادة حماس، بعد إطلاق الحركة لعشرات الصواريخ على مناطق سكنية إسرائيلية، مما أدى إلى مقتل 13 إسرائيليًا وأكثر من 1400 فلسطيني. منذ سيطرتها على القطاع، خاصت حماس ثلاث حروب مدمرة مع إسرائيل في الأعوام 2008 و2012 و2014.
عادت حماس بقوة إلى الأضواء في السابع من أكتوبر من العام الحالي، عندما قادت هجومًا مباغتاً من غزة على إسرائيل التي ردت بإعلان الحرب على حماس بهدف التخلص منها بشكل كامل.
وبالتوازي مع عودة اسم حماس إلى الأضواء، برز اسم مرتبط بها مباشرة هو يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2017، والرأس المدبر كما يبدو لهجوم السابع من أكتوبر.
ينحدر يحيى السنوار من عائلة كانت تعيش في مدينة المجدل في عسقلان قبل إعلان دولة إسرائيل في عام 1948، ونشأ في مخيم خان يونس الذي وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967. حصل على تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس المخيم، وانضم إلى الجامعة الإسلامية في غزة لاستكمال دراسته الجامعية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية.
في عام 1982، تم اعتقال السنوار ووضعه تحت الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر بتهمة الانخراط في "أنشطة تخريبية". وفي 1988، أصدرت محكمة إسرائيلية حكمًا بالسجن المؤبد أربع مرات أي ما يعادل 426 عامًا، أمضى منها 24 عامًا في السجن.
ووصفت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية السنوار بأنه الشخص ذو النفوذ الأكبر في الأراضي الفلسطينية.
وكانت لحظة تحول كبيرة في حياته عندما أقام مفاوضات لصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، تضمنت إطلاق سراح جلعاد شاليط الجندي الإسرائيلي الذي اُسر عام 2011.
خلال تلك الفترة، تم استخدام السنوار كوسيط للمفاوضات، حيث كان له السماح بالتحدث مع قادة حماس لتبادل أكثر من 1000 معتقل فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي.
epaselect epa10365416 Gaza Hamas leader Yahya Al Sinwar (C) attends a rally to mark the 35th anniversary of Hamas in Gaza City, 14 December 2022. Hamas was founded in 1987, shortly after the Palestinian Intifada broke out against the Israeli occupation of the West Bank and Gaza. EPA/HAITHAM IMAD Source: EPA / HAITHAM IMAD/EPA
ومع استمرار الصراع بين حماس وإسرائيل، وفي ظل أسر الحركة لعدد كبير من الإسرائيليين - سواء مدنيين أو عسكريين - في عمليتها الأخيرة، وبعد الهجوم المكثف والعنيف الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة، يبقى السؤال هل سيكون لحركة حماس دور في المرحلة القادمة أم ستنجح إسرائيل بالقضاء على الحركة بعد أكثر من 36 عاماً على تأسيسها؟
