استيقظ العالم في صباح 14 من شباط/فبراير من العام 2005 على خبر مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في عملية اغتيال أزهقت 22 روحاً. الضحايا أبرياء من حاشية رئيس الوزراء وشهود عيان شاء لهم القدر أن يتواجدوا في تلك اللحظة وفي ذلك المكان، بنطاق العبوة الناسفة التي فجرت الموكب.
المحكمة الخاصة بلبنان
بعد سنوات ترنح فيها لبنان من آثار الفجوة التي تركها الحريري، تقدمت الحكومة اللبنانية في 2007 بطلب للأمم المتحدة، مفاده إنشاء محكمة دولية مستقلة للتحقيق في قضية اغتيال الحريري. الأمر الذي صدق عليه مجلس الأمن في الأمم المتحدة بموجب القرار 1757، ليتم إنشاء أول محكمة دولية مستقلة تتناول "الإرهاب" بوصفه جريمة قائمة بذاتها.
بدأت المحكمة الواقعة في لاهاي بهولندا، مهامها رسمياً في 1 آذار/مارس 2009. وتم وضعها خارج لبنان لدواعٍ أمنية ولضمان استقلاليتها عن ولاءات داخلية أو خارجية لأي من الأطراف المعنية في القضية المعقدة والمتشابكة الأطراف.
النطق بالحكم بعد 15 عاماً من الجريمة
بعد 15 عاماً تخللها 415 جلسة قضائية أشرف عليها قضاة لبنانيين ودوليين، تم تحديد تاريخ 7 آب/أغسطس 2020 لجلسة النطق بالحكم في القضية التي باتت تعرف بقضية "عياش وآخرين"، نسبةً لاسم المتهم الأول في القضية.
والمتهمون الأربعة هم سليم جميل عياش، وحسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا. وقد أُسندت إليهم تهمة المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، وتهمة القتل عمدًا، وتهمة محاولة القتل عمدًا، وعدد من التهم الأخرى المرتبطة بذلك.

قضية عياش وآخرين بالأرقام Source: Special Tribunal For Lebanon

المتهمون في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري Source: Special Tribunal For Lebanon
لواء الشرطة الأسترالي نيك كالداس يرأس التحقيق ويحل القضية
ويقول النائب الأول لمفوض شرطة نيو ساوث ويلز سابقاً اللواء نيك كالداس، إنه لم يتوقع أن يستغرق النطق بالحكم عقدٍ ونصف من الزمن. وكانت قد كلفت الأمم المتحدة اللواء كالداس برئاسة التحقيق في قضية الاغتيال في العام 2008. الأمر الذي استدعى أن تعيره أستراليا إلى لبنان في مهمة رسمية لمدة 12 شهراً.
ويقول كالداس إنه أدرك مدى صعوبة القضية قبل أن يطأ قدماً في بيروت، لسببين. أولهما أن شغر المنصب محققان من قبله، أحدهما تركه بعد شهرٍ واحد. والسبب الثاني، اغتيال المحقق اللبناني النقيب وسام عيد، والذي كان من المفترض أن يكون أحد النواب المساعدين لكالداس في البحث عن القتلة.
وبالرغم من ذلك، قضى كالداس أشهر عدة في لبنان ومن بعدها استمرت التحقيقات دولياً حتى العام 2010 حين انتهى من حل القضية، قبل عودته إلى أستراليا. ويقول كالداس إنه وفريقه وجهوا الاتهامات لخمسة أشخاص ينتمون لحزب الله اللبناني، ولكن قتل أحدهم في سوريا قبل انتهاء جلسات القضية.

Former NSW deputy police commissioner Nick Kaldas speaks to the media in Sydney. Source: AAP
المتهمون طلقاء والحكم غيابي
وأضاف كالداس أنه بالرغم من حل القضية، إلا أنه لم يتم القبض على المتهمين. ولذلك سيكون النطق بالحكم، كسائر جلسات المحكمة، غيابياً. الأمر الذي أثار تساؤلات حول جدوى القضية والمحكمة والجلسات التي كلفت حتى الآن 970 مليون دولار على الأقل، تحملت لبنان 49% منها.
وبهذا الصدد يقول كالداس، إنه بمجرد البدء في التحقيقات وإنشاء المحكمة، توقفت سلسلة الاغتيالات التي نظمتها تلك "الشبكة" علي مدار 4 سنوات، نفذت خلالها 21 عملية، انتهت بمقتل النقيب وسام عيد. وفي رأيه، يقول كالداس إن احباط خطط القتلة أهم من أي شيء آخر.
ترقب اللبنانيون والعالم النطق بالحكم في قضية اغتيال رفيق الحريري علي مدى 15 عاماً. الحكم الذي قد يشفي غليل أهالي الضحايا والمنكوبين. والآن تم تأجيل الجلسة حتي 18 آب/أغسطس نظراً لانفجارات بيروت الأخيرة.
و يشاء القدر أن يعيد التاريخ نفسه، لتتوجه أعين العالم إلى لبنان مرةً أخرى وبسبب تفجيرٍ آخر أودي بحياة أبرياء في بيروت. يا ترى هل سينتظر لبنان 15 عاماً أخرى، ليصدر الحكم في تفجيرات الأمس ولمحاسبة المسؤولين؟
للمزيد يرجى الاستماع للملف الصوتي المرفق أعلاه.