في أيار / مايو 2018 وصل الشاب المصري شادي العجمي إلى مطار سيدني، بعد رحلة طويلة استغرقت عاماً من التقديم على اوراق الهجرة ولوازمها.
بدا العشريني شاحب البشرة، مقبلاً على حياته الجديدة في أستراليا. مقْدِماً ومفْعماً بالجرأة والرغبة في التغلب على الصعاب حتى قبل أن تظهر له طبيعتها. متسلحاً بشهادته الجامعية الرفيعة المتسوى وإنجليزيته المتقنة ونظرة متفائلة للمستقبل.
ولكن سرعان ما ارتطمت آماله على صخرة الواقع الذي يواجهه العديد من المهاجرين من العمال المهرة. المجال الذي تم استقدامه على أساسه، لا يوجد به وظائف خالية. حاول التقديم في العديد من الزظائف إلا أنه قوبل بالرفض لأسبابٍ أصبح يتوقعها لكثر تكرارها. "شهادتك تحتاج إلى المعادلة" و"ليس لديك خبرة محلية".
بعد أشهرِ وجيزة، جفت مدخراته وبات انتظار فرصة العمل المناسبة، يتحول إلى سيناريو كابوس يخيم عليه شعور بخيبة أمل كبيرة وينتهي بعودة إلى أرض الوطن بخفي حنين.
مع تراكم المصروفات وانعدام الدخل، اضطر شادي للقبول بأي عمل متاح له حتى وإن لم يكن في مجال الهندسة الذي درس من أجله خمس سنوات من حياته.
وشاءت الأقدار أن تدله صديقة على مزرعة خيول Gai Waterhouse الشهيرة التي تروض وتدرب خيول السباق. حيث كانوا في حاجة إلى منظف لاسطبلات الخيول. وبالرغم من استيائه لعدم توفر الظروف التي كان يتصورها أثناء الحلم بالسفر إلى أستراليا، إلا أن الظروف فرضت عليه القبول بما لم يكن ليرضى.
العمل كان مضنياً وساعاته تطلب الصبر والحلم. إذ يبدأ يومه من 2:30 صباحاً ويواصل العمل حتى 9 صباحاً. ثم يعاود العمل مرةً أخرى 4 مساءاً لبضع ساعاتٍ أخرى. والعائد المادي لم يكن أفضل بكثير من العائد المعنوي. هكذا انقضت الـ 6 أشهر الأولى من هجرة شادي إلى أستراليا.

Shady El Agamy in the beginning of his life in Australia, cleaning a horse working at Gai Waterhouse & Adrian Bott Racing. Source: Supplied
عندما أواجه عثرات بالطريق أحاول تخطيها والوصول إلى هدفي من طريق آخر فالطرق عديدة
والآن بعد سنتين من العمل والإقامة في أستراليا، تغيرت حياة شادي تماماً. ولربما كان التغير الأكبر والأكثر أهمية في تطلعاته للحياة العملية. فلم يكمل شادي عمله في مجال تدريب الخيول فقط، بل طور من مهاراته وسعى للحصول على دورات إضافية حتى أثبت نفسه وتدرج إلى أن أصبح من المدربين المخول لهم ركوب الخيل.
يقول شادي إنه لم يكن يتصور يوماً في بداية المشوار ان يسعد أو يستمتع بعمله مع الخيول. بل كانت الوظيفة بالنسبة له مؤقتة لسد الحاجة المالية فقط، حتى تاح له فرصة العمل في مجاله. ولكن الآن يتطلع شادي إلى عمله على أنه شغفه في الحياة. فوقع في غرام تلك الحيوانات النبيلة وعرف أسماءها واهتم برعايتها وصحتها وسلامتها يوماص بعد يوم.

Shady El-Agamy taking one of the race horses for a swim at the beach as part of their training. Source: Supplied
ولكن المافجأة الأكبر بالنسبة لشادي كانت العلاقات والصداقات التي كونها مع شخصيات لم يكن ليقابلها في حياته. ومنهم صاحبة مزارع الخيول الشهيرة Gai Waterhouse، التي شجعته وأعجبت بشخصيته الشغوفة والمحبة للحياة. فأعطته الفرصة الأولى في أستراليا لصناعة الأفلام الترويجية. الأمر الذي لطالما أحبه شادي وتمنى أن تسنح له فرصة العمل فيه.
وبالفعل عمل على اصدار العديد من تلك الأفلام أثناء عمله في مزرعة الخيول ومازالت على بعضها على موقعهم الالكتروني. مما فتح له أبواباً أخرى وقدمه وأعماله إلى جمهورٍ أعرض.

Shady El-Agamy (L) with Gai Waterhouse (R). Source: Supplied
وصاحب تقدمه في العمل زيادة في الراتب، فاستطاع شراء الكاميرات الأكثر تطوراً وأعلى جودة وكثرت زبائنه ونجح في تنمية عمله الثاني لصناعة الأفلام الترويجية لأصحاب الشركات والأعمال الصغيرة.
يجب على كل شخص أن يعرف نفسه ويستثمر القليل من الوقت في البحث عن ما يسعده في الحياة، ليضع نصب عينيه هدفاً وخطة للوصول إليه.
ويصف شادي تجربته في الهجرة إلى أستراليا بالإيجابية لأنه أضافت له دروساً مهمة. فبحسب شادي علمته رحلته في البحث عن العمل المثابرة في لاعثور على سبل وطرق مختلفة لتحقيق نفس الهدف.