من عمق الفاجعة، صرخات ألم أقوى من صوت الإنفجار الذي دوى في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء في الرابع من آب 2020وأودى بحياة مئة وثلاثين شخصا على الأقل وجرح الآلاف.
وامتد الألم الى أبناء الجالية العربية في أستراليا عموما والى قلوب اللبنانيين الذين فقدوا أحبة وأقرباء في عز الشباب في ظروف لا تفهم وأحوال تفتقد المعنى
حنين طوق خسرت ابنة عمتها الوحيدة بين إخوانها ميشلين خليل طوق التي قضت اثر الإنفجار وهي تؤدي واجبها المهني في شركة كهرباء لبنان، وكانت العائلة خسرت ميشال ابن الثامنة عشرة ربيعا خلال الحرب في أوائل الثمانينات.
صرخة أم أنين صامت، اللبنانيون مفجوعون على شباب وصبايا أبرياء تحول حلمهم الى كابوس بسبب الإهمال وغياب السلطة المسؤولة.
تحدث ميكروفون اس بي اس عربي 24 الى الشدياق جان تابت الذي تلقى مؤخرا خبر وفاة الشاب دجو لياس عقيقي بعد أن كان من عداد المفقودين وكانت والدته طلبت الصلاة من الجميع كي يعود اليها سالما، ولم يعد! "طلبوا منا أن نصلي له ، كنا نأمل أن يعود سالما الى والدته، صرخة أمه الثكلى دوت في لبنان كله "
صرخة امه دوت كالصاعقة في كل أرجاء لبنان عندما سقط عليها خبر وفاته بعد أن تحول من أعداد المفقودين الى أعداد الضحايا "أمه كانت تقول، ليبقى هنا في لبنان يسقي الأرزة من عرق جبينه، ورود تقطف بعز الشباب، ماذا يحدث؟ يقتلون الأمل وينحرون الرجاء في هذه البلد ".
جرح آخر هو جرح السيدة عنايا عساوي التي فقدت أحد أقربائها الشاب علي عبدو أيوب وزوجته بعد أن خرجا للعشاء في الليلة المشؤومة ولم يعودا لطفليهما اللذان باتا يتيمين يتساءلان أين ذهبت والدتهما ولماذا لم يعد والدهما؟

Destroyed vehicles following an explosion at the Beirut Port, Lebanon. Source: DAR AL MUSSAWIR
ريتا سعادة رعد فقدت ابن عمها جهاد مارون سعادة، المغترب الذي "لم يتخلَ عن وطنه يوما ولكن الوطن تخلى عنه ولم يكن قادرا ان يعوض عليه سني غربته"، جهاد الوالد ذهب بابنته ليعالجها في المستشفى في بيروت وهو الذي ترك أعماله وأشغاله في الإغتراب ليعود كعادته بزيارة تفقدية للبنانه الحبيب.
"دماؤهم ستزهر" هذا ما قاله جورج مسعود طوق الذي يأمل أن تؤدي هذه الكارثة لستعادة السلام في وطن نحلم فيه "وبتحقيق أدنى حقوق الإنسان لنعيش فيه".
وتساءل جورج، الذي قال انها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها اللبنانيون شهداء على مذبح الوطن، عن فشل الدولة وعدم تحملها أي مسؤولية.
ووصف الحال في لبنان أن" الكل مبنجون" المواطن مجروح يصرخ ويركض ليشتكي ولكن لمن يشتكي ومما من آذان صاغية، فالدولة في شبه غيبوبة ومن يابه بمن فقدوا بيوتهم "الى من يذهب هؤلاء ومن يسأل عنهم".
وطرح جورج أسئلة وجدانية ، لماذا والى أين والى متى وماذا بعد، معربا عن ضياع المواطنين الذي قد يسهل عليهم فهم خسارة الأرواح خلال الحروب والصراعات ويستحيل عليهم أن يضيفوا المعنى لأنفجار غاشم أودى بحياة شبابهم وصباياهم في عام 2020 وهم يؤدون واجباتهم اليومية والعملية ولا من مبرر لما حدث.
كما تطرأ جورج الى مخاوف من مستقبل أسوأ "الله يستر من أعظم بحسب الخبراء ربما هناك متفجرات متبقية أين هي؟" ومن نفق قاتم يمر به اللبنانيون وعدم يقين يحبط الملايين.
واذا قطفت الورود باكرا وامتلأت السماء بعرائس بريئة، الأحباء لا يعوضون وتبقى ذكراهم في القلوب مخلدة وهكذا بعد مصابهم الأليم تحدث الأقرباء عن حزنهم على فقدان أحبتهم وعن ما كان يميزهم ومواصفاتهم الأنسانية الرائعة وهم بغالبيتهم ما يزالون في ريعان الشباب يتحلون بالطموح والذكاء والأحساس والأنسانية وحسن الأخلاق، أباء وأمهات وأخوة وأخوات كانوا مثالا في الأخلاق والعطاء أحبوا الوطن أكثر من نفوسهم.

Source: AP
وفي النهاية اتفق جميع المتحدثين على أن الوفاق والوحدة هما السبيلان الوحيدان للنجاة وان المحبة والتضامن والتخلي عن التفرقة والطائفية هي السبيل الوحيد لتخطي الأزمات والوصوبلوغ برّ الأمان.
وفي النهاية نتقدم بخالص التعزية القلبية من الجالية العهربية واللبنانية عموما ومن الذين فقدوا أحبة وأقرباء وأصدقاء لهم خصوصا، طالبين لهم الرحمة وللبنان والعالم الخلاص والسلام.