نضيء اليوم على تكريم استثنائي لضيف مستحق، ليس فقط لسعيه الدائم لينهل من بحر العلوم ويقدّم عطائه لمجتمعه المحلي، بل أيضًا لروح التفاؤل والإصرار التي رافقته طوال رحلته المتعددة المحطات حتى حطّت في أستراليا.
أركان يوسف، المهاجر العراقي فاقد البصر لا البصيرة، سعى بكل صدق ليحول كل تحدٍ في حياته إلى فرصة للعطاء والتعليم والإلهام. اليوم، تجسد قصته مثالًا حيًا على القدرة على تجاوز الصعاب وتحقيق الإنجازات رغم كل الظروف.
مؤخرًا، حظي أركان بتكريم من مؤسسة Vision Australia، المؤسسة الرائدة في أستراليا لتقديم الدعم للمكفوفين وضعاف البصر، تقديرًا لجهوده وإسهاماته القيمة في حياة الآخرين.
أسعى دوماً للتحدي وإلهام الآخرين للوصول لأعلى المستويات. أنا رجل ذو إيمان قوي، وهذا الإيمان هو القوة التي تجعلني أؤمن بنفسي وأدعم الآخرين
أسبوعيًا، كان أركان يستقل وسائل النقل العام ليقضي ساعتين في التطوّع بمراكز رعاية مجتمعية، مقدمًا لمسة حب ودفء لنزلاء دور المسنين. وحتى في خضم جائحة كوفيد-19، ابتكر طرقًا مبتكرة للبقاء على تواصل مع أولئك المنسيين، ليؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم.
إلى جانب عطائه المجتمعي، يتميز أركان بتفوقه الأكاديمي، فقد تعلّم اللغة الإنجليزية كلغة ثالثة، وحصل على درجتي ماجستير في الرياضيات من جامعة UTS، ويواصل الآن سعيه لنيل درجة الدكتوراه.
تحدث يوسف لأس بي أس عربي واصفاً شعوره بالتكريم "بالفخر الكبير".
وتابع قائلا: "أسعى دوماً للتحدي وإلهام الآخرين للوصول لأعلى المستويات. أنا رجل ذو إيمان قوي، وهذا الإيمان هو القوة التي تجعلني أؤمن بنفسي وأدعم الآخرين ليتمكنوا من تجاوز عقباتهم."
أنهيت أول ماجستير في العلوم (النمذجة الرياضية والإحصائية) ثم الماجستير الثاني، وأسعى الآن للحصول على الدكتوراه
التحدي: تحويل الصعاب إلى فرص
يرى أركان في تحدياته دافعًا لتحقيق أهدافه: "التحدي بالنسبة لي يشمل مواجهة كل من يعتقد أن الشخص ذو الإعاقة لا يستطيع القيام بشيء، وأن الأفضل له أن يبقى في المنزل. هذا الاعتقاد يجعلني أكثر تصميمًا على تحقيق أهدافي وإثبات خطأ هذه الفكرة."
وأضاف: "رحلتي من المنزل في سمثفيلد إلى جامعة UTS، باستخدام الحافلة والقطار والمشي، هي تحدٍ بحد ذاته. الإعاقة البصرية الكاملة، والسن، والفروق اللغوية، والمعرفة المحدودة بالكمبيوتر عند وصولي إلى أستراليا، كلها تحديات حقيقية. ومع ذلك، أنهيت أول ماجستير في العلوم (النمذجة الرياضية والإحصائية) ثم الماجستير الثاني، وأسعى الآن للحصول على الدكتوراه."
يرى أركان إنجازاته وسيلة لإلهام الآخرين: "إذا استطعت أن أفعل ذلك كشخص كفيف ويبلغ من العمر 63 عامًا، واللغة الإنجليزية هي لغتي الثالثة، فهذا يمنحني القدرة والدافع للاستمرار. وآمل أن يُلهم ذلك المحاضرين والطلاب من جميع مناحي الحياة لمحاولة بذل المزيد وتحقيق الأفضل."
قصة أركان يوسف ليست مجرد سيرة حياة بل رسالة قوية عن الإصرار، والعطاء، والإيمان بقدرة الإنسان على تجاوز الصعاب وتحقيق الإنجازات. إنها دعوة لكل من يواجه تحديات، كبيرة كانت أم صغيرة، بأن يرى في كل عقبة فرصة، وفي كل رحلة صعبة بداية لإلهام الآخرين.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.



