يصف المهندس محمد خالد أبو محمود الأمين العام لاتحاد المهندسين الفلسطينيين في أستراليا في حديثه مع أس بي أس عربي 24 يوم وصوله إلى أستراليا عام 1986: "كما العصفور الذي وجَد عُشًا كان يبحث عنه منذ عشرين عامًا". وعند لحظة وصوله مطار سيدني، استقبلته أخته وأخوه اللذان سبقاه إلى أستراليا.
النقاط الرئيسية:
- احترق محله وضاع كل جهده واستثماره على مدى سنين هجرته بفعل فاعل، فقرر الاستثمار في العِلم وحصل على درجة الدكتوراه التي تمنى تحقيقها عام 1977.
- عانى الفلسطينيون حملة "وثيقة سفر لاجئ" صعوبة التنقل، ففي داخل هذه الوثيقة، جملة مفادها " يُمنع دخول حامل الوثيقة البلدان التالية....".
- هُجّرت عائلته من مدينة يافا الفلسطينية في حرب النكبة وعبَرت البحر تحت القصف نحو ميناء بورسعيد المصري.
وصل المهندس محمد خالد أبو محمود إلى أستراليا عام 1986 قادمًا من العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حيث كان يعمل كبيرًا للمهندسين في إحدى شركات البترول.
هُجّرت عائلته من مدينة يافا الفلسطينية في حرب النكبة ودخلت العوائل في غمار رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر تحت القصف متجهين نحو ميناء بورسعيد للإفلات من القصف.
تخرج المهندس محمد خالد أبو محمود من جامعة المنوفية في مصر. ومنذ لحظة تخرجه، بدأت المعاناة الحقيقية لفلسطيني يحمل "وثيقة سفر لاجئ" حيث تقدم لوظائف عدة ورُفض توظيفُه بسبب هذه الوثيقة.
وكان دائمًا ما يواجه كغيره من حَمَلة هذه الوثيقة صعوبة التنقل بين الدول العربية، ففي داخل هذه الوثيقة، جملة مفادها " يُمنع حامل هذه الوثيقة من دخول البلدان التالية...." فدخول حامل هذه الوثيقة أي بلد منها يخضعه للتحقيق. ودائمًا ما يُنظر لحملة الوثائق نظرة خاصة، تُحمّلهم المعاناة فوق المعاناة التي يعيشونها، وفي كل رحلة عودة إلى مصر يحتاج حامل الوثيقة إلى إقامة مستمرة أو إلى تجديد الإقامة ويوضح المهندس محمد: "في مطار القاهرة تُحجز لساعات لكونك فلسطيني؛ رغم أنك تحمل وثيقة مصرية ويعرفون عنك كل شيء".
لم يتمكن المهندس محمد خالد من العمل في الخليج بسبب "وثيقة سفر لاجئ " التي يحملها إلا بعد أن وصل إلى رتبة عُليا في تخصصه.

المهندس محمد خالد أبو محمود في محاضرة عن القضية الفلسطينية. مصر- شبين الكوم 1966. Source: supplied: Mohamad Khaled Abu Mahmoud
عن ذلك يقول:" بعد تخرجي، بحثت عن عمل في مصر فلم أجد، توجهت للأردن ووجدت عملاً، لكن بسبب الوثيقة رُفض الطلب، إلى أن ذهبت إلى سوريا وعملت هناك حتى انتقالي إلى إحدى شركات البترول في الإمارات العربية المتحدة بعد أن وصلُت لرتبةٍ مهنية عالية".
عن مدينته يافا التي وُلد فيها المهندس محمد خالد أبو محمود عام 1946 يقول: "في يافا هناك أربع ثكنات، و(الثكنة) تعني مُلاك الأراضي وبيارات البرتقال، فقد كنا من مُلاك ثكنة أبو كبير".
ومن ذكريات أيام حرب النكبة يقول: " قاوم والدي وأبناء جيله بكل السبل البقاء دفاعًا عن يافا، لكن قوة القصف أجبرت عائلات يافا على ترك المدينة، قِسمٌ منهم توجه براً والآخر بحراً. وكانت عائلتي ممن توجه نحو البحر في ظل قصف شديد، حتى رست مراكب العائلات في ميناء بورسعيد المصري. وبعدها استقرينا في مصر بعد أن ضمِن خالي وجودنا؛ إذ لا يمكن البقاء في مصر بدون ضامن".
بفضل مصر والتعليم المجاني، تدرج المهندس محمد خالد في مراحل التعليم من الابتدائية حتى الجامعية، فتخرج من جامعة المنوفية كمهندس كهرباء واتصالات إلكترونية، وبعدها جاءت رحلة البحث عن عمل خارج مصر ليمضي مسار حياته المهني متنقلًا على مدى عشرين عامًا بين الدول العربية إلى أن قرر الهجرة إلى أستراليا".

القاهرة امام نافورة القصر الجمهوري بكوبري القبة في الستينيات، يظهر معه عن اليسار ابن عمته خطاب الناقة، والمرحوم نزار ابو محمود في الوسط. Source: supplied:MohamadKhaled Abu Mahmoud
رحلة الهجرة إلى أستراليا في عمر الأربعين مع أربعة أولاد -مهنيًا- كانت متعبة، حيث وقفت الخبرة المحلية عائقًا رغم خبرته الطويلة في مجاله، فانتسب لنقابة المهندسين الأستراليين، ثم حصل على فرصة تدريبية في إحدى الشركات إلى أن عمل كاستشاري وتنقل في شركات عدة ولسنوات ممتدة.
بعد أن بدأ العُمر يأخذ منه مأخذه في الحياة الوظيفية، كان من الصعب أن يعمل في الشركات، إلى أن تعاقد ليكون موزعًا لمنتجات إحدى شركات الاتصالات في منطقة تبعد عن سيدني ثلاث ساعات، مما أضطره لنقل العائلة هناك والعيش ل 8 سنوات، حتى العودة مرة أخرى إلى سيدني لاستكمال الحياة هناك.
عن نقاط التحول في حياته يقول:" النقطة الأولى أنني كنت من أوائل من أسسوا الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين في العالم، وكان مقره في بغداد، والثانية أنني أصبحت رئيس هذا الاتحاد في أستراليا بعد أن طلب مني الأمين العام المهندس مروان عبد الحميد تشكيل فرع في سيدني".

صورة تذكارية للهيئة الادارية لاتحاد المهندسين الفلسطينيين فرع استراليا مع بوب كار رئيس حكومة نيوساوث ويلز السابق في حفل عشاء لحزب العمال الاسترالي Source: supplied: Mohammad Khaled Abu Mahmoud
من المفارقات ونقاط التحول في حياته أنه حصل على درجة الدكتوراه في هندسة الصحة العامة عام 2015بعد تجاوزه سن السبعين ووراء هذه الدرجة حكاية:" جاء قرار الحصول على الدكتوراه بعد أن احترق محل أمتلكه بفعل فاعل. وضاع المحل الذي استثمرت فيه كل جهدي ومالي على مدى السنين. وكان من الصعب إنشاء مؤسسة هندسية أخرى في الاتصالات لأنها تحتاج مبالغ مالية كبيرة ففكرت في العِلم لتحقيق أمنيتي وحصولي على الدكتوراه التي حرمت منها صغيرًا عام 1977.
وقدمت طلبًا لجامعة (University of technology) في سيدتي وبعد خمس سنوات حصلت على درجة الدكتوراة بعد أن تخطيت السبعين بسنوات.
وينصح المهندس محمد خالد أبو محمود الأمين العام لاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين في أستراليا المهاجر الجديد بالاطلاع على الشروط التي هاجر على أساسها والالتزام بها، والحصول على الخبرة المحلية التي ستساعده على التدرج في السُلم الوظيفي في أستراليا.

المهندس محمد مع أحد أحفاده Source: supplied: Mohammad Khaled Abu Mahmoud
للاستماع لقصة هجرة الأمين العام لاتحاد المهندسين الفلسطينيين في سيدني. محمد خالد أبو محمد يرجى الضغط على التدوين الصوتي في الأعلى.
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.