في أستراليا، حيث تتقاطع المنفى بالذاكرة، يواصل الفنان العراقي الأسترالي ماجد شكر حضوره اللافت في المسرح والدراما والسينما. من Lucky Miles إلى Ali’s Wedding وصولا إلى فيلمه الأحدث The Correspondent المراسل، الذي يُعرض حاليا على نتفليكس ومنصات عالمية بعد أن اكتملت عروضه في صالات السينما الأسترالية.
في هذا العمل الذي يستلهم قصة الصحفي الأسترالي بيتر غريست وسجنه في القاهرة، يجسّد شكر دور القاضي الذي أصدر الأحكام في محاكمة صورية، حيث تتقاطع العدالة بالسلطة، ويعلو صوت الحقيقة وسط العتمة.

ماجد شكر ومخلد صالح مع ريتشارد روكسبيرغ الذي أدى دور الصحفي بيتر غريست في موقع تصوير فيلم "المراسل"
وأشار إلى أنه اضطر لإعادة كتابة معظم الحوارات باللهجة المصرية لتبدو أكثر صدقًا، مبينا أن ذلك تطلّب جهدا لغويا وتمثيليا مزدوجا بين العربية والإنجليزية.
ماجد شكر : فيلم المراسل يطرح أسئلة كبرى حول حرية الصحافة والتضييق على الصحافيين
ولفت شكر إلى أن الفيلم يطرح أسئلة كبرى حول حرية الصحافة وحدود العدالة، مضيفا "مسألة حرية الصحافة التي يتناولها الفيلم مسألة مهمة جدا. نرى التضييق على الصحافيين في دول كثيرة، ليس فقط في الأنظمة السلطوية، بل حتى في الديمقراطيات. لذلك تأتي أهمية الفيلم اليوم ليذكّرنا بأهمية الكلمة الحرة وصوت الحقيقة".
وأشار إلى أن عرض الفيلم على نتفليكس ومنصات عالمية يمثل بعدا جديدا لتجربة الممثل العربي في السينما العالمية، قائلا "الانتشار مهم جدا لإيصال رسالة الفيلم، ولتقديم الممثلين من خلفيات عربية بصورة مختلفة عن النمطية السائدة في السينما الغربية".

ماجد شكر في دور القاضي المصري مع المخرج كرييف ستاندرز في موقع تصوير فيلم (The Correspondent)
ماجد شكر : الصورة النمطية للممثل العربي لا تزال موجودة لكنها بدأت تتغير
وأضاف أن الصورة النمطية للممثل العربي لا تزال موجودة لكنها بدأت تتغير، وإن كان التغيير بطيئا، مشيرا إلى أن أعماله تسعى دائما إلى كسر هذا القالب عبر أدوار مركّبة تحمل عمقا إنسانيا وفكريا.
وفي حديثه عن تجربته الطويلة، استعاد شكر بداياته في مسرح النجف في سبعينيات القرن الماضي، مبينًا أنه تعلم هناك فن الإصغاء للحياة قبل النطق على الخشبة. وقال إنه حين انتقل إلى أستراليا وشارك في أعمال مثل In Our Name وTales of a City by the Sea، أدرك أن التمثيل ليس مجرد أداء بل بحث دائم في الوعي والحرية. وأوضح أنه درس الماجستير في كلية فكتوريا للفنون بجامعة ملبورن في تخصص "الفن والمجتمع"، ليطوّر فهمه النظري للمسرح ويحول خبرته إلى مادة نقدية تحليلية.
وعن مشاركته في مسلسل House of Gods بيت الأرباب، الذي أثار نقاشا واسعا حول صورة الجالية العربية المسلمة في أستراليا، أشار شكر إلى أنه تعامل مع الشخصية التي جسّدها بحساسية عالية، معتبرا أن التمثيل مسؤولية أخلاقية وثقافية قبل أن يكون حضورا بصريا.

ماجد شكر في دور سمير مع الممثل الفلسطيني كامل الباشا في المسلسل الأسترالي (House of Gods ) من انتاج قناة ABC الأسترالية.
واستذكر شكر تحوّلاته بين النجف وملبورن، قائلاً إن كل دور يقدّمه يستدعي ذاكرة الحرب والمنفى والحنين، مضيفا "ما زلت أحمل بداخلي الطفل الذي وقف على خشبة إعدادية النجف قبل نصف قرن. أقول له اليوم: لا تُطفئ الجمرة التي في داخلك، فالحلم هو ما يجعل الفن حيا".
وخلص ماجد شكر الى التأكيد أنه يحلم بتجسيد أدوار كثيرة ما زالت عالقة في مخيلته، موضحا أنه لا يحدد دورا واحدا بعينه، لأن كل مرحلة تحمل في طياتها شخصية تستحق أن تُروى. وأوضح أنه يتمنى أن تُسلّط السينما الضوء على شخصيات عربية بارزة منسية في التاريخ، مثل الخطاط ابن مقلة، واصفا إياه بأنه "فنان رهيب من عصر الازدهار العربي، يستحق أن يُقدَّم فيلم عنه يُعيد الاعتبار لجمال الحرف العربي وروحه".
وأضاف أنه من ناحية أخرى، يحلم بتجسيد دور يحمل عمقا إنسانيا يشبه تجربة عمر الشريف في فيلم "إبراهيم وزهور القرآن"، مشيرا إلى أن مثل هذه الأدوار "تجسّد لقاء الشرق بالغرب، وتفتح أفقا إنسانيا وجماليا يجمع بين التأمل والاختلاف، وهي النوع من القصص التي أتمنى أن أراها في السينما الأسترالية مستقبلا"
وكان شكر رُشِّح مرتين لجائزة Green Room Awards السنوية كأفضل ممثل مسرحي، في عامي 2005 و2009، مشيرا إلى أنه يعتقد أنه أول ممثل عربي يُرشَّح لهذه الجائزة .




