استشاطت بكين غضباً اثر قرار الحكومة الفدرالية بقيادة رئيس الوزراء سكوت موريسون تمديد تأشيرات مواطني هونغ كونغ المقيمين على أراضيها، وتسهيل حصولهم على إقامة دائمة، فضلاً عن احتمالية فتح الباب أمام "الهاربين من الاضطهاد السياسي" في المستعمرة البريطانية السابقة.
تجدر الإشارة إلى أن تمرير بكين لقانون الأمن القومي في المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، كان شرارة لانطلاق المزيد من التظاهرات المطالبة بالديمقراطية وعدم تقييد الحريات. ويرى خبراء في الشؤون الدولية أن هذا القانون يقوض من مبدأ "دولة واحدة ونظامان" والذي يمنح هونغ كونغ – رغم عودتها إلى الصين في عام 1997 – وضعاً خاصاً يمنع بكين من التدخل في شؤونها الداخلية ولا سيما التشريعية لخمسين عاماً.
عضو منظمة اليونسكو ومدير مركز العولمة والمواطنة في جامعة ديكن البروفسور فتحي منصوري عبّر عن اعتقاده بأن الصين مستفيدة من الوضع الحالي لهونغ كونغ وليس من مصلحتها تغيير الوضع القائم ولكن التحركات المطالبة بالديمقراطية بدأت تقض مضجع بكين لا سيما وأن الانتخابات التشريعية على بعد شهرين من الآن مما اضطرها للقيام بتحركات عدة من بينها تمرير القانون الجديد لتعزيز قبضتها على المقاطعة.

السفارة الصينية في كانبرا Source: AAP/ Lukas Coch
لأجل المفارقة، هونغ كونغ أصبحت رابع أقوى المراكز المالية في العالم بعد عودتها إلى الصين في عام 1997
وشرح البرفسور منصوري ماهية الامتيازات التي تسعى بكين للاحتفاظ بها من خلال هونغ كونغ:" الصين تريد أن تحافظ على هونغ كونغ كمقاطعة مستقلة بسبب الاتفاقيات التي تستطيع إبرامها مع الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا والكثير منها تعفي هونغ كونغ من الضرائب مما يعود بالفائدة على الصين."
ولكن رغم ذلك، يبقى شغل الصين الشاغل ألا يطغى المد الديمقراطي في هونغ كونغ على المشهد السياسي، وإلا تفقد الصين سيطرتها على المسار الداخلي. وبرأي منصوري، فإن السلطات الصينية تبرر الحاجة إلى قانون الأمن القومي بتقارب المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ مع قوى عربية وبالتالي إضعاف السيطرة المركزية الصينية على كامل التراب الصيني لأن هونغ كونغ في النهاية جزء من الصين.
وقال البروفسور منصوري أن عوامل عدة من أبرزها جائحة كورونا غيرت من المعادلة الجيوسياسية في العالم، فالصين اليوم تسعى إلى تبوء مكانة سياسية تراها تليق بوضعها كقوة عالمية صاعدة، وهذه المعادلة الجديدة تلقي بظلالها على العلاقات الصينية الأسترالية ولا بد من فهم التغير في طبيعة العلاقة في هذا السياق: "كل ما يخص العلاقات الثنائية الصينية الاسترالية مرتبط بالصراع التنافسي على النفوذ الاستراتجيي ولا سيما في منطقة المحيط الهادئ."
الصين لها طموحات قيادية على مستوى العالم وتريد أن تبدأ ببسط نفوذها في المنطقة الأقرب لها.
ولكن رغم كل هذا التوتر الدبلوماسي والحرب الكلامية المستعرة بين بكين وكانبرا، يعلمنا التاريخ أن المسار الاقتصادي يبقى بمعزل عن التوتر وفق ما قال منصوري: "العلاقات الدولية مبنية على المصلحة الوطنية. مصلحة الصين استيراد المواد الخام من استراليا وخصوصاً الحديد الخام. الصين سوق كبير وبحاجة لهذه الصادرات لتمكنين الاقنصاد الصيني من مواصلة النمو. حتى في عهد بوب هوك، ظلت العلاقات الاقتصادية جيدة رغم الأزمات السياسية."
استمعوا إلى المقابلة مع مدير مركز العولمة والمواطنة التابع لجامعة ديكن البروفسور فتحي منصوري في الملف الصوتي المرفق بالصورة