إعلان قطر المفاجئ الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك لم يهز أسواق النفط العالمية. قطر لاعب صغير في سوق النفط، إذ لا يتجاوز انتاجها 600 ألف برميل يوميا، بالمقارنة بالسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والتي تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا. وبحسب خبير النفط العالمي الدكتور ممدوح سلامة فإن قرار انسحاب قطر "لن يكون له أي تأثير على الإطلاق" على المنظمة أو الأسواق.
ولكن في أسواق الغاز الطبيعي النامية بسرعة، قطر هي أكبر مصدر في العالم يأتي بعدها أستراليا ثم الولايات المتحدة. جذب إعلان قطر خلال خطاب وزير الطاقة عن زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي بأكثر من 30 مليون طن انتباه مصدري الغاز الطبيعي خاصة أستراليا والولايات المتحدة.
وزير الطاقة القطري سعد الكعبي قال في بيان الانسحاب من أوبك إن بلاده سترفع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 110 مليون طن سنويا. لو تحقق ذلك بسرعة كافية قد يؤدي إلى القضاء على طموحات أستراليا أن تكون أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ويقدر الدكتور ممدوح سلامة أن قطر بحاجة إلى عامين فقط لتحقيق هذا الهدف.
ولكن الحكومة الأسترالية تقدر أن قطر لن تتمكن من رفع إنتاجها خلال فترة من 5 إلى 7 أعوام قادمة. ويقول أحدث التقارير الحكومية عن الطاقة إن الإنتاج القطري سيستمر على وتيرته الحالية أي بين 72 إلى 77 مليون طن سنويا، ما يعني أن لدى الحكومة الأسترالية فرصة لتجاوز قطر بفارق ضئيل عندما تصل صادراتها إلى 76 مليون طن بحلول عام 2019. وتسعى الحكومة الأسترالية لتوسيع هذا الفارق في عام 2020 ولكن التقرير الحكومي ينتهي إلى أن تجاوز قطر كأكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم ليس مؤكدا بسبب الفارق الضئيل في حجم الإنتاج بين الدولتين.
وتعتبر منطقة حوض المحيط الهادئ أكبر سوق للغاز الطبيعي في العالم، حيث تجاوزت الصين بالفعل اليابان كأكبر مستورد للغاز في العالم، وتحل بعدهما كوريا الجنوبية في المركز الثالث. هذا السوق تملك قطر فيه نصيب الأسد.
ِAustralian government report on Gas and resources September 2018 Source: Supplied
وأنهت قطر في ابريل نيسان من العام الماضي حظرا عمره 12 عاما كانت قد فرضته على نفسها لمنع تطوير حقل الشمال، أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم. الحظر كان يهدف لإبقاء الثروات الطبيعية في الحقل للأجيال القادمة، ولكن مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي واشتعال المنافسة أعلنت قطر عن انشاء خط رابع للتصدير في الحقل ليرفع صادراتها إلى 110 مليون طن.
هذا السباق اللصيق لحقت به الولايات المتحدة مؤخرا، فتضاعفت صادرات أمريكا من الغاز الطبيعي المسال ثلاث مرات ، حيث ستصل إلى 70 مليون طن بحلول نهاية عام 2019. وقال آخر تقارير الوكالة الدولية للطاقة إن الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال ستستمر في النمو وستشكل واشنطن تحديا كبيرا لكل من قطر وأستراليا في السوق الآسيوية. لكن الحرب التجارية التي انخرطت فيها الولايات المتحدة مع الصين، أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم، قد تؤثر على نمو صادراتها، وإن كانت لم تفعل حتى الآن.
ورغم أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع حدوث تخمة في سوق الغاز الطبيعي بحلول عام 2020 حيث ستعمل كل مشاريع إسالة الغاز بكامل كفاءتها، إلا أن تقرير الوكالة يقول إن الاقتصادات الحيوية الآسيوية ستستمر في النمو حتى تستوعب تلك الزيادة في الإنتاج وتبدأ في طلب المزيد بحلول 2023.
الآن لدينا سوق شره للغاز الطبيعي المسال أكثر من أي وقت مضى، ومنافسة شرسة بين ثلاثة عملاقة في مجال تصدير الغاز الطبيعي، قطر وأستراليا ويليهما الولايات المتحدة، كما تسعى الولايات المتحدة لتطبيق سياسة جديدة لعقود الغاز تجعل الأسعار أكثر مرونة وغير مربوطة بأسعار النفط العالمية، كل تلك العوامل ستدفع هذه الدول إلى الاستثمار بشكل متزايد في سوق إسالة الغاز الطبيعي والتنافس في الحصول على الحصة الأكبر من السوق الآسيوي الذي لا يتوقف نموه.
الاستماع للمقابلة كاملة مع الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي عن قرار قطر الانسحاب في منظمة أوبك في الرابط أعلاه
