تعتمد هذه الشركات على تغليف المنتجات بألوان زاهية ونكهات منمقة، تخفي وراء مظهرها الجذاب حقيقة ما تحتويه من مواد سامة. ويصف المعالج المتخصص في علاج إدمان التدخين خالد كمالمز هذه الاستراتيجية التسويقية بأنها "خطيرة"، موضحًا: "تحاول هذه المنتجات أن تعطي انطباعًا زائفًا بأنها غير مضرة، وتخفي الطعم الحقيقي لمواد التبغ، وهي موجهة بالأساس للأطفال والمراهقين."
ورغم التقدم المُحرَز في بعض الدول، لا تزال الصورة العالمية قاتمة، فمنظمة الصحة العالمية تؤكد أن التبغ لا يزال السبب الأول للوفاة التي يمكن الوقاية منها. في الشرق الأوسط، تتصدر المنطقة معدلات التدخين بين المراهقين الذكور عالميًا، حيث تصل النسبة إلى 43% في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و34% في الأردن، و32% في سوريا. كما تسجل بعض الدول ارتفاعًا ملحوظًا في نسب التدخين بين الفتيات، لتصل إلى 20%.
الأسوأ من ذلك أن الفجوة بين الذكور والإناث في استخدام التبغ آخذة بالتقلص، مع ازدياد نسبة النساء المدخنات، مما يعرضهن لمخاطر صحية كبيرة كسرطان عنق الرحم، هشاشة العظام، والعقم.
وفي المقابل، تشكّل أستراليا نموذجًا عالميًا لنجاح السياسات الصحية، إذ انخفضت معدلات التدخين اليومي بين من هم فوق 14 عامًا من 19.4% في عام 2001 إلى 8.3% فقط في 2023. كما تراجع عدد السجائر المُباعة من 15.7 مليار في عام 2016 إلى 5 مليارات فقط في 2024.
ومع ذلك، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود؛ فارتفاع أسعار السجائر – التي تجاوزت 40 دولارًا للعلبة – دفع بعض المدخنين إلى السوق السوداء، ما أثار تساؤلات حول فعالية الضرائب كأداة وقائية.
وفي ظل التحذيرات المتزايدة من تصاعد استخدام السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المُسخَّن بين الشباب، تتعالى الأصوات الداعية لتشديد السياسات، مثل منع النكهات، ووضع تحذيرات مصورة، وحظر الإعلانات، ورفع الضرائب. لكن، هل تكفي هذه الإجراءات وحدها لمواجهة الظاهرة؟
يرى كمالمز أن الإدمان على التبغ له وجهان: جسدي ونفسي، موضحًا أن "الإدمان الجسدي مرتبط بالنيكوتين، وغالبًا ما يكون العلاج الأفضل باستخدام اللصقات أو العلكة أو بعض الأدوية. أما الإدمان النفسي، فهو متعلق بالعادات والسلوكيات اليومية، ونوعي الإدمان معًا يشكلان خطرًا كبيرًا على المراهقين."
ويضيف أن جزءًا من الحل يبدأ في البيت، مؤكدًا على أهمية دور الأهل في خلق بيئة حوارية: "يلجأ المراهقون والمراهقات إلى التدخين رغبة في التمرد على الأهل ولإثبات الذات. لذلك، من الضروري على الأهل في هذا الوقت فتح قنوات الحوار مع الأبناء، وعدم إصدار الأحكام عليهم بشكل مسبق. يجب أن يشعر الأبناء والبنات بالراحة في التفاعل مع الأهل، وفي الوقت نفسه على الأهل تثقيف أنفسهم من خلال البرامج التوعوية والنصائح الطبية."
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.