حلقة جديدة من بودكاست عالم العقارات مع الخبير العقاري يوسف مرتضى للحديث عن تقرير اقتصادي يقول إن متوسط رصيد حسابات التقاعد (superannuation) للأستراليين تجاوز 172 ألف دولار أسترالي لأول مرة. فما هي مؤشرات هذا التحول؟ وكيف يعود بالنفع على المواطن الأسترالي؟
السؤال 1: لماذا تُعدّ اللحظة الراهنة «تاريخية» في سياق التقاعد في أستراليا؟
الإجابة:
في تقرير حديث أصدرته Association of Superannuation Funds of Australia (ASFA) تبين أن متوسط رصيد حسابات التقاعد (superannuation) للأستراليين تجاوز 172 000 دولار أسترالي لأول مرة. هذا الرقم ليس مجرد رقم، بل يعكس نظاماً تقاعدياً بدأ يتحول من الاعتماد الأساسي على معاش الدولة إلى اعتماد أكبر على المدّخرات الذاتية؛ وهو ما وصفته ASFA بأنه «تحوّل تاريخي».
بمعنى آخر: لم يعد التقاعد مجرد انتظار للمعاش الحكومي، بل أصبح هناك قدرة أكبر لدى الأفراد على بناء «مدّخرات تقاعد» خاصة بهم.
السؤال 2: ما العوامل الرئيسة التي أدّت إلى هذا الارتفاع في متوسط رصيد التقاعد؟
الإجابة:
هناك عدة عوامل مجتمعة:
- رفع نسبة مساهمة صاحب العمل في نظام التقاعد (Super Guarantee) إلى حوالي 12% من الأجور، ما زاد المدفوعات لصناديق التقاعد.
- الأداء الجيد لصناديق التقاعد على مدى السنوات الطويلة، حيث حقّقت معدّلات عائد سنوية تاريخية حرفياً عبر عقود.
- ازدياد وعي الأفراد بأهمية البدء المبكر في الادّخار، وتأثير التركيب الزمني (القوّة المعجِّبة للفوائد المركبة) الذي يرى البعض أن إدخاره مبكراً يصنع الفرق. هذه العوامل مجتمعة خلقت بيئة «أكثر نضجاً» لنظام التقاعد الأسترالي، ما سمح بالوصول إلى هذا المستوى القياسي.
السؤال 3: مع ذلك، هل كل الأستراليين يواجهون نفس المستوى من المدّخرات؟ أم توجد فروقات؟
الإجابة:
لا، هناك تفاوت واضح بين شرائح السكان:
- بحسب التقرير، الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60-64 عاماً لديهم متوسط رصيد نحو 355 000 دولار تقريباً.
- أما الشباب في عمر 30-34 عاماً، فالمسألة تختلف كلياً: لديهم ربّما رصيداً متوسطاً أقل بكثير – حسب التقرير، median-الرصيد أقل بكثير من المتوسط.
- كما توجد فجوة بين الجنسين: الرجال في الفئة العمرية 60-64 لديهم متوسط حوالي 396 000 دولار، في حين النساء في تلك الفئة لديهم حوالي 313 000 دولار تقريباً.
- الفرق الجغرافي والمهني أيضاً يظهر: سكان المناطق التعدينية مثلاً يملكون متوسطات أعلى نظراً لأجور أكبر، بينما المناطق ذات الأجور أو الفرص المحدودة تملك متوسطات أقل إذًا، نجاح النظام موجود، لكن ليس موحداً بين الجميع، ولذلك يكمن التحدي في سدّ الفجوات.
السؤال 4: ما هي التحديات المتبقية أو المخاطر التي قد تواجه هذا النظام أو الأفراد الذين يخططون للتقاعد؟
الإجابة:
إذا نظرنا بعمق، نجد عدداً من المخاطر والتحديات:
- أولاً، الاعتماد الكامل على المتوسط قد يخفي كثيراً من الناس الذين ليسوا في وضع جيد؛ فالمتوسط قد يكون متأثراً بعدد محدود من الحسابات الكبيرة، في حين كثير من الأفراد لديهم حسابات صغيرة نسبياً.
- ثانياً، التوظيف غير المنتظم، الاستقالة المبكرة، أو العمل بدوام جزئي (خصوصاً النساء) يقلّلان من إمكانية الادّخار أو من تحقيق النمو المرجو.
- ثالثاً، تأثير تذبذب الأسواق والاقتصاد: على الرغم من أن النظام صُمّم لتحمّل الصدمات على المدى الطويل، لكن الأزمات الاقتصادية الكبيرة يمكن أن تؤثر على العوائد.
- أخيراً، هناك الفجوة المتعلّقة بالجنس أو الجغرافيا أو نوع العمل، مما قد يؤدي إلى دخول بعض الفئات التقاعد بأمان أقل. وهذا يعني أن “الرصيد الجيد” ليس مضموناً لكل فرد.
السؤال 5: ماذا يعني هذا التطور عملياً بالنسبة لشاب في بداية حياته المهنيّة؟ كيف يمكنه استغلاله؟
الإجابة:
هذا التطور يحمل رسالة مهمة للشباب: “ابدأ مبكراً، مهما كانت المساهمة صغيرة”. كمثال، التقرير يشير إلى أن شاباً بعمر 30 سنة، واكتسب في حساب التقاعد حوالي 30 000 دولار حتى الآن، ويعمل بمعدل أجر متوسط، يمكن أن يتوقع عند التقاعد الوصول إلى حوالي 610 000 دولار – بشرط امتلاك العقار مثلاً.
إذًا، ما توصيه القراءات العملية؟
- تأكد من أن لديك حساب تقاعد واحد فقط (لتقليل الرسوم والتعقيدات).
- استفد من فرص الادّخار الإضافي إن أمكن (بشكل منتظم وليس الانتظار حتى “أصبح غنياً”).
- لا تهمل تنمية المعرفة المالية: فهم كيف يعمل النظام، ما هي الخيارات المتاحة، وأين تكمن الرسوم.باختصار: “عشرين دولاراً أسبوعياً في العشرينات قد يصنعان فرقاً من عشرات الآلاف بحلول التقاعد” – حسب توصيات الخبراءوبالتالي، هذا التطور ليس مجرد رقم، بل فرصة يُمكن لغالبية الشباب استغلالها لو بدأوا بحكمة.
السؤال 6: ما هي الإصلاحات المقترحة أو التي يُعمل عليها حالياً لتجعل النظام أكثر عدالة، خاصة تجاه الفئات المتأخرة أو المهددة؟
الإجابة:
تم طرح عدة تغييرات لتحسين العدالة في النظام:
- أحد الإصلاحات تخصّ مساهمات التقاعد أثناء إجازة الأبوّة/الأمومة المدفوعة (super on paid parental leave)، لتمكين المرأة من مواصلة بناء التقاعد حتى أثناء قضاءها وقتاً في رعاية أطفالها.
- كذلك رفع مساهمة الإعفاء الضريبي للدخل المنخفض ضمن التقاعد (Low-income Super Tax Offset) من حوالي 500 إلى 810 دولار، مع توسعة حدود الدخل المؤهّل حتى 45 000 دولار تقريباً، بدلاً من 37 000 سابقاً.
- هناك تركيز أكبر على توحيد الحسابات المتعددة، خفض الرسوم، وتحسين الشفافية في الرسوم والخيارات الاستثمارية.هذه الإصلاحات تهدف إلى جعل النظام ليس فقط أكبر، بل أكثر إنصافاً، بحيث لا يترك أحداً “خلف الركب”.
السؤال 7: كيف يمكن ربط هذه التطورات في أستراليا بما قد يهمّ مستمعينا من خلفيّة عربية أو مغتربين؟ وما الدروس التي يمكن أن نستقيها؟
الإجابة:
بالطبع هناك صلات مباشرة بين ما يحدث في أستراليا وما يمكن أن يهمّ المستمع العربي أو المغترب:
- أولاً، نظام الادّخار طويل الأجل مهم لأيّ شخص يعيش في مجتمع فيه الضمانات الحكومية قد لا تكون كافية أو متاحة بسهولة. فالرؤية الأسترالية تُظهر أن “الادّخار المبكر والمدعوم من صاحب العمل + اختيار استثماري جيد = فرق حقيقي”.
- ثانياً، إن كانت لديكم حسابات أو خطط تقاعد في بلدكم الأم أو في أستراليا، فهذه اللحظة تتيح إعادة النظر: هل تُدار الأموال بالشكل الأمثل؟ هل توجد فرص لتحسينها؟ هل التعويضات (Contributions) فعلياً تُسجّل؟ هل هناك حسابات مكرّرة تُكلّف رسوماً؟
- ثالثاً، الفجوات التي تطّلع عليها المرأة أو العامل بدوام جزئي أو المتغيّر تذكّرنا بأن التخطيط الفردي لا يقل أهمية عن التخطيط الجماعي/الوطني. إذا كنت تعمل، تحتاج أن تسأل: ما مقدار مساهمة صاحب العمل؟ كيف تنمو استثماراتي؟ هل أستطيع إضافة مبلغ إضافي؟
- أخيراً، البدء بسيط دائماً: حتى لو مقدار المساهمة صغير اليوم، إلا أن المدة الزمنية والقوة المركّبة تؤثر بشكل كبير. هذا الدرس يُطبق في أستراليا كما يُطبق في أي مكان.
السؤال 8: من منظور مستثمر أو مستشار، ما الفرص والقيود التي نراها في هذا القطاع حالياً؟
الإجابة:
من ناحية الفرص:
- نمو أصول صناديق التقاعد يعني أن هناك موارد كبيرة تُدّار، ما يفتح فرصاً لأسواق المال، البنية التحتية، العقارات، وغيرها من أصول ذات الدخل المستدام.
- أيضا، وجود سياسة واضحة لرفع نسبة المساهمة يجعل التنبؤ بالنمو أفضل، وبالتالي التخطيط الاستثماري أكثر موثوقية.من ناحية القيود:
- هناك تحدي في جعل الأشخاص “فعالين” تجاه حساباتهم؛ كثيرون يتركون الحسابات دون متابعة أو دون توحيد، ما يؤدي إلى تآكل من الرسوم والخمول.
- كذلك، التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية تعني أن بعض الفئات ستكون “خارج اللعبة” ما لم تكن هناك تدخلات مستهدفة.
- أخيراً، رغم أن الأداء التاريخي جيد، إلا أن المخاطر المرتبطة بأسواق المال، الأوضاع الاقتصادية، والتغيرات التشريعية كلها عوامل يجب إدراجها في الحساب.بالتالي، من يعمل كمستشار أو مستثمر يرى أن المفتاح هو التوازن بين النمو والعدالة، وبين الأداء المتميز والحماية من المخاطر.
السؤال 9: إذا كنت تخاطب مستمعاً اليوم، ماذا تنصحه بالقيام الآن – على مستوى اتخاذ القرار الشخصي؟
الإجابة:
إليك توصية عملية موجهة للغاية:
- ابدأ اليوم بتقييم حساب التقاعد الخاص بك: كم هو الرصيد؟ كم تبلغ نسبة مشاركة صاحب العمل؟ هل لديك حسابات متعددة؟ هل تُدّي رسوماً؟
- إذا وجدت حسابات مكرّرة، فكّر بتوحيدها — هذا يقلل الرسوم ويزيد الكفاءة.
- فكر بإضافة مساهمة صغيرة إضافية إن أمكن (حتى مبلغ صغير أسبوعياً أو شهرياً) لأن الزمن في صالحك.
- تأكد أن لديك فهم كهذا: “كل تأخير في البدء يعني/قد يخسرني آلافاً من الدولارات لاحقاً”.
- وأخيراً، راقب الإصلاحات التشريعية والتغييرات التي تخص التقاعد – فالبيئة تتغيّر، وكونك مطلعاً يمنحك ميزة: سواء لزيادة مساهمتك أو لتطوير استراتيجيتك.الرسالة الأساسية: ليس المهم فقط أن النظام يتطوّر، بل أن أنت تستفيد من هذا التطوّر — فابدأ الآن، ولا تؤجّل.
تنويه: هذا اللقاء هو لأغراض عامة. في حال احتجتم لمعلومات خاصة، عليكم بإستشارة خبير عقاري خاص بكم.
التفاصيل في اللقاء الصوتي اعلاه الذي أجرته منال العاني مع الخبير العقاري في أس بي أس عربي يوسف مرتضى
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "أستراليا اليوم" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق Radio SBS المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.
للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.




