القضية 23 وجروحُ ذاكرةٍ متألمة لم تندمل!

The Insult

Source: THE INSULT

حادثة بسيطة، لا بل تافهة، كادت تعيد لبنان إلى أتون الحرب! السبب الظاهر إهانة، لكنَّ المخفي أكبر بكثير!


تبدأ قصة فيلم القضية 23  بتلاسُنٍ بين رجلين على خلفية تصليح مزراب لشرفة منزل، لكن سرعان ما تطور السجال إلى تصعيد، فضربٌ ومحاكمات.

 الرجل الأول يُدعى طوني، وهو ميكانيكي يميل لحزب "القوات اللبنانية" المسيحي، وقد أدى دوره عادل كرم، والثاني يُدعى ياسر، وهو مهندس فلسطيني يسكن في أحد مخيمات بيروت، وقد لعب دوره كامل الباشا.

 يقول طوني إن كل ما أراده هو أن يسمع اعتذاراً من ياسر، فيما تعذر الاعتذار على الأخير بسبب كلام قاسٍ جداً تفوّه به الأول.

 وبدا مخرج الفيلم زياد الدويري، الذي كتب القصة مع جويل توما، وكأنه يريد تسليط الضوء على جروح الحرب التي شهدها لبنان بين العامين 1975 و1990، لا لنكئها بل ليثبت أنها لم تُشفَ بعد من ذاكرة الذين عاشوها. من هنا يحمل الفيلم رسالة غير مباشرة إلى المسؤولين على كل الأصعدة بضرورة معالجة الذاكرة الجريحة لتحسين المجتمع اللبناني وحمايته من المفاجآت غير السارة.

 وأظهر الدويري جرأة لناحية تسليطه الضوء على مجزرة الدامور شبه المنسية، في تأكيد آخر منه على ضرورة معالجة كل ما حصل إبان الحرب اللبنانية، ولأي طرف كان، من دون تمييز أو تستُّر أو استثناءات.

 وفي الفيلم مواقف لافتة وتناقضات إنسانية ومفاجآت، منها أن محامي الادعاء الذي أدى دوره الممثل كميل سلامة كان مخضرماً وشهيراً فيما محامية الدفاع التي لعبت دورها ديامان أبو عبود كانت شابة في مطلع مسيرتها المهنية. والمفاجأة أن هذه المحامية الشابة كانت ابنة المحامي القوي الذي كانت تواجهه! ومن المفارقات أيضاً أن قاعة المحكمة تحوّلت مكاناً لمحاكمة كل حروب المنطقة في تلك الحقبة وصولاً إلى الحرب اللبنانية.

 وعلى رغم صلابة كلٍّ من طوني وياسر، بدا وكأن الرجلين لا يفتقران إلى الشهامة. فعندما تعطلت سيارة ياسر أمام القصر الجمهوري، أصلحها طوني. وخلال المحاكمات بدا كلٌّ منهما وكأنه يتفهم موقف الآخر. وفي نهاية الفيلم، عاد ياسر إلى محل تصليح السيارات الخاص بطوني ليستفزه وكأنه يريد منه أن يرد له الضربة التي وجهها إليه في أول الفيلم وكسر اثنين من ضلوعه، لكي يتساوى وإياه في الألم الذي سببه واحدهما للآخر. وهذا ما حصل! وبعدما تلقى ياسر الضربة، اعتذر من طوني الذي بدا منذهلاً.

 صحيح أن فيلم القضية 23 لم يفز بجائزة الأوسكار التي كان مرشحاً لها هذه السنة عن فئة الأفلام الأجنبية – وهذه سابقة للسينما اللبنانية – لكنه ترك بلا شك بصماته العميقة على الوجدان اللبناني والفلسطيني، ومن خلالهما الوجدان العربي والإنساني.

 المزيد في هذا اللقاء مع الكاتبة دينا سليم.

استمعوا إلى المقابلة عبر الرابط الصوتي أعلاه.

حمّل تطبيق أس بي أس الجديد على الأندرويد والآيفون للإستماع لبرامجكم المفضلة باللغة العربية.


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand
القضية 23 وجروحُ ذاكرةٍ متألمة لم تندمل! | SBS Arabic