كشف المجلس الأسترالي للخدمات الاجتماعية عن نتائج دراسة أجراها بالتعاون مع جامعة نيو ساوث ويلز أظهرت أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في أستراليا ما زالت تتسع. وأن زيادة الثروات خلال الجائحة كان سببه امتلاك المنازل السكنية التي ارتفعت قيمتها بنسبة 22 بالمئة عام 2021، وهذا هو الارتفاع الأكبر منذ 35 سنة.
ويقول الباحث في الاقتصاد الفيزيائي سليمان يوحنا في حديث مع SBS Arabic24 إن أستراليا تعيش "إقطاعية حديثة"
"اليوم هذه إقطاعية حديثة، ولا نتحدث فقط عن الغنى المادي، نحن لا نستمتع بالحياة، بأطفالنا، ليس هناك نقص في الموارد في كل بلد، لكن هناك عدة شركات عالمية مسيطرة على الاقتصاد في الغرب بالذات، وهذه السيطرة خرجت عن نطاق المنطق".
الفجوة لا تزال كبيرة بين الأغنياء والفقراء
لا تزال أستراليا واحدة من أغنى البلدان في العالم، لكن نسبة غنى المواطنين فيها تتفاوت تفاوتا كبيرا فبحسب التقرير المذكور يوجد في أستراليا أكثر من 130 مليارديراً يمتلك كل منهم ما متوسطه 3.6 مليار دولار من الثروة. وهذا يعني أن هذه الثروات مجتمعة تصل إلى حوالي نصف ثروة البلاد بأكملها.
وكشف التقرير أيضا أن غالبية الأستراليين لا يزالون على الدرجة المتدنية من سلم الثروة حيث يملك 60% من السكان 17 % من ثروة البلاد فقط، بينما يمتلك 10% من الأستراليين حوالي نصف ثروة البلاد.
ارتفاع أسعار المنازل من بين أسباب تركز الثروات
ويقول التقرير إن أكثر من ثلثي ارتفاع ثروة العائلات خلال الجائحة كان في امتلاك المنازل السكنية، والتي ارتفعت قيمتها بنسبة 22 بالمئة عام 2021، وهذا هو الارتفاع الأكبر منذ 35 سنة.
ارتفاع أسعار المنازل أدى إلى زيادة الفجوة بين الأشخاص الذين اشتروا منازلهم عندما كانت الأسعار أقل، وبين الشباب وذوي الدخل المنخفض والمتواضع الذين لم يتمكنوا من امتلاك منزل أو أنهم يعانون من ارتفاع الإيجارات ومدفوعات الرهن العقاري.
وبحسب أرقام مكتب الإحصاء الأسترالي التي بنت عليها الدراسة نتائجَها، كانت ثروة أغنى 1 % من الأستراليين في عام 2021 أكثر ب 50 ضعفا من ثروة 60 % من الأستراليين في الدرجة المنخفضة، وب 11 ضعفاً من ثروة أسرة ذات دخل متوسط.
وقالت البروفسور Carla Treloar مديرة مركز موارد السياسة الاجتماعية بجامعة نيو ساوث ويلز: "إن هذه النتائج تدق ناقوس خطر ينبه بالفجوة الصارخة بين الأغنياء والفقراء في أستراليا بسبب سوء توزيع الثروة".
كما سلط التقرير الضوء على أسعار المنازل المرتفعة التي أدت إلى زيادة الثروة لأصحاب المنازل وأدت في الوقت نفسه إلى حرمان الشباب وذوي الدخل المنخفض من امتلاك منزل.
وقالت إدوينا ماكدونالد الرئيسة التنفيذية بالإنابة في ACOSS: "إن النتائج تكشف عن هشاشة حياة كثير من الأستراليين الذين يكافحون الفقر والتشرد في وقت ترتفع فيه ارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة."
الأستراليون أكثر مديونية من سكان الدول الغنية الأخرى
يُظهر التقرير أيضا أن الأسر الأسترالية مثقلة بالديون بشكل أكبر من سكان العديد من الدول الغنية الأخرى، وذلك نظرًا لارتفاع أسعار المساكن والسرعة التي ارتفعت بها، وسهولة الوصول نسبيًا إلى القروض.
ويحذر الاستاذ سليمان يوحنا من أن هذه الديون ستكون بمثابة "قنبلة موقوتة لأن الأستراليين هم الأكثر مديونة على الصعيد الشخصي، وإذا استمر مصرف الاحتياط برفع سعر الفائدة فإن هناك 1.5 مليون شركة وصاحب عقار لن يتمكنوا من تسديد رهونهم العقارية مما يؤدي إلى كارثة محققة".
وقال السيد يوحنا إن حزب Citizen Party الذي ينتمي إليه يقدم مقترحا الآن لوقف أي تحرك من قبل المصارف المدينة ضد المقترضين إذا ما تخلفوا عن الدفع بحيث لا يخسر الشاري منزله ويصبح على الشارع.
استراليا رابع أغنى دولة في العالم وأسرها تعاني من الديون
ووفقًا لتقرير الثروة العالمية لعام 2020 الصادر عن Credit Suisse تعد أستراليا رابع أغنى دولة في العالم، بعد سويسرا والولايات المتحدة وهونج كونج. ومع ذلك، فحوالي ثلث الأسر الأسترالية يعانون من ارتفاع الديون، ولم يكن لدى 39% منها ما يكفي من المال لتغطية ثلاثة أسابيع من الدخل إذا فُقد الدخل.
وتعتبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الأسر التي تقع في أدنى 40٪ من حيث الدخل ولديها ديون تساوي ثلاثة أضعاف دخلها السنوي المتاح على الأقل "مثقلة بالديون" وما يقرب من ثلث الأسر ذات الدخل المنخفض في أستراليا في هذا الوضع حاليًا.
وقارن السيد يوحنا بين السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الصين وأدت إلى إخراج 700 مليون صيني من الفقر وبين السياسات الامريكية التي أدت بحسب قوله إلى وجود 60 مليون أمريكي ممن يعيشون الآن على قسائم الطعام.
واقترح السيد يوحنا ضرورة العودة إلى الاقتصاد الحقيقي المبني على الصناعة والانتاج وتنمية البنى التحتية وإلى إنشاء مصرف حكومي لخلق ائتمانات لتشغيل الناس.