"أكيد كل بنت وهي صغيرة تحلم بأن تعمل في مجال معين" هكذا بدأت زينة برواية قصتها حيث أخبرتنا بأن حلم الالتحاق بجهاز الشرطة لازمها لسنوات طويلة ولكن ردة فعل الأهل السلبية حيال الأمر ورفض والدها للفكرة من أساسها منعتها من المضي قدماً. ولا تزال حتى الآن تذكر كلماته: "انتِ لست ابنتي ولن أتعرف عليكِ اذا قمت بذلك (..) لا أريد أن أبقى خائفاً عليكِ طوال الوقت."
وبمرور الأيام، سنحت الفرصة لزينة لتلتحق بوظيفة في مجال الأمن وأقدمت على هذه الخطوة لأنها وجدتها تحاكي حلمها القديم ومع ذلك لم يكن والدها راض تماماً عنها.
مجال يهيمن عليه الرجال
لا يزال الرجال يهيمنون بصورة كبيرة على الوظائف في قطاع الأمن في أستراليا. وعن تجربتها قالت زينة أن النساء في بادئ الأمر كن قليلات بالفعل في هذه المجال ولكن ذلك لم يمنعها من ممارسة مهامها في البيئة الذكورية، وسرعان ما بدأت تعتاد على العمل: “شعرت بأنني غريبة في البداية ولكن سرعان ما بدأ هذه الشعور بالتلاشي (..) انخرطنا في دورة حمل السلاح وبدأت أشعر بالراحة والاندماج أكثر."
مهام حارس أو حارسة الأمن ليست بالسهولة التي قد يتصورها البعض. ذكرت زينة أنها عملت لفترة في مستودع يضم أجهزة ثمينة وتعرض المكان لمحاولات سطو مسلح من أفراد عصابات مرات عدة.
وعن تفاصيل التجربة، قالت زينة أن حارس الأمن يفكر بالطريقة الأنسب للتعامل مع الموقف وتقدير حجم الخطر. ولم تنكر زينة شعورها بالخوف أثناء تواجدها على رأس عملها في إحدى محاولات السطو ولكن أشارت إلى أهمية اتخاذ القرار المناسب الذي يضمن عدم تعريض الأرواح في المكان للخطر.

Germany, North Rhine Westphalia, Burglary breaking into family home Source: Getty Images
وأضافت: "ليس على حارس الأمن أن يلقي بنفسه إلى الخطر (..) عليه التروي والاتصال بالشرطة أو طلب دعم إضافي من زملائه اذا اقتضت الحاجة."
ولم تمنع خشونة ظروف العمل زينة من الاستمرار في أداء مهامها، ومع ذلك تكوين عائلة وإنجاب أطفال دفعها غير مرة للتفكير في الابتعاد عن المخاطر واختيار وظيفة أقل خطراً.
لا تفكر زينة في ترك عملها في المجال الذي دخلته منذ أكثر من 16 عاماً وقالت أن تجربتها الشخصية علمتها عدم التأثير على أبنائها حول ما يرغبون دراسته في الجامعة.
وأضافت: " عندما كانت ابنتي تستعد لدخول الجامعة، أقتعتها بدراسة علم الجريمة والقانون لتلتحق بالشرطة وتحقق حلمي القديم (..) أتمنى لو لم أفعل ذلك لأنها فقدت الاهتمام بعد عام ونصف وعادت لدراسة المجال الذي تحبه وهو التدريس."
هل تغيرت نظرة المجتمع؟
لاحظت زينة تغير نظرة المجتمع بشكل ايجابي إزاء السيدات العاملات في مجال الأمن وبات الأشخاص من خلفيات اثنية أكثر تقبلاً للوجود النسائي في هذا المجال.
وحول الظروف التي تدفع المرأة لاتخاذ وظائف من هذا النوع، قالت زينة أن ارتفاع معدلات الطلاق والمسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة اضطرها للخروج إلى سوق العمل وتحدي الأفكار المسبقة التي تعتبر أن المرأة التي تعمل في مجالات معينة تحاول التشبه بالرجال.
وأضافت: " لا تظنوا أنه هنالك وظائف تناسب الرجال وأخرى مخصصة للنساء (..) العمل متاح للجميع ولا يرتبط بجنس معين."
استمعوا إلى مقابلة حارسة الأمن في التسجيل الصوتي المرفق بالصورة.