تعود الأصول التاريخية للطائفة الدرزية إلى عهد الخليفة السادس للدولة الفاطمية الحاكم بأمر الله -الذي امتدت فترة حكمه من عام 996 إلى عام 1021 ميلادي على يد محمد بن إسماعيل الدرزي (نسبة إلى أولاد درزة أي صانعي الثياب) الذي هاجر إلى الشام، واشتهرت الطائفة باسمه.
لكن مراجع أخرى تذكر أن المؤسس الفعلي للطائفة هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني، الذي يعتبر أحد مؤسسي مذهب الموحدين الدروز، والمؤلف الرئيسي للنصوص الدرزية.
وبدأ الدروز الدعوة لمذهبهم في الفترة ما بين عامي 1017و1020 ميلادي، وامتدت حتى سنة 1043 ميلادي، ليقفل بابه بعد ذلك، ويقتصر على معتنقي المذهب الأوائل وأبنائهم ومن يولد منهم، وصار ممنوعا انضمام أي شخص للطائفة الدرزية إذا لم يولد في الأصل درزياً.
Mourners from the Druze minority watch from a balcony the funeral of some of the 12 children and teens killed in a rocket strike at a soccer field in the village of Majdal Shams, in the Israeli-annexed Golan Heights, Sunday, July 28, 2024. It's the deadliest strike on an Israeli target along the country's northern border since the fighting between Israel and the Lebanese militant group Hezbollah began. (AP Photo/Leo Correa) Source: Getty / Leo Correa/AP
لماذا يعرّف الدروز أنفسهم باسم الموحدين أو "بني معروف"؟
يقول الشيخ عارف نجيب البعيني أحد مشايخ الطائفة الدرزية في أستراليا أنهم يعرفون "ببني معروف" في رمزية إلى أهل الخير والمعرفة والصبر، الداعين غلى الخير، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
ويشرح قائلاً، "هم فرقة إسلامية جذورها من الشيعة الإسماعيلية الفاطمية المهدية المتفرعة من الشيعة السبعية الإسماعيلية".
هم ليسوا من أهل السنة والجماعة ولا من أهل الشيعة، بل لهم مذهب خاص بهم يسمى مذهب التوحيد الشريف.الشيخ عارف البعيني
يعني التوحيد بحسب الشيخ البعيني الإقرار بألوهية ووحدانية وربوبية الله تعالى وعدم الإشراك به وتنزيهه عن جميع المخلوقات البشرية.
كما يوجد لدى الموحدين الدروز كتاب يسمى "رسائل الحكمة" . وهو يضم التفسيرات الباطنية للكتب المقدسة الأربعة: القرآن والإنجيل والتوراة والزبور، والتي جمعوها في خلواتهم ومجالسهم الباطنية الطاهرة.
لماذا يؤمن الموحدون الدروز بالتقمص؟
التقمص هو من أبرز المعتقدات التي يؤمن بها الموحدون الدروز. يتلخص مفهومه مفهومه في رجوع الروح إلى الحياة بجسد آخر فوراً عند وفاة المرء.
يحدد الشيخ البعيني ثلاثة أركان لإيمانهم بالتقمص. أولها تفسيرهم لبعض الآيات القرآنية والتي مفادها أن الله يعيد الإنسان إلى الحياة بعد موته. الركن الثاني هو الرحمة الإلهية في إعطاء البشر أكثر من فرصة للتوبة والعمل الصالح. أما الركن الثالث فهو العدالة الإلهية في أعطاء البشر فرصاً متساوية في أكثر من حياة واحدة في الحياة الطويلة.
نؤمن بالتقمص استناداً إلى العدالة الإلهية في إعطاء البشر فرصاً متساوية في أكثر من حياة واحدة في الحياة الطويلة والسعادة والأرزاق والمال والعلم والممتلكات.
يؤمن الدروز أيضاً بميثاق ولي الزمان، وهو ميثاق أزلي كتبوه على أنفسهم اختياراً لا إكراهاً يعاهدون فيه الله على الإيمان به وتوحيده وعبادته والرضا بأحكامه وعدم الإشراك به، وهو يعتبر المدخل لمذهب التوحيد لديهم.
يرى الكثيرون أن هناك الكثير من الغموض الذي يحيط عقيدة الطائفة، حيث هناك اعتقاد سائد أنه لا يتم تعليمها إلا لمن بلغ الأربعين من العمر.
لكن الشيخ البعيني أوضح بأن هذا اعتقاد خاطئ تماماً، فالدين مفتوح لأي درزي طالما أنه جاهز فكرياً وروحياً وجسدياً ومسلكياً ليثبت على الدين والإيمان ويتحمل مسؤوليته كاملة.
هناك بعض المشايخ الذين يستلمون دينهم في سن الشباب وحتى في عمر الخامسة والسادسة عشر ، وليس كما يعتقد البعض أنه لا يطلع الشخص على الدين حتى بلوغه سن الأربعين.
ما هي درجات الطائفة الدرزية؟
تتكون الطائفة الدرزية من ثلاث طبقات. الطبقة الأولى هي طبقة رجال الدين وهم الدارسون للدين والمحافظون عليه، وتعرف بالعُقّل، ويدعى رئيسهم شيخ العُقّل. أما الطبقة الثانية فهي الأجاويد، وهم المطلعون على تعاليم الدين والملتزمون بها. في حين أن الطبقة الثالثة هي عامة الناس و"الجاهلون بالدين" والمنغمسوني الأمور الدنيوية لا الدينية.
أين يتواجد أبناء طائفة الموحدين الدروز؟
يتمركز أبناء الطائفة الدرزية في لبنان بشكل أساسي على طول الجهة الغربية لجبال لبنان، وكذلك في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، ويبلغ عددهم هناك أكثر من 300 ألف شخص. وقد تولى الدروز السلطة السياسية بشكل كبير في لبنان الحديث منذ استقلاله. ومن أبرز الشخصيات السياسية الدرزية في البلاد كمال جنبلاط، الزعيم الدرزي الذي شغل خلال مسيرته السياسية عدة مناصب من أبرزها وزير الداخلية. وبعد اغتيال كمال جنبلاط عام 1977، تولى ابنه وليد القيادة السياسية للطائفة الدرزية في لبنان. وتنافس عائلة جنبلاط عائلة أرسلان على زعامة الدروز في لبنان.
Members of the Druze community Source: Getty / Getty Images
كما يوجد في إسرائيل عدد كبير من أبناء الطائفة الدرزية يقدر بحوالي 150 ألف شخص، وهم يتواجدون بالكامل في المناطق الشمالية.
المتة: مشروب الدروز الأول
لا بد لنا أن نأتي على ذكر المتة، المشروب الأشهر لدى االدروز وأول ما يقدم عند الدخول إلى منازلهم. هو المشروب الذي يصعب على “أهل الجبل” التخلي عنه، فأيديهم تكاد لا تخلو منه لساعات طويلة، وبعضهم يقول إنه يساعدهم على التركيز، مؤكدين أنهم لا يستطيعون إمضاء يومهم بدونه.
وما يثير الاهتمام أكثر من مذاقه الممتع بحسب رأي محبيه، هو حكايته التي تروي أنه جيء به من مكان يبعد عن لبنان نحو 13 ألف كيلومتر فقد أحضره المهاجرون إلى بلاد الشام من الأرجنتين في القرن التاسع عشر . ويُصنع مشروب المتة عن طريق نقع أوراق المتة التي تشبه الشاي في الماء الساخن ويُقدم مع قش معدني من قرع. وهنا تبدأ الجلسات مع "قرقعة" المتة التي تقدم مع الزبيب والمكسرات والتين المجفف.
أما المطبخ الدرزي، فيشبه مطابخ بلاد الشام الأخرى. ولعل الجانب الأكثر تميزًا في المطبخ الدرزي هو المازة بما في ذلك التبولة والحمص والبابا غنوج، كما أن الكبة النيئة هي من المازات الشهيرة على السفرة الدرزية. أما البيتا الدرزية فهي الخبز على الطريقة الدرزية المحشو باللبنة ومغطى بزيت الزيتون والزعتر.
وبالنسبة للطبق الشعبي الأبرز بين دروز منطقة حوران في محافظة السويداء فهو "المليحي" الذي يقدم في الأعراس والأعياد والمناسبات الخاصة الأخرى ويتكون البرغل من قمح مغمور بالسمن مع لحم الغنم واللبن ويقدم ساخنًا مع الكبة المقلية والخضروات.
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.
