في عالم يزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم، تصبح الحاجة إلى أدوات فعالة لحل المشكلات بعقلانية أكثر إلحاحاً. ومن بين هذه الأدوات، تبرز "الهندسة القيمية" كمنهجية تجمع بين العلم والإبداع.
في لقاء خاص ل أس بي أس عربي مع الدكتور المهندس عماد شبلاق، رئيس منظمة الهندسة القيمية في أستراليا ونيوزيلندا ودول المحيط الهادئ، تحدث عن هذا العلم موضحاً جذوره، تطبيقاته، وآفاقه المستقبلية في المنطقة.
ما هي الهندسة القيمية؟
يشرح الدكتور شبلاق بأن "الهندسة القيمية" أو Value Engineering، هي منهجية تُستخدم لتحليل وظيفة أي منتج أو مشروع أو خدمة، بهدف تحسين أدائه، خفض تكلفته، أو إيجاد بدائل تحقق الغاية نفسها بجودة أعلى وبتكلفة أقل.
كيف وُلد هذا المفهوم؟
ظهرت الهندسة القيمية لأول مرة عام 1947 في شركة "جنرال إلكتريك" الأمريكية، حين واجه المهندسون تحديات في الحصول على بعض قطع الغيار خلال الحرب العالمية الثانية. وبدلاً من البحث عن العنصر نفسه، بدأوا بالتفكير في البدائل التي تقوم بوظيفته. ومن هنا وُلدت الفكرة.

المهندس عماد شبلاق في إحدى المحاضرات عن الهندسة القيمية في ملبورن
رغم أن "الهندسة القيمية" تحمل اسم "هندسة"، إلا أنها ليست تخصصاً أكاديمياً، بل تُدرّس كدورات تخصصية لأي شخص يرغب تلقي هذه المهارة.
ويضيف الدكتور شبلاق:
الهندسة القيمية، ليست حكرًا على المهندسين، بل يمكن لأي شخص استخدامها لحل مشكلات الحياة اليومية لاتخاذ قرارات مدروسة
يقول الدكتور شبلاق: "يمكن لأي شخص تطبيق مفاهيم الهندسة القيمية، سواء كنت تريد شراء سيارة، اختيار مدرسة لأطفالك، أو حتى تحديد أفضل شركة طيران للسفر. فكل قرار يتطلب مقارنة بين البدائل، والهندسة القيمية تساعدك على ذلك.
الهندسة القيمية في أستراليا؟
ورغم أن هذه المنهجية مطبّقة على نطاق واسع في الولايات المتحدة، أوروبا، ودول الخليج، إلا أن أستراليا – كما يقول الدكتور – لا تزال متأخرة نسبيًا في تبنيها. لذلك لم يقف الدكتور شبلاق مكتوف اليدين، فقد شمَّر عن ساعديه وأسس منذ عام 2020 فرعًا رسميًا للمنظمة العالمية للهندسة القيمية في سيدني، ويقوده الآن في ست دول من بينها نيوزيلندا، فيجي، و"جزر سليمان" وبابوا غيني الجديدة. ويعمل حالياً على توعية الجهات الحكومية الأسترالية بأهمية هذه المنهجية لتقليل الهدر وتحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة، خاصة في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
مستقبل واعد في أستراليا
يؤكد الدكتور أن الطريق ما يزال طويلاً، لكنه واعد. فعدد المهتمين في أستراليا بدأ يزداد، والدورات تنتشر، والمؤسسات بدأت تعي القيمة الحقيقية لهذا التخصص. ويختم بالقول: "الهندسة القيمية تمنحك القدرة على اتخاذ قرار ذكي في كل مفصل من مفاصل حياتك، من بناء منزل إلى شراء هاتف؛ فهي علم يستحق أن يدخل كل بيت." وللمهتمين بالتعلم والتأهيل، يوضح الدكتور شبلاق أن الجمعية توفر دورات متخصصة في أستراليا، وورش عمل تتيح للأفراد من مختلف التخصصات التعرّف على أدوات وأساليب هذا العلم الحيوي، فالهندسة القيمية ليست فقط للمشاريع، بل هي أسلوب تفكير قد يُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الفرد.
استمعوا لتفاصيل أكثر كيف تحصلون على هذه المعرفة القيمية بصوت الدكتور المهندس عماد شبلاق بالضغط على رابط الصوت في الأعلى.