اليوم سنرجع بالزمن إلى بدايات البلد المحظوظ، أستراليا. سنتوغل و نتعرف على جزء من تاريخه و نقرأ بضعاً من أولى صفحاته التي لا يعرفها الكثيرون.
الكل يعرف قصة الأسطول الأول و وصوله لشواطئ أستراليا في عام 1788. و عادتاً ما ينسب فضل أول وصول أوروبي أو إكتشاف شواطئ أستراليا، إلى قائد هذا الأسطول القبطان الإنجليزي جيمس كوك. ينظر الكثيرون لجيمس كوك نفس نظرة الأمريكيين لكريستوفر كولومبس، و لكن مع فرق واحد، فقط. إن جيمس كوك ليس مكتشف القارة الأسترالية كما كان كولومبس مكتشف القارة الأمريكية.
المكتشف الحقيقي للقارة الأسترالية هو بحار هولندي يعرف بإسم ويليم جينسون ويرجع له فضل أول وصول أوروبي لأستراليا في عام 1606. إلا أن في هذا الوقت لم تكن تعرف بهذا الإسم، بل أنها لم تعرف بأي إسم على الإطلاق.
ولد ويليم جينسون في هولندا عام 1570 و قام بالإبحار من الهند الشرقية الهولندية Dutch west indies . هي طبعاً ليس لها أي علاقة بالهند و لكن البحارة الأوروبيون كانوا يسمون أي أرض جديدة يصلون إليها بالهند إعتقاداً منهم أنهم قاموا بدورة حول الأرض، فالهند الشرقية هي في الواقع إندونيسا الحديثة و الهند الغربية هي جزر البحر الكاريبي و أمريكا الوسطى.
في البداية أبحر جينسون في بعثتان إستكشافيتان عاديتان لم ينتج عنهم إكتشاف يذكر، الأولى عام 1598 و الثانية عام 1601. في بعثته الثالثة في الثامن عشر من كانون الأول \ ديسمبرعام 1603 قام جينسون بالإبحار جنوباً باحثاُ عن طرق التجارة الجديدة. على متن سفينته ديوفكن وصل إلى غرب نيو جيني في تشرين الثاني \ نوفمبر 1605 ثم أبحر إلى خليج كاربنتاريا و من هناك أبحر مرة أخيرة إلى أن وصل في في 26 شباط \ فبراير 1606، إلى النقطة الأكثر شمالاً في القارة الأسترالية عند، ما يعرف اليوم بشبه جزيرة كيب يورك. واجه جينسون و طاقمه مقاومة شديدة من السكان الأصليين في تلك المنطقة، فخسر 10 من طاقمه، و مع ذلك إستطاع أن يستطلع 320 كم في عمق القارة.
إعتقد جينسون خطأً منه في ذلك الوقت أنه وصل إلى مكان آخر في نيو جيني، و حاول بتسميته نيو زيلاند نسبتاً للمقاطعة زيلاند في بلد الأم هولندا، و لكن الإسم لم يستخدمه الهولنديون حتى أطلقوه على دولة نيو زيلاندا الحديثة.
عكست الخرائط الهولندية هذا الخطاء على مدى سنوات طويلة. و لمدة مئتي سنة تقريباً و حتى وصول الأسطول الإنجليزي الأول مع الكابتن جيمس كوك عرفت أستراليا و مستعمراتها التي يسيطر عليها الهولنديون و لفقر إبداعي شديد بإسم نيو هولاند أو هولندا الجديدة. و لكن كيف حصلت أستراليا على إسمها؟
في حقيقة الأمر أن الإنجليز قاموا بتسمية مستعمرتهم في القارة الجديدة بإسم نيو ساوث يلز و لم يكن ليعرفها أحد بإسم أستراليا حتى سنوات بعد وصول الأسطول الأول.
يجد إسم أستراليا أصوله من اللاتينية فى القرن الخامس عندما إنتشرت تكهنات و تخيلات في أوروبا عن وجود أراض غريبة، خرافية في الجنوب لم تكتشف بعد. سميت هذه الأرض الوهمية بإسم Terra Australis Incognita ليعني الإسم الأرض الجنوبية الخفية. التركيز هنا على الكلمة الوسطى Australis و التي تعني الجنوب باللاتينية. لم ينتتبه أحد لهذا المسمى حتى العام 1803 عندما نجح البحار الإنجليزي ماثيو فليندرز أن يدور حول الحدود الخارجية للقارة الأسترالية دورة كاملة ليخطط شواطئها. بعد بعثته الناجحة نشر كتابه Epic journey أو الرحلة الأسطورية الذي يشرح فيه تفاصيل البعثة و يقترح فيه تسمية القارة أستراليا.
و ينتشر الإسم الجديد على مدى العقد التالي من الزمن حتى ظهوره الأول في مستندات رسمية بريطانية في 1817 و من ثم إعتماده كالإسم الرسمي للقارة في 1824 و أخيراً كالإسم الرسمي للدولة بعد أن أصبحت فيدرالية في 1901.