مع استمرار ارتفاع حالات تفشي كورونا في ولاية فيكتوريا، تواجه الحكومة أسئلة متزايدة بشأن تشديد إجراءات الإغلاق والانتقال إلى المرحلة الرابعة من الإجراءات.
في الوقت الراهن تخضع ملبورن الكبرى وميتشل شاير إلى ما يعرف باسم المرحلة الثالثة من الإغلاق، والتي تمنع جميع السكان من مغادرة المنزل إلا لأربعة أسباب: منح الرعاية أو تلقيها، العمل والدراسة، وممارسة الرياضة، وشراء الأغراض الضرورية.
ولكن مع خمسة أيام خلال أسبوع واحد تسجل فيها الولاية أكثر من 200 حالة يومية، بدأت السلطات في التلميح إلى إمكانية تشديد الإجراءات. وقال رئيس الحكومة دانيال أندروز "سيتعين علينا التحرك من أجل فرض المزيد من القيود."
وتجاوزت الولاية اليوم حاجز الثلاثمائة حالة لأول مرة على الإطلاق في جميع أنحاء أستراليا.
ولكن المرحلة الرابعة من الإغلاق لم يتم تطبيقها من قبل في أي مكان في أستراليا، وبالتالي لا توجد معلومات واضحة عن كيفية تطبيقها، لكننا سألنا اثنين من خبراء الصحة العامة عن ما يمكن أن يتم فرضه ضمن إجراءات التشديد المقترحة تلك.

Victorian Premier Daniel Andrews Source: AAP
المرحلة الرابعة يجب دراستها بعناية
خبير الأمراض المعدية في جامعة سيدني البروفيسور روبرت بوي قال إن الحكومة بلا شك تفكر جديا في تشديد الإجراءات. وقال البروفيسور "الوضع مقلق، يوجد الكثير من العدوى السرية التي تحدث على هيئة سلاسل ولا نفهمها بشكل كامل بعد."
وأضاف "نحتاج إلى نفعل ما نقوم به الآن، ولكن بشكل أفضل."
وبينما قال البروفيسور بوي إنه غير متأكد من أننا بحاجة إلى تطبيق المرحلة الرابعة من الإجراءات في الوقت الراهت إلا أنه أكد أن الامر يجب دراسته بعناية. وأضاف أن إجراءات المرحلة الرابعة يمكن أن تركز على مسألة تقليل حركة الناس أكثر، بما في ذلك المزيد من الإجراءات التي تنفذها الشرطة وإغلاق المتاجر غير الضرورية.
زيادة التركيز على ارتداء الكمامات
وقال البروفيسور روبرت بوي إن ارتداء الكمامة سيكون الخطوة المنطقية التالية في عملية تشديد الإجراءات. وقال "الانتقال من ارتداء الكمامة في مناسبات معينة إلى ارتدائها بشكل اعتيادي هو أمر منطقي، خاصة عند الخروج إلى الشارع."
البروفيسورة كاثرين بينيت، رئيسة قسم الأوبئة في جامعة ديكن تتفق أن ارتداء الكمامات سيتم التشديد عليه. وقالت "من المحتمل في مناطق معينة أو للعاملين في وظائف معينة أن يتم التشديد على ارتداء الكمامات، وتصبح إلزامية."
وكانت حكومة فيكتوريا قد بدأت التركيز في رسائلها للمواطنين على أهمية ارتداء الكمامات بعد ظهور الموجة الأخيرة، حيث شجع المسؤولون الصحيون سكان المناطق الخاضعة للإغلاق ارتداء الكمامات عند الخروج إلى الشارع، خاصة في المواقف التي يكون من الصعب فيها تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.
الحكومة الفيدرالية أشارت أيضا إلى أن سكان باقي الولايات والمقاطعات في أستراليا يمكن أن يُطلب منهم قريبا ارتداء الكمامات أيضا.
وقالت البروفيسورة بينيت إن ارتداء الكمامات يمكن أن يلعب دورا في تقليل تفشي الفيروس، لكنها حذرت من أنه "إذا لم يلتزم الناس بالإجراءات الاحترازية الأساسية، فإن الكمامة لن تحدث فارقا على الأرجح."
المزيد من الفحوصات الاعتيادية
زيادة نطاق وعدد الفحوصات يمكن أن يكون أحد الإجراءات التي يتم فرضها عند تشديد الإغلاق طبقا للبروفيسورة بينيت، لما في ذلك فحص الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض.
ودللت البروفيسورة على ذلك بمثال العمال في مسالخ اللحوم ودور رعاية المسنين، حيث تكون معدلات انتقال العدوى أعلى من النسب العادية. وقالت "ربما يكون هذا أمرا جيدا لو أن هؤلاء العمال والشركات نفسها كانوا يملكون القدرة على فخص الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض، لكي نكون في وضعية استباقية أكثر، فيجب علينا القيام بالمزيد من الفحوصات ومراقبة تلك المناطق التي يمكن أن تسرع من تفشي الفيروس."

More regular testing, including those who don't have symptoms, could be stepped up according to some experts. Source: AAP
ويوجد حاليا في ولاية فيكتوريا 24 دار للمسنين سجلت إصابات بفيروس كورونا، وهو أمر وصفه البروفيسور بوي بالمقلق. واتفق خبير الأمراض المعدية على ضرورة زيادة معدلات المراقبة والفحص في تلك الأماكن.
وقال البروفيسور بوي "تلك الأماكن تحتاج إلى المزيد من المراقبة، وتدخل أبكر وأفضل مع إجراءات لتعقب المخالطين والعزل. يمكن أن ننقذ الناس في دور رعاية المسنين ولكن يجب علينا الانتباه جيدا."
إغلاق المزيد من الأعمال والأحياء
فيما يتعلق بإغلاق المزيد من الأعمال غير الضرورية مثل محلات البيع بالتجزئة والمتاجر العملاقة متعددة الأقسام، ترى البروفيسورة بينيت إن الأمر قد لا يكون ضروريا إذا ما تم فرض ارتداء الكمامة وزيادة الفحوصات.
لكنها قالت إنه في حال استمر الفيروس في التفشي خلال أسبوع من الآن، فإنه يجب عليك "إما النظر في مسألة الإغلاق الجزئي في بعض المناطق عالية الخطورة، أو تحديد بعض المصالح التجارية لكي يقوموا بإغلاق ابوابهم."

Retail stores are currently allowed to stay open in Melbourne, but this could change is Stage 4 restrictions were in place. Source: AAP
وقالت البروفيسورة بينيت إنه في الوقت الراهن لا يوجد إلا حالات قليلة للغاية مرتبطة بالعدوى في محلات البيع بالتجزئة، لذا فإن إغلاقها الآن يبدو أمر غير ضروري. لكنها أكدت أنه في حال تسجيل المزيد من الحالات فإنها "متأكدة من اتخاذ قرارات فورية لإغلاق تلك المحلات باعتبارها تمثل خطرا."
دعوات لإغلاق المدارس تماما
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية أعلنت حكومة فيكتوريا أن الطلاب الصغار سيعودون إلى التعليم عن بعد، ولن يبقى إلا طلاب الصف الحادي عشر والثاني عشر الذي سيكون لزاما عليهم الحضور داخل المدرسة.
لكن أكبر بؤرة للتفشي في فيكتوريا الآن مرتبطة بمدرسة التقوى الثانوية في أحياء ملبورن الغربية والتي تم تأكيد 150 حالة مرتبطة بها. وأدت تلك البؤرة إلى صدور دعوات من الخبراء الصحيين بإغلاق مدارس الولاية بشكل كامل في الوقت الحالي.
لكن البروفيسورة بينيت قالت إن بؤرة تفشي الفيروس في مدرسة التقوى تعتبر "حالة فردية" لا تعبر عن نمط مستمر. وأضافت إنه حتى مع فرض المزيد من القيود فإن أغلب المدراس ستستمر على الأرجح في فتح ابوابها لطلاب الثانوية بالنظر إلى أن هناك معدلات عدوى منخفضة بين الطلاب في عمر الدراسة.

Al-Taqwa College geçen yıl büyük bir salgının merkezindeydi. Source: SBS News
"الفحوصات في المدرسة" بصرف النظر عن ظهور أعراض من عدمه يمكن أن تكون طريقة أخرى لإدارة مسألة تفشي المزيد من البؤر. وقالت بينيت "ربما تكون تلك طريقة لمراقبة الوضع، ومتابعة ما يحدث. وفي حال كان هناك شيئ في طريقه للحدوث، فستكون متقدما بخطوة دائما."
هل يمكن أن تشبه المرحلة الرابعة ما حدث في نيوزيلندا؟
تطبيق المرحلة الرابعة من القيود تبنته الجارة نيوزيلندا مع ظهور الوباء هناك لأول مرة في الخامس والعشرين من مارس آذار واستمرت لمدة أربعة أسابيع.
الإجراءات شملت غلق كافة المدارس، وكل المصالح التجارية ما عدا الخدمات الضرورية مثل محال البقالة والصيدليات والمنشآت الطبية. الاستراتيجية التي اتبعتها نيوزيلندا كانت تهدف إلى القضاء على الفيروس تماما، ويُنظر لها باعتبارها استراتيجية ناجحة، حيث أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا آردرن في الثامن من يونيو حزيران الماضي أن بلادها لم تسجل أي عدوى مجتمعية منذ 17 يوما.
لكن البروفيسور بوي حذر من أنه على الرغم من أن تلك الاستراتيجية تبدو ناجحة في الوقت الراهن إلا أن الأمر لن يستغرق وقتا طويلا حتى يعاود الفيروس للظهور.
وقال البروفيسور "كا ما تحتاجه هو حالة واحدة تدخل إلى البلاد وتنقل العدوى لأسبوعين وفجأة ستجد لديك عشرة أو عشرين حالة." وأضاف "من الصعب السيطرة على الفيروس كما رأينا في فيكتوريا وكما نرى الآن في نيو ساوث ويلز."
هل يجب أن نستهدف القضاء على الفيروس أم احتوائه؟
بعض الخبراء الصحيين دعوا أستراليا مؤخرا إلى تبني "استراتيجية القضاء على الفيروس" وفرض المزيد من القيود المشددة على مدى وقت أطول من أجل إنهاء وجود الفيروس في فيكتوريا.
لكن كل من البروفيسور بوي والبروفيسورة بينيت يعتقدان أن هذا الإجراء ليس ضروريا إذ أن استراتيجية الاحتواء لأقصى قدر ممكن فعالة. وقال البروفيسور بوي "القضاء على الفيروس سيكون أمرا رائعا، لكني لا أعتقد أنه عمليا للغاية."

Melbourne has been in lockdown for more than two weeks. Source: AAP
واضاف "أعتقد أن اعتماد الاحتواء وتقليل أعداد الحالات وزيادة الفحوصات وكل تلك الأمور، أمر مهم."
من جانبها قالت البروفيسورة بينيت إن مقارنة سياسة الاحتواء مع القضاء على الفيروس أمر غير مفيد: "لا أعتقد أن علينا الاختيار بين الاثنين، الاحتواء هو الطريق نحو القضاء على الفيروس."
هذه الآراء كررها البروفيسور بريت ساتون كبير المسؤولين الصحيين في فيكتوريا عندما تم سؤاله حول الأمر، إذ قال: "أحب بالطبع أن نقضي على الوباء. ولكننا لسنا في تلك المرحلة، حيث يتعقد الوضع لدرجة أننا ننظر بشكل دقيق في مدى جدوى الأمر. لكن الامر يستحث الدراسة، هناك تحديات في التطبيق، ولكن هناك فوائد أيضا."