اعتراف أستراليا بالدولة الفلسطينية.. متى وبأي شروط!

الخبراء يحذرون من نفاد صبر المجتمع الدولي تجاه إسرائيل.. لكن ما الدلالات العملية للاعتراف بدولة فلسطينية؟

PALESTINE RALLY CANBERRA

تواجه الحكومة الألبانية دعوات لفرض عقوبات على إسرائيل، فضلاً عن الاعتراف بدولة فلسطينية. احتشد المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين خارج مبنى البرلمان في كانبيرا الأسبوع الماضي. Source: AAP / Lukas Coch

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

يقول الخبراء إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يوفر آفاقًا لـ «الانتعاش المستقبلي»، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي ضغوطًا لتسريع موقف أستراليا.

وفي الأيام الأخيرة، أعلنت حكومة العمال عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنها وضعت عدة شروط مسبقة، من بينها نزع سلاح «حماس»، قبل الالتزام رسميًا.

ويوم الأربعاء، قال العديد من النواب البارزين، ومن بينهم أنيكا ويلز وجوليان هيل، إن الأمر «مسألة وقت وليس احتمال».
وقال بن سول، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، إن الدعوات المتزايدة للاعتراف هي نتيجة عامين من انتهاكات القانون الدولي من قبل إسرائيل.

وقال لـ SBS News: «أعتقد أن ذلك يعكس نفاد صبر المجتمع الدولي المتزايد إزاء فشل إسرائيل في توفير الشروط اللازمة لإقامة دولة فلسطينية».

في يناير الماضي، وردًا على تقرير للأمم المتحدة اتهم إسرائيل بتجاهل القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، كتب ممثل إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، دانيال ميرون، عبر منصة X: «تعمل إسرائيل وفقًا للقانون الدولي، ولن تستهدف أبدًا المدنيين الأبرياء. إن منظمة حماس الإرهابية هي من يستخدم المدنيين كدروع بشرية، ويستغل المستشفيات لأغراض إرهابية».

من جانب آخر، يرى الائتلاف أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يأتي في نهاية عملية السلام.

وقال المتحدث باسم الدفاع المعارض أنغوس تايلور: «نحن قلقون من أن ذلك يضع العربة أمام الحصان. نحن بحاجة إلى اتفاق سلام، وإلى إطلاق سراح الرهائن، ونريد أن نرى حماس تتفكك. لا يمكن لحماس أن تكون جزءًا من دولة فلسطينية».

ما أهمية الاعتراف بدولة فلسطينية؟

يقول البروفيسور شهرام أكبر زاده، مدير منتدى دراسات الشرق الأوسط في جامعة ديكين، إن اعتراف أستراليا بدولة فلسطينية سيرسل رسالة قوية إلى الولايات المتحدة مفادها أن «الديناميكية العالمية تتغير».

في أبريل 2024، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار كان من شأنه منح فلسطين فرصة لتصبح عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة.

وقال أكبر زاده لـ SBS News إن الولايات المتحدة بحاجة إلى «ممارسة دورها القيادي والضغط على إسرائيل للمضي قدمًا في حل الدولتين».
ويضيف أن «التعاطف الدولي مع إسرائيل بعد 7 أكتوبر تحول إلى شعور عالمي بعدم التصديق بأن أي دولة يمكن أن تتصرف بهذه الطريقة»، مشيرًا إلى أن هذا التحول دفع دولًا مثل المملكة المتحدة وفرنسا إلى تعديل سياساتها.

«فرض السيطرة العسكرية على جميع السكان، وفرض حصار يحرمهم من الغذاء والدواء والماء، خلق حالة من الصدمة العالمية».

من جانبها، تنفي الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك سفارتها في كانبيرا، وجود مجاعة في قطاع غزة، وتقول إن التقارير عن وفاة الأطفال بسبب سوء التغذية هي «حملة كاذبة» من حماس.

ويرى سول أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يعتمد كليًا على الولايات المتحدة طالما تم استيفاء معايير القانون الدولي، والتي تشمل وجود السكان والأراضي وحكومة مستقلة فعالة.

يوم الأربعاء، انضمت أستراليا إلى 14 دولة أخرى ووقعت بيانًا مشتركًا يلتزم بمسار الدولة الفلسطينية، بما في ذلك دعوات السلطة الفلسطينية لنزع سلاح حماس، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإجراء انتخابات في غضون عام.
وفي منتصف نوفمبر، صوتت أستراليا لصالح قرار للأمم المتحدة يؤكد «السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية».

ومثل هذا التصويت تحولًا في موقف أستراليا بعد أن امتنعت لعقدين عن التصويت على مقترحات مماثلة، حيث قال وزراء العمال إنها خطوة مهمة نحو حل الدولتين.

ما الآثار العملية؟

بالإضافة إلى البعد الرمزي، قال سول إن للفلسطينيين الحق قانونيًا في الحصول على دولتهم بموجب القانون الدولي، واصفًا الاعتراف بأنه «مربح للجانبين»، إذ سيسمح لأستراليا بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين.

وقال سول: «هذا يعني أيضًا أن فلسطين ستتمتع بحقوق معينة بموجب القانون المحلي الأسترالي، مثل الحصانات الدبلوماسية والحكومية لمسؤوليها».

مع ذلك، يرى أكبر زاده أن الآثار العملية «محدودة للغاية» ما لم يسمح مجلس الأمن الدولي لفلسطين بالانضمام كعضو كامل العضوية.
وتشمل المزايا الكاملة للأعضاء حق وضع القوات المسلحة تحت حماية الدولة، وممارسة الدبلوماسية، وإقامة علاقات مع الدول الأخرى، بما في ذلك العلاقات التجارية، فضلًا عن توسيع المطالبات القانونية ضد إسرائيل في الهيئات الدولية.

ويضيف: «لكن السيادة القانونية تظل محكومة بالقوة السياسية والعسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل، حيث يتجاوز واقع القوة شرعية الدولة الفلسطينية المستقبلية».

ما التأثير على الفلسطينيين في غزة؟

يقول أكبر زاده إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يفتح «آفاق الانتعاش وإعادة الإعمار في المستقبل».

وأضاف: «التأثير على الحياة اليومية لسكان غزة محدود، لأن القطاع لا يزال تحت الاحتلال العسكري والحصار الإسرائيلي».

ويشير إلى أن فتح الحدود لإدخال الغذاء والدواء يساعد السكان الجائعين، لكنه يؤكد: «أنتم تريدون منح الفلسطينيين الأمل. تريدون إعطاءهم وسيلة للتعبير عن الذات والاستقلال الذاتي. وهنا تأتي أهمية الدولة والسيادة، لكن الاعتراف وحده لن يوفر الطعام لسكان غزة».

ويوافق سول على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يحل «الكارثة الإنسانية في غزة»، مؤكدًا أن إسرائيل وحدها تستطيع ذلك عبر السماح بتدفق المساعدات الإنسانية.

وقال: «على إسرائيل أن تحترم التزاماتها بموجب القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان».
A mother holds her emaciated child
يزن أبو فول البالغ من العمر عامين مع والدته نعيمة. يعاني يزن من سوء التغذية الشديد بسبب النقص الحاد في الغذاء بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة وإغلاق المعابر الحدودية. Source: EPA / هيثم عماد
كما أشار إلى أن الدول الداعمة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة وألمانيا، يجب أن تحترم التزاماتها أيضًا.

وأضاف سول: «بموجب القانون الدولي، لا يجوز نقل الأسلحة أو الذخيرة إلى دولة قد تستخدمها في ارتكاب جرائم حرب».

أين تقف الدول الغربية الأخرى؟

قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني يوم الخميس إن كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

وأوضح كارني أن قراره يستند إلى إيمان كندا «الراسخ منذ زمن طويل» بحل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود.

ويأتي ذلك بعد تحذير المملكة المتحدة لإسرائيل، الثلاثاء الماضي، من أنها ستتبع فرنسا وأكثر من 140 دولة عضوًا في الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما لم تتخذ إسرائيل خطوات عاجلة لتخفيف معاناة سكان غزة.
أما ألمانيا، فقالت الأسبوع الماضي إنها لا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في المدى القريب، مؤكدة أن أولويتها هي تحقيق «تقدم ملموس» نحو حل الدولتين.

في المقابل، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني السبت الماضي إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل قيامها قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

وفي العام الماضي، اعترفت أيرلندا والنرويج وإسبانيا بدولة فلسطينية على أن تُرسم حدودها كما كانت قبل حرب 1967، حين سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

لكن هذه الدول أقرت أيضًا بأن الحدود قد تتغير خلال أي مفاوضات نهائية للتوصل إلى تسوية شاملة، وأكدت أن قراراتها لا تقلل من حق إسرائيل الأساسي في الوجود بسلام وأمن.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

نشر في:

By Ewa Staszewska, Cameron Carr
تقديم: Rayan Barhoum
المصدر: SBS

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand