سلمي علي* تعيش في أستراليا منذ عام 2016 لكنها تقول إنها لو عاد بها الزمن لعادت إلى الخليج مرة أخرى.
النقاط الرئيسية
- تصف سلمى كيف أنها في السعودية كانت تستعين بالعمالة المنزلية للقيام بجميع المهام مثل الطبخ والتنظيف والغسيل
- منذ اكتشاف النفط في القرن الماضي اعتمدت خطط التنمية والتحديث والتصنيع في دول الخليج بشكل كبير على الموظفين الأجانب
- محمد دهيم يقول إنه لم يشعر يوما أن الخليج يمكن أن يكون وطنا له
عاشت سلمى وعملت هي وزوجها في المملكة العربية السعودية بين عامي 2005 و2016.
تقول سلمى: "رغم أني كنت أعمل بدوام كامل كنت أجد وقتا لنفسي وللنزهات في الخارج مع أصدقائي."
تصف سلمى كيف أنها في السعودية كانت تستعين بالعمالة المنزلية للقيام بجميع المهام مثل الطبخ والتنظيف والغسيل.
"لم أكن أقوم بأي من الأعمال المنزلية بنفسي."
سلمى تشرح أيضا كيف أن المرتبات في دول الخليج مجزية وأنها وزوجها لم يكونا يدفعان الضرائب.
"توفر أيضا بعض الشركات المسكن لموظفيها وتقوم بتحمل مصاريف المدارس الدولية وهو ما لا يحدث هنا. تكاليف السكن هنا رهيبة."
سلمى تعمل طبيبة أسنان ولكنها تقول إنها هنا بالكاد تستطيع الادخار. هذا بالإضافة إلى الإرهاق الذي تعاني منه بسبب تحملها معظم أعباء الأعمال المنزلية.
"من الصعب الاستعانة بالعمالة المنزلية هنا في أستراليا أو حتى طلب الطعام من الخارج. إنه شيء مكلف جدا."
أحد عيوب الحياة في أستراليا أيضا من وجهة نظر سلمى هو صعوبة السفر إلى العالم العربي بسبب بعد المسافة وتكلفة الرحلة.
"المكان بعيد للغاية وتذاكر الطيران غالية جدا. وحتى لو استطاع الشخص ادخار المال الكافي لتغطية تكاليف السفر فإن الرحلة مرهقة للغاية."
تتذكر سلمى كيف أن رحلة الطيران من مدينة جدة إلى القاهرة كانت لا تستغرق أكثر من ساعة وتذكرة الطيران كانت لا تكلف في بعض الأحيان أكثر من 500 ريال (200-300 دولار أسترالي).
"كنا نستطيع السفر والعودة في عطلة نهاية الأسبوع مثل أي رحلة داخلية."
عادت سلمى مؤخرا من إجازة في القاهرة وتقول إنها بسبب طول الفترة التي قضتها هناك ضاعت على ابنتها فرصة أداء امتحان NAPLAN.
ترى سلمى أن النظام المدرسي لا يلبي احتياج المهاجرين لإجازة طويلة يمكنهم خلالها السفر إلى بلدانهم.
"المدارس أيضا لا تساعد كثيرا فيما يتعلق بالإجازات الطويلة. لذلك قد يتأثر مستوى الأطفال الدراسي."
الميزة في أستراليا بحسب رأي سلمى هي الإقامة والجنسية.
"لا يهم كم من الوقت قضيت في الخليج. في أي لحظة من الممكن أن يطلب منك الرحيل. مع بدأ السعودة تم فصل زوجي الذي يعمل في مجال الصيدلة من عمله لأنه اصبح من المطلوب استبدال العاملين الأجانب بالمواطنين."
منذ اكتشاف النفط في القرن العشرين اعتمدت خطط التنمية والتحديث والتصنيع في دول الخليج بشكل كبير على الموظفين الأجانب لأن المواطنين يمثلون أقلية من الموظفين ويعملون إلى حد كبير في القطاع العام.

People make the most of the day in Dubai, United Arab Emirates, 29 May 2022. Source: EPA
رغم الانتقادات التي توجه أحيانا لدول الخليج بسبب أنظمة التوظيف التي يرى البعض أنها تنتهك حقوق العمالة الأجنبية مثل نظام الكفالة وظروف العمل التي توصف بالقاسية في بعض الأحيان، إلا أنها ظلت لفترة طويلة مقصدا للعمالة الأجنبية الباحثة عن تحسين ظروفها المعيشية.
تشكل العمالة الأجنبية أكثر من 80 في المائة من سكان الإمارات وقطر و70 في المائة من سكان الكويت و55 في المائة من سكان البحرين.
على مدى عدة عقود أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من المبادرات لزيادة نسبة موظفيها من المواطنين.
تلك المبادرات كان لها انعكاسات كبيرة على العمالة الأجنبية وخاصة العربية في تلك الدول التي باتت تشعر بعدم الاستقرار والخوف من المستقبل.
ترك كثير من المهاجرين المهنيين مؤخرا رفاهية الخليج إما قسراً بسبب فقدان الوظائف أو طوعا بحثا عن استقرار طويل الأمد وحقوق سياسية وتعليم أفضل.
محمد دهيم الذي عاش وعمل في السعودية لمدة ثماني سنوات قبل الانتقال إلى أستراليا يقول إنه خلال العقد الماضي تغيرت طبيعة المهاجرين العرب إلى أستراليا.
"منذ عام 2014 بدأ الكثيرون في الانتقال من الخليج إلى استراليا بسبب برامج توظيف المواطنين وبسبب التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية."
محمد الذي هاجر إلى أستراليا عام 2009 يقول إنه يتفهم شعور الحسرة الذي يشعر به البعض بعد الانتقال من الخليج إلى أستراليا بسبب فقدان المكانة والامتيازات المادية وتحديات تربية الأولاد في بيئة غربية.
لكنه يشرح كيف أنه لم يشعر يوما أن الخليج يمكن أن يكون وطنا له.
"حياة الخليج ليست خطة طويلة المدى. إنه مثل حشو الضرس المؤقت. فد يستمر معك عاما أو عامين وقد ينكسر غدا."
يرى محمد أن أحد مميزات الحياة في أستراليا أيضا هي الحريات السياسية التي يتمتع بها المواطنون.
"في أستراليا أشعر أنني في وطني. أستراليا تمنحني بيتا وحرية. يمكنني أن أعبر عن رأيي بحرية كيفما أشاء بدون حسابات."
يشير الكثير من التقارير إلى وجود نظام هرمي للعمالة المهاجرة في دول الخليج على رأسه العمالة القادمة من الغرب.

Foreign construction workers qleave a construction site in Doha, Qatar, 19 November 2013. Source: EPA
يقول الباحثون إن حاملي جوازات السفر الغربية في دول الخليج – كما هو الحال في مدن أخرى في الشرق الأوسط – يحصلون على العديد من المزايا مثل الوظائف المرموقة والرواتب المرتفعة والمنازل الفارهة وأنماط الحياة المريحة.
يقول محمد أن كثيرا من المهاجرين العرب القادمين من الخليج إلى أستراليا يمنون أنفسهم بالحصول على جواز السفر الأجنبي والعودة إلى هناك مرة أخرى بوضع افضل.
ورغم أن بعض المحللين يقولون إن اقتصادات دول الخليج في طريقها إلى التعافي من تداعيات وباء كوفيد-19، إلا أن آفاق العودة إلى العمل هناك لا تبدو واعدة للكثيرين.
تقول سلمى أن العودة إلى الخليج أصبحت مستحيلة بالنسبة لهم.
"السن يشكل عاملا مهما. لن نستطيع إيجاد عمل الآن ونحن في الأربعينات من عمرنا. وبرامج توظيف المواطنين بدلا من العمالة الأجنبية تجعل إيجاد فرص عمل أصعب."
ورغم حصول سلمى وأسرتها على الجنسية الأسترالية إلا أنها تتساءل: "ماذا بعد؟"
"حصلت على الجنسية والباسبور الأسترالي ولم أفعل بهما شيئا. أعتقد أن من يستفيدون من ذلك هم الذين يسافرون كثيرا أو لديهم أعمال تجارية في الخارج."
تصف سلمى موضوع الحصول على الجنسية الأسترالية بأنه " overestimated".
يرى محمد أن أغلب مشاكل المهاجرين القادمين من دول الخليج هي عدم تأهيل أنفسهم بشكل جيد للتغيرات القادمة وضبط سقف التوقعات.
"المشكلة أن الناس يهاجرون وهم عين في الجنة وعين في النار. يريدون ميزات هنا وهناك وهذا صعب."
بسبب عدم حصول زوج سلمى على عمل مستقر في أستراليا فإنه ذهب في رحلة إلى مصر لبحث إمكانية إنشاء عمل تجاري هناك والعودة إلى الوطن من جديد.
"أنا ضد هذه الفكرة ولكن زوجي مثل أي رجل شرقي يرفض الاعتماد على دخلي أنا من العمل."
ترى سلمى أن أستراليا أفضل من مصر ولكن في رأيها الخليج هو الأفضل.
"الحياة في مصر باهظة التكاليف. يجب أن يحصل الشخص على راتبه بالعملة الأجنيبة حتى يستطيع الحياة. هذا بالإضافة إلى غياب النظام."
حال قرر زوج سلمى العودة إلى مصر سوف يغادر هو وابنها الأكبر وستبقى هي هنا في أستراليا مع أطفالها الصغار.
"يجب أن يكون هناك فرصة للعودة. ماذا إذا انتقلوا إلى مصر وبعد عدة أشهر قرروا العودة مرة أخرى إلى أستراليا؟"
* تم تغيير الاسم حفاظا على الخصوصية.