وفقاً للجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية (ACCC)، سجل مركز مكافحة الاحتيال الوطني "Scamwatch" أكثر من 108 آلاف بلاغ، في حين ارتفعت الحالات التي ترتّبت عنها خسائر مالية فعلية بنسبة 40.5%، وكانت النسبة أعلى لدى الفئات الأكثر عرضةً للمخاطر مثل الناطقين بالإنجليزية كلغة ثانية بنسبة 44%، وسكان أستراليا الأصليين بنسبة تجاوزت 55%.
خسائر فادحة من التصيّد والاحتيال في التسوّق
أشارت الإحصاءات إلى أن خسائر الأستراليين من عمليات "التصيد الإلكتروني" بلغت نحو تسعة عشر مليوناً وخمسمئة ألف دولار خلال النصف الأول من العام، مدفوعة بانتشار الاحتيال عبر انتحال شخصيات في مجال العملات الرقمية. كما استقبل "Scamwatch" أكثر من 6300 بلاغ عن خسائر في عمليات تسوّق وهمية عبر الإنترنت، وهي الفئة التي سجلت أعلى معدل خسائر بين جميع أنواع الاحتيال.
وقالت نائبة رئيس لجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية كاترينا لو، إنّ "التكنولوجيا تمنح المحتالين القدرة على الوصول إلى أعداد أكبر من الناس، كما أن أساليبهم باتت أكثر تطوراً وصعوبة في الكشف"، مؤكدة أنّ "الاحتيال لا يميز بين شخص وآخر، ولهذا فإنّ تعزيز الوعي والحوار المفتوح بين العائلات والمجتمع أمر جوهري".
الذكاء الاصطناعي.. السلاح الجديد للمحتالين
المخاوف الأكبر، بحسب الخبراء، تتمثل في صعود جيل جديد من أساليب الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل تقليد الأصوات (Voice Cloning) أو مقاطع الفيديو المزيفة بتقنية "deepfake"، والتي تُستغل في انتحال شخصيات المشاهير أو حتى أفراد العائلة.
الرئيس التنفيذي لرابطة المصارف الأسترالية، سايمون برمنغهام، أوضح أنّ الذكاء الاصطناعي أصبح "السلاح المفضل" للمحتالين، قائلا: "نعيش اليوم في عالم يتيح فيه التقدّم في تقنيات الفيديو والصوت المولّدة بالذكاء الاصطناعي للمجرمين أن يقلّدوا أصوات أقرب الناس إلينا، أو حتى موظفي المصارف، بهدف سرقة الأموال". وأضاف: "رغم أنّ المصارف تستعين بالذكاء الاصطناعي نفسه لمواجهة هذه التهديدات، تبقى يقظة العملاء خط الدفاع الأول".
جهود المصارف وحملات التوعية
أظهرت بيانات مصرف "ANZ" انخفاض خسائر عملائه من الاحتيال بنسبة 15% بين تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحزيران/ يونيو الجاري، بعد أن نجح البنك في إحباط محاولات احتيال بقيمة مئة مليون دولار خلال تسعة أشهر. وأكّد رئيس قسم حماية العملاء، شاك جونسون، أنّ "وعي العملاء المتزايد وتفاعلهم مع أدوات الحماية ساعد كثيرًا في تقليص الخسائر".
أما بنك الكومنولث فقد أعلن في آب/ أغسطس الجاري عن تراجعٍ حاد بلغ 76% في خسائر عملائه من الاحتيال مقارنة بذروة عام 2023، بعد أن خصَّص نحو مليار دولار بين عامي 2024 وألفين و2025 لتعزيز أنظمة الحماية، بما في ذلك إطلاق تقنيات دفاعية جديدة لمكافحة الاحتيال.
معركة مفتوحة بين الوعي والخداع
وبينما تؤكد لجنة المنافسة والمستهلك أنّ الخسائر الحالية لا تزال أقل بنسبة 39% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، يبقى التحدي قائمًا مع استمرار تطور أساليب المحتالين.
كاترينا ختمت بالقول: "من المؤلم أن نرى هذا العدد الكبير من الضحايا، لكن من المشجّع أن الأستراليين باتوا أكثر استعداداً للإبلاغ وطلب المساعدة، وهو ما يمنحنا قدرة أكبر على ملاحقة شبكات الاحتيال وتعطيلها".